أمينة سيدهم تكتب لدعم المرضى:

العمل الإنساني لا عنوان له

العمل الإنساني لا عنوان له
  • القراءات: 414
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

تتحدث السيدة أمينة سيدهم، معلمة اللغة الفرنسية وكاتبة، في هذه الدردشة مع «المساء»، عن تجربتها مع الأطفال المصابين بالسرطان، وكيف قررت أن تحول هوايتها بدافع إنساني إلى وسيلة لدعم ومساعدة هذه الفئة، التي تعاني في صمت بين وجع المرض وألم العلاج الكيميائي.

تقول السيدة أمينة في بداية حديثها لـ»المساء»، على هامش مشاركتها مؤخرا في معرض للصناعات التقليدية بمترو الجزائر، أن الكتابة لم تكن مطلقا ضمن طموحاتها، وإنما كانت وليدة تجارب شخصية عاشتها، خلّفت في نفسها أوجاعا، لم تجد من وسيلة للتعبير عنها إلا الكتابة. ومن هنا تردف «بدأت قصتي مع عالم الكتابة مع أول كتاب أنجزته وهو عبارة عن سرد لتجربتي الشخصية رفقة إخوتي، وما عانيناه من ظلم وتهميش من طرف العائلة بعد وفاة والدنا الذي فارق الحياة في سن مبكرة، بعد إصابته بسرطان الدم، بعدها فكرت في كتاب آخر بعنوان «العزيزة» الذي كان عبارة عن مقتطفات شعرية تتناول مواضيع مختلفة، ومنها مرضى السرطان».

تقول السيدة أمينة بأن سر اهتمامها في الحقيقة بالأطفال المصابين بمرض السرطان، كان وليد تجربة عاشتها مع سيدة مصابة بسرطان الثدي، قصدتها يوما في المدرسة التي كانت تعمل بها، وتضيف «طلبت مني مساعدتها وأذكر جيدا أن السيدة كان اسمها بديعة من بودواو، ورغم أنني لم أكن أعرفها ولم تكن لدي أية علاقة بالمرضى، إلا أنني رغبت في مساعدتها من باب الإنسانية، وبحكم ترددي على المؤسسة الاستشفائية رفقة بديعة للعلاج، كثيرا مع كنت أرى الأطفال المرضى يركضون ويلعبون بين غرف المستشفى، غير واعين بحقيقة مرضهم، فقررت أن أقوم رفقة تلاميذي بمبادرة أدخل بها السعادة على قلوبهم، حيث جمعنا بعض الألعاب والحلويات، وقمنا بتوزيعها عليهم»، وقالت بأن هذه الخطوة جعلتها تقف وقفة مع النفس للتساؤل حول ما إذا كان بإمكانها تدعيم هذه الفئة بما تقوم بكتابته، ومن هذه اللحظة قررت أن توجه مداخيل ما تكتبه إليها.

حب السيدة أمينة الكبير للأطفال المرضى واحتكاكها الدائم بهم، دفعها إلى التفكير في تأليف كتاب جديد، لكن هذه المرة سيكون مختلفا، حيث قررت أن تنقل معاناة المرضى على صفحات كتابها الجديد، وقالت «اخترت هذه المرة أن  يكون كتابي مخصصا لهذه الفئة، والرسالة التي ارتأيت أن أوصلها للناس عموما، هي الالتفات إلى هذه الفئة التي تحتاج دائما إلى من يتذكرها ويقاسمها محنة هذا المرض، حقيقة هم أطفال أغلبهم لا يدركون مرضهم، غير أن تواجدهم بالمستشفيات وخضوعهم للعلاج يدخلهم في حالة من الاكتئاب ويؤثّر على حالتهم النفسية، من أجل هذا، أتمنى أن يبادر الأشخاص بدافع إنساني، إلى إدخال الفرحة على قلوبهم، بعيدا عن المناسبات التي عادة ما يتذكرهم فيها النشطاء ببعض الجمعيات».

لم تخف السيدة أمينة تأثر نفسيتها بوفاة الأطفال الذين تعودت على زيارتهم، وتذكر في هذا الخصوص قصة ظلت عالقة في ذاكرتها، إذ تقول «قررت يوم زيارتي المعتادة للأطفال المرضى أن أشتري سيارة جميلة للطفل «ماسينيا» من ولاية بجاية، كان قريبا جدا مني، ولشدة إعجابي بالسيارة ويقيني الكامل بأنه سيفرح بها كثيرا، كنت جد متحمسة لمفاجأته بها، وعندما دخلت الغرفة وبحثت عنه، لم أجده، وبلغني بأنه فارق الحياة، في تلك الأثناء لم أصدق الخبر، وأذكر أنني شعرت بصدمة وانهمرت دموعي بشدة».. تصمت قليلا وتذكر قصة أخرى أثرت هي الأخرى في نفسيتها كثيرا، وجعلتها تعيش حالة نفسية صعبة، وهي قصة فتاة اشترت لها دمية، وأصرت على أن تقدمها لها وهي على فراش الموت، تقول «كم كانت صدمتي كبيرة، وأنا أنظر إليها بعد وفاتها وهي تعانق الدمية مبتسمة» واليوم، تضيف «رحلتي مع المرضى تزيد عن 12 سنة،  ورغم ما أعانيه يوميا من ألم نفسي، قررت أن أسخر حياتي لإسعاد هذه الفئة إلى آخر يوم في حياتي». مشيرة إلى أن العمل الذي تقوم به ليس سهلا على الصعيدين الشخصي والواقعي، لأنها واجهت الكثير من العراقيل لمساعدة هذه الفئة، ومع هذا رفعت التحدي، لاسيما أن بعض الأشخاص ساعدوها، خاصة فيما يخص طبع ما تؤلّفه من كتب.

وردا عن سؤال «المساء» حول ما إذا لم تفكر في التأسيس لجمعية تعتني  بالأطفال المرضى، كونها تقدم خدمة إنسانية، أكدت أنها لا تفكر مطلقا في التأسيس لجمعية، لأن العمل الإنساني لا عنوان له، رغم أنها تقول «أملك مقرا ببلدية باب الوادي، غير أنني فضلت أن أعمل بكل حرية وأتصل بالمرضى متى شئت، ويظل دائما دافعي الوحيد حبي الكبير للأطفال».

 

رشيدة بلال