بعد أن وصفها بالدولة المارقة

ترامب على بعد خطوة من إلغاء الاتفاق النووي مع إيران

ترامب على بعد خطوة من إلغاء الاتفاق النووي مع إيران
  • القراءات: 1077
م/مرشدي م/مرشدي

بات في حكم المؤكد أن الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تسير بخطى حثيثة باتجاه إعادة النظر في الاتفاق النووي الذي وقعته الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا من جهة وإيران من جهة ثانية شهر جويلية سنة 2015.

وكان خطاب الرئيس الامريكي أمام الجمعية العامة الأممية مؤشرا قويا في هذا الاتجاه وتتويجا لسيل الانتقادات التي كالها دونالد ترامب سواء خلال الحملة الانتخابية أو بعد توليه مقاليد السلطة في واشنطن للرئيس باراك أوباما وراح في كل مرة يهدد بالانسحاب من الاتفاق بمبرر أنه منح إيران تغطية قانونية لمواصلة أبحاثها النووية دون إحراج ودون عقوبات اقتصادية.

وصبت تصريحات كاتب الخارجية الامريكي ريكس تليرسون أمس في نفس سياق هذه الرغبة عندما ربط التزام بلاده بمضمون هذا الاتفاق بحتمية تعديل بنوده وإدخال تغييرات جذرية عليه.

وتكون الولايات المتحدة بذلك قد أخلت بتعهدات إدارتها السابقة ووجهت صفعة قوية للرئيس الامريكي المغادر ووضعت أيضا الدول الكبرى الموقعة عليه في حرج كبير، بما قد يدفع بها إلى اتخاذ موقف موحد ضد «الخرجة» الأمريكية التي تجاهلت الجهود الدبلوماسية التي بذلت على أكثر من صعيد وفي كل العواصم المعنية بملف هذا القضية.   

وقال كاتب الخارجية الأمريكي لتبرير انقلاب بلاده على التزاماتها بدعوى أن الاتفاق تضمن خطأ تقديريا جوهريا كونه اتفاق ظرفي ولم يحسم أمر الأنشطة النووية الإيرانية بشكل نهائي وصارم وخاصة وأن الحظر المفروض على الأنشطة النووية الإيرانية سيرفع بحلول سنة 2025.

وإذا سلمنا بأن الولايات المتحدة ستسير في سياق التهديدات التي ما انفك يلوح بها الرئيس ترامب وتأكيد ذلك بشكل نهائي أمام أعضاء الكونغرس منتصف الشهر القادم، فإن ذلك يعني أن الاتفاق أصبح في حكم الماضي وبالتالي العودة بهذا الملف إلى نقطة الصفر مع كل التداعيات التي قد يخلفها على اتفاق جاء بعد ولادة عسيرة استمرت لعدة سنوات وحتم على مختلف القوى العالمية المساهمة في التوصل إليه.

والمؤكد أن تراجع الولايات المتحدة عن موقفها إزاء اتفاق دولي بأهمية الاتفاق النووي الإيراني سيضع روسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين الموقعة على الاتفاق في وضع حرج ويشكل ضربة قوية لصورتها كقوى فاعلة في رسم السياسات الدولية.

فهل ستخضع موسكو مثلا وبكين وباريس ولندن وحتى برلين لرغبة الادارة الأمريكية مع كل تبعات ذلك على صورتها في العالم؟ أم أنها ستكون مضطرة هذه المرة للوقوف في وجه التعنت الامريكي واتخاذ موقف موحد ورافض للذرائع التي رفعها الرئيس ترامب لتبرير موقفه وبالتالي رفضها الالتزام بفرض عقوبات اقتصادية ومالية على إيران كما راح يلوح بذلك الرئيس الامريكي. 

وسيكون ذلك بمثابة إشكالية بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي جعلت وزيره للخارجية يؤكد على ضرورة الحصول على دعم دول أوروبية وغير أوروبية للضغط على إيران وإقناعها بالدخول في مفاوضات جديدة من أجل تعديل بنود الاتفاق، واعتبر ذلك شرطا للالتزام بمضمونه.

وحتى وإن عادت هذه العواصم إلى طاولة المفاوضات فإن إيران سوف لن تقبل بذلك لأنها ستزداد اقتناعا أن الولايات المتحدة إنما تريد من خلال ذلك تركيعها خدمة لمصالح قوى إقليمية وعلى رأسها إسرائيل التي أبدت رفضها الالتزام بمضمون هذا الاتفاق ومازالت تهدد بضرب المنشآت النووية الإيرانية في تحد معلن لكل العالم.

وهو موقف سيؤكد عليه الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي سيخطب أمام الجمعية العامة الأممية بـ»لا» كبيرة لكل مقاربة لإعادة النظر في اتفاق اعتبرته بلاده في حينه بأنه تضحية كبيرة ورغبة منها في تجنيب المنطقة تبعات قبضة حديدية مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة.