تلبية لدعوة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني

الرئيس تبون يحضر حفل افتتاح كأس العالم بقطر

الرئيس تبون يحضر حفل افتتاح كأس العالم بقطر
  • 997
مليكة.خ مليكة.خ

❊ الجزائر وقطر.. توافق سياسي وشراكة إستراتيجية واعدة

توجه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمس، إلى دولة قطر لحضور الحفل الافتتاحي لمباريات كأس العالم لكرة القدم التي تنطلق فعالياتها اليوم. وذلك بدعوة  من أخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر الشقيقة.

ويأتي حضور رئيس الجمهورية، لهذه التظاهرة العالمية تكريسا لروابط الأخوة الوطيدة التي تربط الجزائر بقطر، وكرد جميل لحضور الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفل افتتاح الألعاب المتوسطية التي احتضنتها ولاية وهران خلال الصائفة الماضية، فضلا عن التمثيل عالي المستوى والمشاركة الفعّالة للوفد القطري خلال القمة العربية التي احتضنتها الجزائر في الفاتح من نوفمبر الجاري.

ويعكس حضور الرئيس تبون، حفل افتتاح هذه التظاهرة العالمية رغم عدم تأهل الفريق الوطني الى هذا الموعد الكبير، ليكرس  التقارب غير المسبوق بين البلدين الشقيقين على المستويين السياسي والاقتصادي، فضلا عن دعم الجزائر للدوحة التي تعرضت في الآونة الأخيرة، إلى حملة شعواء قادها الغرب  بتواطؤ مع بعض الدول العربية، في محاولة لسحب منها طبعة المونديال بسبب فرضها  لشروط احترام الخصوصيات الدينية و الاجتماعية والثقافية للمجتمع القطري.

غير أن الجزائر التي سبق لها أن تعرضت هي الأخرى لحملة تشويش من قبل الدولة العربية المعروفة بعدائها لها من أجل إفشال القمة العربية إلى آخر لحظة، لم تتأخر في تقديم دعمها الكامل للدوحة التي تعد أول دولة عربية تحتضن هذا الموعد الكروي العالمي، في سياق  تمسكها بمبادئها الثابتة في إطار التضامن العربي المشترك.  يأتي موقف الجزائر التي سبق لها أن عانت من الحملات العدائية خاصة خلال فترة العشرية السوداء، خاصة مع إعلان بعض الدول آنذاك بما فيها دول عربية حظرها غير المعلن عليها، ليؤكد مرة أخرى وقوفها إلى جانب أصدقائها وأشقائها في أحلك الظروف.

ولا شك أن موقف الجزائر خلال الأزمة الخليجية كان محل إعجاب وتقدير من الحكومة والشعب القطريين، حيث كان ذلك دافعا لتعزيز  العلاقات الثنائية وتوسيعها.

ولطالما عانت الجزائر من حملات تشويش  كثيرة من أجل تشويه واقعها بتقارير مغلوطة قادتها بعض المنظمات الممولة من قبل بعض الأطراف التي تكن لها العداء، خاصة فيما يتعلق بالجرائم الإرهابية المرتكبة في حق الأبرياء العزّل خلال العشرية السوداء، ليأتي الدور هذه المرة على قطر من خلال اللعب على ورقة حقوق الإنسان بسبب مطالبتها باحترام خصوصيات المجتمع القطري، في الوقت الذي لم تتردد فيه “الفيفا” مثلا في الخلط بين السياسة والرياضة، بإعلانها إلغاء مشاركة روسيا في المونديال على خلفية أزمتها مع أوكرانيا. بناء على سياسة الكيل بمكيالين التي تعتمدها بعض الدول الغربية في علاقاتها الدولية، لم تتردد الجزائر في إعلان مساندتها المطلقة   لقطر في ظل انحياز دول عربية لم يرقها التقارب الجزائري القطري مع الطرح الغربي، رغم محاولة الجزائر إعطاء بعد جديد للتضامن العربي خلال القمة الناجحة التي احتضنتها تحت شعار “لم الشمل”. وعليه تسعى الجزائر وقطر من خلال علاقاتهما الوثيقة في شتى المجالات إلى إعطاء نموذج جديد للعمل العربي المشترك في ظل ظروف إقليمية صعبة تلقي  التحديات الاقتصادية بظلالها عليها، حيث تعزّزت العلاقات بين الجانبين عبر سلسلة من الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين.

فقد سبق لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، زيارة الجزائر في سنوات 2014 و2016 و2020، بعد وصول الرئيس عبد المجيد تبون، إلى الحكم والذي قام بدوره بزيارة  الدوحة خلال السنة الجارية، بدعوة من أميرها. وشكلت هذه الزيارات بمثابة إضافة لرصيد العلاقات الأخوية المتينة القائمة بين البلدين، كما أنها عزّزت التنسيق والتفاهم المتبادل بين قيادتي الدولتين تجاه مستقبل وآفاق العلاقات الثنائية والارتقاء بها، وتجاه مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية الراهنة.

وتعد قطر في الجانب الاقتصادي أكبر مستثمر عربي في الجزائر، حيث تستحوذ على 74 بالمائة من مجموع الاستثمارات الأجنبية من خلال تواجد عدد من المشروعات الاستثمارية القطرية بالجزائر، على غرار مشروع “بلارة للصلب” بولاية جيجل، المتربع على مساحة تبلغ نحو 216 هكتار وبتكلفة ملياري دولار تقريبا، حيث دشنه قائدا البلدين على هامش القمة العربية، فضلا عن إطلاق المستشفى الجزائري القطري الألماني الذي سيقام في سيدي عبد الله على مساحة 100 ألف متر مربع. وسيتكفل المستشفى بمعظم الحالات المرضية والعمليات الجراحية المستعصية التي تتطلب تحويل المرضى للخارج، كما سيستقطب الكوادر الطبية الجزائرية التي تعمل خارج البلاد وذلك للمساهمة في رفع مستوى الخدمات الطبية المقدمة للمرضى وعائلاتهم ضمن بيئة طبية نموذجية بمواصفات عالمية.

كما توجد عشرات الشركات القطرية الجزائرية المشتركة العاملة في السوق القطرية، ومن المنتظر زيادة أعدادها في الفترة المقبلة، خصوصا مع توفر العديد من الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات الاقتصادية، لا سيما الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالنظر الى التشابه الكبير في مناخ الاستثمار بين البلدين، وهو ما من شأنه خلق شراكات قوية متوسطة وبعيدة المدى.

وفي هذا الصدد عبّر الرئيس تبون، وأمير دولة  قطر عن ارتياحهما لمستوى التعاون الأخوي بين البلدين، لا سيما في مجالات الصحة والخدمات الطبية والاستثمار والصناعة وبما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين ويعزز مبادئ التعاون العربي المشترك.

تجدر الإشارة الى أنه خلال آخر ثلاث سنوات الماضية، بلغت الصادرات الجزائرية إلى قطر نحو 8,49 ملايين دولار، فيما بلغت الصادرات القطرية إلى الجزائر نحو 116,7 مليون دولار، في حين يتوقع مراقبون أن يشهد التعاون الثنائي قفزة نوعية في ظل الإرادة السياسية المتميزة التي يبديها البلدان.