بعد أشهر من المكافحة بالوقاية الاستباقية والاستشرافية

الخروج من الحجر الصحي والمنزلي.. بداية العد التنازلي

الخروج من الحجر الصحي والمنزلي.. بداية العد التنازلي
  • القراءات: 904
  مليكة. خ مليكة. خ

هذه الإجراءات التي جنبت الجزائر أسوأ السيناريوهات

❊ خطة الخطوة خطوة والتدرج حاصرت تفشي الوباء

بدأت مؤشرات العد التنازلي لنهاية الحجر الصحي تتجلى، إثر الإجراءات الأخيرة التي أقرتها الحكومة فيما يتعلق بتكييف مواقيت الحجر الجزئي المنزلي من الساعة الحادية عشرة ليلا إلى غاية الساعة السادسة من صباح اليوم الموالي على مستوى 29 ولاية. وذلك في الفترة الممتدة من 9 إلى 31 أوت الجاري. والتي سبقتها القرارات التي أسفر عنها بحر الأسبوع الماضي  اجتماع المجلس الأعلى للأمن والمتمثلة في فتح المساجد والشواطئ والمنتزهات تدريجيا.

تدخل هذه الإجراءات التي تندرج في إطار الخطة المرنة التي تعتمدها الدولة في تسيير الازمة الصحية، في سياق تكريس المرحلية الممهدة للخروج من الحجر المنزلي الذي أقرته البلاد منذ شهر مارس الماضي، عبر التشديد ثم التخفيف الحذر للإجراءات وفق توصيات اللجنة العلمية المخولة لتقييم الوضع الصحي في البلاد، مع مراعاة الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد التي تضررت جراء انعكاسات هذه الأزمة التي لم تمس الجزائر فحسب وإنما دول العالم أجمع.

وإذا كانت الجزائر من الدول السباقة التي فرضت الحجر الصحي بعد ظهور أولى حالات الاصابة بهذا الوباء الذي دخل عبر حركية الطيران، إلا أنها تبقى من الدول التي رفضت رفع الحجر الكلي رغم قيام العديد من الدول الاوروبية و حتى بعض الدول العربية  رفع هذا الحجر، بسبب الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها.

لا للمغامرة بحياة لمواطن

كان رئيس الجمهورية قد أكد في العديد من المناسبات أنه لن يقبل المغامرة بحياة المواطنين مهما كلف الأمر ذلك. وأن الدولة تركز كامل اهتمامها على حماية المواطنين وليس حماية الاقتصاد الوطني الذي يبقى في المرتبة الثانية من اهتمامها، ولو أن الحكومة تسعى جاهدة للموازنة بين ذلك بإعادة فتح بعض الأنشطة التجارية.

كثيرا ما لفت الرئيس تبون إلى أن المشكل ليس في تخفيف الحجر أو إعادة فتح المتاجر لكن في تصرفات المواطنين، من خلال مظاهر الاكتظاظ أمام المحلات، بل شدد على أنه إذا كان هذا الإجراء سيتسبب في هلاك المواطنين أو وضعهم في خطر، فسوف يتم غلق كل شيء والعودة إلى إجراءات أكثر صرامة.

بما أن الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالسلوك، فقد اعتمدت الدولة سياسة الخطوة خطوة في سياق تكريس ثقافة التعاطي اليومي للمواطن مع هذه الأزمة وإضفاء أسلوب حياة جديد في التكيف مع جائحة لم يوجد لها علاج لحد الآن. ومن هذا المنطلق بات مواجهة الواقع حتميا لضمان استمرارية مصالح الشأن العام، استجابة لنداءات الشركاء الاجتماعيين الذين نقلوا صرخات المتضررين من الأزمة الاقتصادية إلى الحكومة التي تعمل على إيجاد حلول توافقية في مواجهة الوضعية الصعبة.

وكان رئيس الجمهورية قد جدد إلتزامه بالتكفل بالصناعيين والتجار الذين سجلوا خسائر جراء اجراءات الحجر الصحي، موضحا بأن الحكومة تعكف على دراسة سياسة محكمة لمساعدتهم، بحيث تعمل على إحصاء المتضررين الفعليين لاسيما من خلال تخفيف الضرائب، موازاة مع التكفل أيضا بالحرفيين والمهن الحرة وأصحاب المداخيل اليومية المتضررين من الجائحة.

وكإجراءات للمرحلة ما قبل الاخيرة، فقد برمجت إعادة فتح دور العبادة بشكل تدريجي والتي أغلقت عند بداية فرض الحجر، على أن ينحصر الأمر في المرحلة الأولى في كبرى المساجد التي تسع على الأقل لألف مصل. ويتسنى فيها احترام شرطي التباعد الجسدي وارتداء الكمامة اللازمين.على أن تحصر الصلوات في الولايات ال29 المعنية بالحجر الجزئي في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ابتداء من يوم السبت 15 أوت الجاري  وعلى مدى أيام الأسبوع، باستثناء يوم الجمعة الذي سيتم فيه أداء صلوات العصر والمغرب والعشاء فقط، إلى أن تتوفر الظروف الملائمة للفتح الكلي لبيوت الله، وذلك في مرحلة ثانية.

أما في باقي الولايات وعددها 19 ولاية التي رفع عنها الحجر الجزئي، فسيعاد فتح المساجد التي تفوق قدرة استيعابها 1000 مصل، ابتداء من السبت 15 أوت الجاري بالنسبة للصلوات اليومية الخمس، وذلك على مدى كل أيام الأسبوع باستثناء الجمعة الذي سيتم فيه أداء صلوات العصر والـمغرب والعشاء فقط.

كما منحت الحكومة صلاحية حق التصرف واتخاذ كل التدابير التي يمليها الوضع الصحي لكل ولاية، ولاسيما إقرار أو تعديل أو تكييف مواقيت إجراء الحجر المنزلي الجزئي أو الكلي، بشكل يستهدف عدة بلديات أو بلدات أو أحياء تشهد بؤرا للعدوى، بمعنى  أن رفع نظام الحجر أو الإبقاء عليه يتوقفان على مدى تطور الوضع الوبائي الذي قد يسمح استقراره للسلطات العمومية بإقرار تدابير إضافية لتخفيفه.

كما تقرر إعادة فتح الشواطئ والمنتزهات بداية من السبت المقبل، مع اشتراط امتثال المواطنين بنظام الوقائي المعمول به خلال هذه المرحلة. وتقرر أيضا رفع الإجراء المتعلق بمنع حركة مرور السيارات الخاصة من وإلى الولايات 29 المعنية بإجراء الحجر الجزئي وتمديد الإجراء الـمتعلق بمنع حركة مرور وسائل النقل الحضري الجماعي العمومي والخاص خلال عطلة نهاية الأسبوع، على مستوى الولايات 29 المعنية بإجراء الحجر الجزئي.

وبلاشك فإن تعديل مواقيت الحجر الصحي الذي أقرته الحكومة أمس، يأتي في سياق مرافقة وتكييف اجراءات الفتح التدريجي لهذه المنشآت وفق ما يتماشى و  موسم الصيف، فضلا عن التمهيد للمرحلة الاخيرة من رفع الحجر الصحي بشكل نهائي والتي يراهن على أن يكون مع بداية الدخول الاجتماعي الذي لا تفصلنا عنه سوى أسابيع قليلة.