طباعة هذه الصفحة

مختصون في علم الاجتماع يؤكدون في عنابة

على الأولياء والجمعيات التحرك لحماية الأطفال من الانتحار

على الأولياء والجمعيات التحرك  لحماية الأطفال من الانتحار
  • القراءات: 637
❊ سميرة عوام ❊ سميرة عوام

أكد مختصون في علم الاجتماع بجامعة «باجي مختار» في عنابة، على ضرورة مناقشة ملف انتحار الأطفال والقصر بعد تسجيل 4 حالات انتحار لتلاميذ المدارس بعنابة، وهو مؤشر خطير ينذر بتزايد عدد هذه الحالات التي أقدمت على عملية الانتحار، بسبب الاستغلال العشوائي للأنترنت، إلى جانب عدم مراقبة الوالدين لأبنائهم.

طالب أساتذة علم الاجتماع بجامعة عنابة، من الجهات المعنية والجمعيات الفاعلة في المجتمع، خاصة التي تهتم بالطفل، وكذلك الإعلام، بفتح قنوات الإصغاء والحوار مع التلميذ والأولياء، إلى جانب التركيز على تخصيص حملات تحسيسية أخرى ينظمها المختصون والمعلمون والأساتذة، بالتنسيق مع مصالح الأمن، وزيارة المؤسسات التربوية، ومن ثمة شرح آليات مراقبة التلميذ، خاصة في الطورين الإبتدائي والمتوسط، الذي بات متورطا في بعض القضايا الشائكة دون فهمها، وهو أمر خطير يجب الالتفات إليه.

تحدث بعض المختصين في علم الاجتماع عن ظاهرة الانتحار، التي يعتبرونها قديمة بالنسبة للأطفال، لكن قليلة جدا، وكان سبب حدوثها طلاق الوالدين أو مشاكل في الأسرة أو تناول المخدرات من طرف القصر، والتي تساهم هي الأخرى بنسبة 15 بالمائة في دفع الطفل إلى وضع حد لحياته، وإن كان بأخذ جرعة زائدة من المخدرات، لكن الشكل الجديد لانتحار أطفال المدارس بعنابة، الذين تتراوح أعمارهم  خلال الإحصاءات الأخيرة الخاصة بالمنتحرين بين 13 و16 سنة، هو الدخول إلى مواقع الأنترنت التي تحولت إلى نقمة بسبب لعبة «الحوت الأزرق» التي تعتبر نقطة سوداء بالنسبة للمراهقين والقصر، حيث تغويهم في اللعب وتوهمهم بأشياء يجهلها الطفل بسبب عالمه البريء، وتكون النهاية وخيمة، وهي شنق نفسه، وهو ما حدث مؤخرا ببلدية سيدي عمار، حيث عثر على الضحية، وهو تلميذ في المتوسط عمره 12 سنة، مشنوقا بواسطة حبل وعلى ذراعه رسوم لبعض الأشكال غير المفهومة. ليضيف المصدر أن مثل هذه الألعاب المحظورة تساهم في تحويل الطفل إلى شخص عنيف ومضطرب نفسيا، وقد يعيش على هذه الحال لمدة أسبوع أو أكثر، وعند إهماله يجد نفسه تعمق في الحزن والاكتئاب الداخلي، ومنه يلجأ إلى الانتحار.

في سياق آخر، ربط أساتذة علم الاجتماع هذه الظاهرة بالعنف داخل المجتمع والانحلال الأخلاقي والمشاكل الاجتماعية الأخرى، ناهيك عن عدم توعية الصغير الذي يجد فراغا عاطفيا، وبعض المشاكل التي تتسبب في تورطه في قضايا تجاوز عمره. وبلغة الأرقام، بلغت نسبة العنف المدرسي الذي يعد هو الآخر من الأسباب الرئيسية التي تدفع القصر إلى ارتكاب الأخطاء، نحو 41 بالمائة، بعد أن كان في عنابة خلال سنة 2016 يفوق 55 بالمائة، وهو التراجع الذي أرجعه المختصون إلى تحرك الجهات المختصة، وتكفّل الأطباء بتلاميذ المدارس، حيث عرفت الحالة تراجعا خلال السنة الماضية، لكن المختصين أشاروا إلى أن الحذر يبقى مطلوبا، مع العمل بجد لاحتواء مثل هذه المشاكل التي يليها عنف الشارع وتعرض الطفل للاغتصاب والاعتداء عن طريق الضرب من طرف بعض المنحرفين وحتى الآباء والمتمدرسين، هذا كذلك يساهم في  اضطراب الأطفال الذين يفضلون العزلة، حيث يجدون في الأنترنت رفيقا لهم، وبعدها لا يجدون من حل إلا الدخول والتوغل في المواقع المحظورة والألعاب الخطيرة.

على صعيد آخر، أكد أساتذة علم الاجتماع بجامعة عنابة، على دور الأولياء ومرافقة أطفالهم وفتح الحوار معهم والاستماع لكل انشغالاتهم، وحلها بليونة دون استعمال العنف والضرب، وإقناعهم بعدم متابعة بعض المواقع، مع تكثيف برامجهم، من خلال تسجيلهم في النوادي الرياضية، مثل السباحة، الجمباز، كرة القدم وحتى المكتبات الخاصة بهدف االمطالعة، أو اصطحابهم في رحلات. مشيرين إلى أن كل هذه الأمور تساعد التلميذ على فتح قلبه لأبويه وإخبارهما عن يومياته، ومنه تشجيعه على الدراسة ومكافأته بالهدايا متى أتيحت الفرصة.

في سياق متصل، طالب المختصون في علم الاجتماع بتدخل المعلمين في المدارس والتواصل مع الأولياء إذا لوحظ تغير في تصرف التلميذ، للتعاون وإنقاذ الأطفال من مخاطر الأنترنت والتدخين والمخدرات والآفات الأخرى.

للإشارة، أخدت ظاهرة الانتحار في عنابة منحى خطيرا، وقد نظمت مصالح الأمن خلال الأسابيع الأخيرة حملات تحسيسية في الشوارع والمدارس، وحتى المكتبات والساحات المخصصة للعب  الأطفال، من أجل توعيتهم والتركيز على خطورة الأنترنت، إلى جانب الجميعات المهتمة بالطفل التي ستعمل خلال الأسبوع القادم، على تنظيم خرجات إلى المنازل، والتنسيق مع العائلات لحماية الأطفال من خطورتها.

سميرة عوام