رئيسة الوزراء الفرنسية في الجزائر الأحد القادم

العلاقات الجزائرية– الأوربية.. الجزائر تفرض منطقها

العلاقات الجزائرية– الأوربية.. الجزائر تفرض منطقها
  • القراءات: 703
     مليكة. خ مليكة. خ

علاقات سياسية ودبلوماسية بإحترام متبادل

تعاون و شراكة وفق قاعدة رابح ــ رابح

ينتظر أن تعطي زيارة رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، إلى الجزائر يومي 9 و10 أكتوبر الجاري، بعدا جديدا في علاقات التعاون الثنائي، خاصة وأنها تتزامن وانعقاد الدورة الخامسة للجنة الحكومية الرفيعة المستوى والتي ستركز أساسا على المسائل الاقتصادية والتحوّل البيئي. وتأتي زيارة بورن، لتثبيت الشراكة التي اتفق عليها الجانبان وإعادة التأكيد على تعزيز الصداقة بين البلدين وتعميق التعاون الثنائي في مجالات ذات الاهتمام المشترك وذلك بعد مرور شهر على زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى الجزائر والتي أنهت "جفاء" اعترى العلاقات الثنائية خلال الأشهر الماضية.

ويرى مراقبون أن الملفات الاقتصادية وفق قاعدة "رابح ــ رابح" التي تتمسك بها الجزائر في سياق الحفاظ على سيادتها، ستطغى على هذه الزيارة أكثر من باقي الملفات السياسية والامنية والتاريخية والثقافية، التي نوقشت خلال الزيارة الأخيرة للرئيس ماكرون، والتي تم خلالها إصدار إعلان مشترك لإعادة إطلاق العلاقات الثنائية. وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أكد بمناسبة تلك الزيارة على إعادة إطلاق عديد اللجان الحكومية بما فيها اللجنة الحكومية الرفيعة المستوى واللجنة الاقتصادية الجزائرية ــ الفرنسية المشتركة ولجنة الحوار الاستراتيجي الجزائرية ــ الفرنسية إلى جانب تكثيف الزيارات رفيعة المستوى والتعاون على جميع المستويات والتبادلات التجارية.

دخول الملفات الحيوية قيد التنفيذ

وينتظر أن تدخل الملفات الحيوية التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة الرئيس ماكرون قيد التنفيذ، من خلال مسؤولي القطاعات الوزارية الذين سيرافقون رئيسة الجهاز التنفيذي الفرنسية إلى الجزائر، حيث سيلتقون نظراءهم الجزائريين من أجل وضع آخر اللمسات عليها. وتحضيرا لهذه الزيارة، تحادث الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان في مكالمة هاتفية مع اليزابيت بورن، أكد المسؤولان من خلالها على الإرادة السياسية التي تحذو قائدي البلدين للعمل على تعزيز العلاقات الثنائية بينهما. كما انعقدت الدورة الثامنة للمشاورات السياسية للبلدين على مستوى الأمينين العامين لوزارتي الشؤون الخارجية يوم الجمعة الماضي، لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقيات والبروتوكولات المقرر التوقيع عليها خلال هذه الزيارة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي عرفت فيه المعاملات التجارية بين البلدين خلال السنوات الأخيرة تأرجحا في ظل وجود منافسين اقتصاديين جدد، على خلفية حرص الجزائر على توسيع دائرة شركائها. ووصفت تقديرات وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية لسنة 2021، حجم المبادلات التجارية بالمعتبر، بعد أن بلغت قيمتها 7,95 مليار أورو، منها 3,7 مليار أورو صادرات فرنسية باتجاه الجزائر و4,3 مليار أورو واردات فرنسية من الجزائر.

كما تندرج هذه الزيارة في سياق الوضع الجديد الذي تعيشه أوروبا بسبب الأزمة الطاقوية التي أفرزها النزاع الروسي ـ الأوكراني، وتأثير ذلك على التموين بالغاز الطبيعي بعد توتر العلاقات بين موسكو والدول الاوروبية ، خاصة وأنه لا تفصلنا سوى أشهر قليلة عن فصل الشتاء، ما ينذر بوضع صعب على القارة العجوز. وتتطلع باريس للاستفادة من الاتفاق المبرم مؤخرا مع الجزائر، والذي سيضمن تصدير كميات إضافية من الغاز إلى مجمع "إنجي" عبر خط أنبوب نقل الغاز ميدغاز، مع مراجعة سعر بيع الغاز التعاقدي المطبق على مدى ثلاث سنوات والممتد إلى غاية سنة 2024.

كما تراهن أوروبا على الجزائر لإمدادها بالغاز الطبيعي خاصة في ظل العلاقات المتميزة التي تربطها بدول أوروبية، على غرار ايطاليا التي استفادت من إمدادات الغاز الجزائري اليومية عبر خط أنابيب "ترانسماد-إنريكو ماتاي"، والتي بلغت رقما تاريخيا لم تصله من قبل، في أعقاب اتفاق البلدين على رفع الكميات، بعد أن وصل معدل الضخ إلى 85 مليون متر مكعب يوميا، ما يعني إمكانية تزويد ايطاليا بـ1 مليار متر مكعب من الغاز في ظرف 12 يوما فقط.

وساهمت اللقاءات التي جمعت مؤخرا رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون بنظيره الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، وكذا برئيس مجلس الوزراء الإيطالي السابق، ماريو دراغي، في توثيق الشراكة الطاقوية بين البلدين، في الوقت الذي عرفت فيه العلاقات الجزائرية ــ الإسبانية فتورا جليا بعد أن انقلاب مدريد على موقفها المبدئي من القضية الصحراوية، ما دفع بالجزائر إلى تجميد معاهدة الصداقة معها.

ويبدو أن مدريد، أدركت حجم الخطأ الذي وقعت فيه نتيجة السياسة المندفعة لرئيس وزرائها، بيدرو سانشيز الذي لم يخف رغبته في أن يكون الضيف الأوروبي المقبل للجزائر، حيث قال في ندوة صحفية مع المستشار الألماني أولف شولتز، على هامش مشاركته ضيفا في اجتماع الحكومة الألمانية حول الأمن والطاقة "قبل شهر، يسعدني أن أكون أنا من يذهب إلى الجزائر". ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل بدا المسؤول الاسباني حذرا في معاملاته مع الملك محمد السادس، بدليل أنه تحاشى لقاءه بداعي اصابته بفيروس كورونا .

ويأتي ذلك في الوقت الذي ينتظر أن تحتضن الجزائر الاجتماع السنوي الرابع رفيع المستوى لحوار الطاقة بين الجزائر و الاتحاد الاوروبي يوم 10 أكتوبر الجاري، في سياق بحث الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين في مجال تنمية الاستثمارات في استكشاف وإنتاج المحروقات وآفاق تنمية صناعة الغاز وتطوير الهيدروجين والكهرباء والتعاون في مجال الطاقات المتجددة والكفاءة الطاقوية في الجزائر.