العمق الإفريقي خيار استراتيجي في السياسة الخارجية للجزائر

الرئيس تبون يؤسّس لتكامل الطموحات الوطنية والقارية

الرئيس تبون يؤسّس لتكامل الطموحات الوطنية والقارية
رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون
  • 178
مليكة. خ مليكة. خ

تلتزم الجزائر بإضفاء الطابع النوعي على النهضة التنموية الإفريقية في سياق الاهتمام الذي يوليه  رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بالعمق الإفريقي، كخيار استراتيجي في السياسة الخارجية للبلاد، والذي لا يقل أهمية عن الجانب السياسي الذي استثمرت فيه الجزائر جهودها لعقود من الزمن من أجل تحرير إفريقيا من ربقة الاستعمار، فضلا عن إشرافها على وساطات مشهود لها بالفعالية لارتكازها على مقاربة تنموية تضمن ديمومتها.

لم تكن الطبعة الرابعة للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات التي تختتم اليوم بالجزائر سوى محطة أخرى لتكريس التوجه الذي عبر عنه الرئيس تبون في عديد المناسبات، من أجل الارتقاء بالواقع الاقتصادي لإفريقيا التي مازالت تبحث عن نفسها وسط التجاذبات الدولية وتنافس القوى الكبرى من أجل بسط نفوذها  في القارة العذراء. وتخرج رؤية الرئيس تبون عن الطابع التقليدي، كلما يتعلق الأمر بالمرافعة عن مصالح القارة، من منطلق أن الحديث لا يقتصر على جانب الثروات التي كانت إلى أمد غير بعيد أحد أسباب غزو الدول الاستعمارية  لها، بل الأمر يتعدى ذلك ليشمل الموارد البشرية والكفاءات العالية التي تتميز بها إفريقيا.

ويعد المؤتمر الإفريقي للمؤسسات محطة هامة للشباب المبتكر لإبراز قدراته من أجل رفع التحديات لإنشاء المشاريع التي تسهم في  تكريس السيادتين الاقتصادية والتكنولوجية  للقارة. وتعد كلمة الرئيس تبون للمؤتمر القاري بمثابة رسالة واضحة للجيل الجديد من الشباب الإفريقي من أجل رفع التحدي وصناعة المستقبل بأنفسهم، في الوقت الذي يلتزم فيه برنامجه الرئاسي بترقية هذه الشريحة في المجتمع ومنحها فرص التموقع في مختلف مراكز القرار.

ويحرص رئيس الجمهورية على نقل هذه الرؤية وطرحها في مختلف المنتديات القارية والدولية وتعميمها على شباب القارة، لتمكينه من قيادة التحوّل الاقتصادي عبر مبادرات ريادية، بل لا يتوانى في  تحسيس الشركاء الغربيين على نقل الصورة الجديدة لقارة تتطلع لتكريس مكانة تليق بها  ولا تعترف سوى بالندية عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالحها الاقتصادية.

فاهتمام الجزائر بالعمق الإفريقي أضحى توجّها أساسيا لا يشوبه أي شك، حيث تتجند عبر المؤسسات القارية التي تشغلها على غرار الاتحاد الإفريقي على التركيز على عنصر الشباب كرافد هام من أجل تحقيق هذه النهضة، من خلال العمل على إلغاء الصورة النمطية التي لطالما كانت لصيقة بقارة عرفت بالاضطرابات والتوترات وجعل الجيل الجديد يواكب التطوّرات الحاصلة في العالم.

وتستثمر الجزائر جهودها في خلق مرتكزات هذا التوجه لاستحداث تصوّرات جديدة تليق بالمكانة الحقيقية لإفريقيا، عبر مناقشة الفرص المتاحة في الندوات القارية التي تحتضنها على غرار معرض  التجارة البينية الإفريقية، الذي يعكس التزام الجزائر بخدمة القارة عبر تكريس تكاملها الاقتصادي، حتى أن البرنامج الذي سطره رئيس الجمهورية من أجل الوصول إلى 20 ألف مؤسسة ناشئة مع نهاية 2029، بات يتجاوز الحدود الوطنية، وهو ما يدل عليه قرار السيد الرئيس بإنشاء صندوق قاري لتمويل المؤسسات الناشئة الإفريقية لتمكين شباب إفريقيا من تقديم أفضل المبادرات، بل إن هذا الطموح يتعدى إلى تمكين المؤسسات الناشئة من التوسع القاري وبناء سوق إفريقية موحدة للتكنولوجيا، بما يتيح جذب استثمارات أكبر ويشجع على بروز رواد أفارقة قادرين على المنافسة إقليميا ودوليا.

وانطلاقا من هذه الرؤية، فإن الارتقاء بالواقع التنموي لإفريقيا بات يشكل عنوانا للسياسة الخارجية الجزائر التي لا تتردد في تقديم دعمها المادي لتمكين الدول الهشة في القارة للارتقاء بقطاعات الصحة والتعليم والتشغيل من أجل سد معرقلات التنمية، على غرار الإرهاب والجريمة المنظمة والانقلابات العسكرية، ويكفي أن إنشاءها للوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، يعبر عن هذه الإرادة القوية من أجل مرافقة الجهود التنموية لدول القارة.