لعمامرة يعرض بجنيف واقع حقوق الإنسان في الجزائر
الدولة تلتزم بهذه الحقوق دون تحفظ

- 604

عرضت الجزائر أمس، بجنيف تقريرها الدوري أمام الدورة 27 لآلية البحث من قبل النظراء بمجلس حقوق الانسان، والذي قدم «صورة وفية» عن الإنجازات التي تحققت في مجال حقوق الانسان منذ التقرير الثاني الذي قدمته يوم 29 ماي 2012. وتقدم هذه الوثيقة في إطار الدورة الثالثة (2017-2021) ما تم تقريره بخصوص التوصيات المقبولة وتبرز التحديات والعراقيل التي تعيق التطبيق الكلي لحقوق الانسان في الجزائر.
وفي تصريحه الافتتاحي، أوضح وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة، أن الجزائر من خلال تقديمها لهذا التقرير في الآجال، تؤكد التزامها، مشيرا إلى أن هذا التقييم الذاتي يدفع أيضا إلى إلقاء نظرة على «أنفسنا كدولة» وإلى «إعداد حصيلة عن عملنا الخاص وعن السياسات التي بادرنا بها قصد تعزيز ما هو ناجع وتصحيح ما يمكن تعديله».
وقال الوزير إن الدولة الجزائرية «ترافق وتكرس بقيادة ورعاية رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة هذه الديناميكية عن طريق إدماج المعاهدات الدولية في تشريعها الداخلي التي لها كما تعلمون سيادة على القانون الوطني»، موضحا أن الجزائر «واعية من أن ترقية وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية تقع على عاتق المسؤول الأول في الدولة».
وذكر بتنصيب المجلس الوطني لحقوق الإنسان في 9 مارس الماضي لضمان متابعة وتقييم الإنجازات في مجال حقوق الانسان، مجددا التزام الدولة الجزائرية «دون تحفظ» بالعمل على ترقية وحماية حقوق الانسان أينما رأت ذلك ضروريا.
مواصلة مكافحة الإرهاب بحزم
من جهة أخرى، أكد لعمامرة أن الجزائر ستواصل «بكل حزم» مكافحة الإرهاب الذي يشكل تهديدا مستمرا على دول الجوار. وقال إن «الجزائر التي تخوض كفاحا ضد هذه الآفة لاستئصال جذورها منذ أكثر من عشريتين، ستواصل بكل حزم هذا الكفاح ضد المجموعات الإرهابية ورعاتهم السياسيين والإعلاميين وكذا ضد كل أولئك الذين يسعون من خلال حيل مخادعة إلى إضفاء شرعية على أعمالهم الإجرامية».
واعتبر أن التهديد الإرهابي «الذي لا يمكن إخفاؤه، سيبقى يحوم على دول الجوار»، مؤكدا أن «ارتباط هذا الأخير مع شبكات الجريمة العابرة للأوطان الناشطة في المنطقة يجند الطاقة والإمكانيات التي كان من الأجدر أن توجه للتنمية وبالتالي الاستفادة منها مباشرة لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين».
الديمقراطية ليست شعار حملة
ودافع الوزير عن التوجه الديمقراطي للجزائر، معتبرا أن الديمقراطية في الجزائر «ليست شعار حملة أو هواية مثقفين» وأن الإجراء المنتظم للانتخابات «لخير مثال» على التعددية في الجزائر.
وأوضح قائلا إن «الديمقراطية بالجزائر ليست لا شعار حملة ولا هواية مثقفين. وان الإجراء المنتظم وفي الآجال المحددة لانتخابات حرة وشفافة وكذا تنوع تشكيلة البرلمان التي تمثل 36 حزبا ونحو عشرين من الأحرار والسير الديمقراطي للمؤسسات وانتشار التعبير الحر عن الآراء والتطور الهائل للحركة الجمعوية لخير دليل على التعددية في الجزائر».
وأشار الوزير توضيحا لواقع هذه التعددية بالجزائر، إلى وجود 71 حزبا سياسيا معتمدا وأكثر من 100.000 منظمة غير حكومية وهو عدد «ارتفع مع تطبيق أحكام قانونين جديدين ابتداء من 2012 على خلاف ما يروج له بخصوص عراقيل مزعومة لاعتماد جمعيات» كما قال، إضافة إلى الحريات النقابية التي تكرسها 65 منظمة.
حرية الاجتماع والتظاهر ليست عرضية والعاصمة استثناء
وأوضح السيد لعمامرة أن حريات الاجتماع والتظاهر ليست «أحداثا عرضية» بالنسبة للأحزاب والجمعيات أو النقابات، بل نشاط منتظم يعكس «حيوية الحياة الديمقراطية»، معتبرا أن الإجراءات التي تطبق «استثنائيا على التظاهر في الطريق العام بالجزائر العاصمة تعود لاعتبارات خاصة بالعاصمة».
وأكد أن «الدولة، وبصفتها مسؤول عن النظام والأمن العمومي لا يسعها المخاطرة والترخيص بها عندما يتأكد من أن منظميها لايستوفون الشروط اللازمة لسيرها السلمي دون المساس بأملاك الأشخاص أو جعلها هدفا لأعمال إرهابية». وخلص الوزير إلى القول إن «الأخبار المحزنة التي تتناقلها بانتظام وسائل الإعلام عبر العالم تؤكد صحة مسعانا».
لا وجود لمعتقلات خارج القانون
ونفى الوزير على صعيد آخر وجود أي مكان اعتقال في الجزائر لا يخضع للقانون أو خارج نطاق تطبيقه»، قائلا إن «دولة القانون لن تكون فاعلة في غياب عدالة مستقلة يسهر على تطبيقها قضاة مهنيون لا يمتثلون إلا للقانون بعيدا عن كل أشكال العراقيل والضغوطات والتهديدات».
وإذ أشار إلى الجهود المبذولة لتحسين الخدمة القضائية، فإنه شدد على أنها ترافقت بمخطط تحديث يهدف إلى أنسنة ظروف الاعتقال في إطار برنامج واسع لبناء مؤسسات عقابية وفقا للمقاييس الدولية قد تكون حسب العديد من المراقبين على غرار اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مثالا يحتذى به من قبل العديد من الدول.
أما على المستوى التشريعي، فذكر بالتعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية منذ آخر تقرير في سنة 2012، مشيرا إلى أن «الجزائر رائدة من خلال اعتمادها الوقف الاختياري لحكم الإعدام منذ ربع قرن» ورفعها لحكم الإعدام عن بعض الجرائم مثل تلك المتعلقة بـ»التسيير الاقتصادي والاتجار بالمخدرات والفساد، إضافة إلى تزوير العملات وتبييض الأموال.»
أما بخصوص قواعد وشروط اللجوء إلى الحبس الاحتياطي، أكد وزير الدولة أنه «تم تعزيز الضمانات وأصبح هذا الإجراء استثنائيا»، كما مكّن هذا الإجراء من إدراج المثول الفوري عوضا عن أحكام الإجراءات المتعلقة بحالات التلبس، مما سمح بتقليص الأرقام الخاصة بالحبس الاحترازي.
الصحافة في الجزائر من بين الأكثر «حرية» في فضائها الجغرافي
أكد رمطان لعمامرة، أن الصحافة في الجزائر تعتبر من بين «الأكثر حرية» في فضائها الجغرافي، مشيرا إلى أنها تعكس الآراء والتيارات الفكرية والواقع الاجتماعي في الجزائر.
وأوضح السيد لعمامرة، في كلمته الافتتاحية للدورة الـ27 للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء لمجلس حقوق الإنسان أن «المشهد الإعلامي الجزائري «تعزز بشكل كبير» خلال السنوات الأخيرة بعدد من القنوات التلفزيونية والعناوين التي تضمن حرية التعبير تحت إشراف سلطة مستقلة.
وأكد وزير الدولة أن «المراقبين أجمعوا على أن الصحافة في الجزائر تعتبر من الأكثر حرية في فضائها الجغرافي، وأنها تعكس من خلال 142 جريدة يومية و43 أسبوعية و90 شهرية الآراء والتيارات الفكرية والواقع الاجتماعي في الجزائر، مشيرا إلى أن قطاع الصحافة استفاد لمدة طويلة من دعم الدولة.
وأوضح أن هذا القطاع الذي استفاد لمدة طويلة من دعم الدولة في مجال الخدمات وتخفيف الأعباء «بات اليوم في فضاء تنافسي القارئ فيه هو الحكم الوحيد، وبالتالي يحدد قابلية بقاء العناوين الصحفية اقتصاديا»، مؤكدا أنه «لا توجد رقابة اقتصادية ولا احتكار في مجال الطبع بما أن بعض مجمعات الصحف نظمت نفسها لاقتناء التجهيزات الضرورية والقيام بطبع الجرائد لحسابها ولحساب عناوين أخرى.
من جهة أخرى أوضح أن المساس بالحياة الخاصة وكرامة المواطنين والقذف يشكلان كما هو الحال في باقي العالم أغلبية الدعاوى القضائية المرفوعة من طرف المواطنين، مضيفا أن القاضي ملزم بموجب القانون بتلقي الدعوى والتحقيق فيها والفصل فيها في إطار الاحترام الصارم لحق الدفاع، مضيفا أنه «لا توجد جنحة رأي في الجزائر ولا عقوبة سالبة للحرية بالنسبة للإعلاميين».