حذّر الخبير الاستراتيجي السيد إلياس بوكراع، من خطورة تداعيات الأزمة الليبية على الجزائر، التي قال إنها معقّدة وتحتاج إلى حل شامل. أزمة أفرزت جبهات صراع متعددة يمكن لإحداها أن تنعكس سلبا على الأمن الداخلي لبلادنا التي تجد نفسها وحيدة في مواجهة الأطراف والقوى المتمسّكة بالحل العسكري وتقسيم ليبيا، مبرزا أهم التحديات التي تسعى الجزائر لرفعها على غرار ضمان الأمن والوحدة الوطنيةوكذا تنويع الاقتصاد بما يضمن استقرار الجبهة الاجتماعية والعيش الكريم للمواطنين. وصف المدير العام للمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة إلياس بوكراع، ما يحدث في سوريا وليبيا بنظام صراعات مركب، مكون من تشكيلة من الصراعات المحلية المتأثرة بالمصالح والأطماع الخارجية. وأشار المتحدث الذي نزل أمس، ضيفا على منتدى "الشعب" إلى خمسة أنظمة صراعات أثرت في الأزمة الليبية على غرار الصراع الحاصل بمنطقة المغرب العربي وإسقاطاته على دول الساحل. الصراع القائم بمنطقة النيل بين السودان ومصر وتبعاته على القرن الإفريقي، الشرق الأوسط وأزمته المرتبطة بفلسطين إلى جانب الأزمة اليمنية والصراع العراقي - الإيراني بعمقه الطائفي.

الصراعات المتشعّبة لم تدع مجالا للسلام بليبيا، زادتها توجهات العديد من التيارات التي لا تؤيد فكرة السلام بهذا البلد –يقول السيد بوكراع- الذي أشار إلى السودان ومصر وقطر والسعودية ومنه المغرب هذا الأخير الذي يريد لعب نفس دور الأردن بالمنطقة في خطوة ترمي إلى كسب ود وتأييد المجتمع الدولي إلى صفّه لحل مشكل الصحراء الغربية.. باستثناء تونس والجزائر اللتين بات تغيير الكفّة لصالح الحوار والسلم صعبا عليهما إلا من خلال الدخول في تحالفات جهوية وعالمية يضيف الخبير.   الأزمة الليبية من منظور الخبير لم تعد أزمة عادية –يقول بوكراع- الذي أوضح أن المقاربات التحليلية التي تعتمد على المفهوم الكلاسيكي للأزمة لم تعد قائمة على اعتبار أن الصراعات تطورت وتأثرت بالعولمة، مضيفا أن مجتمعات الجنوب وبالأخص الدول العربية والإفريقية تمر بأوضاع داخلية معقّدة زادتها تحديات العالم الخارجي وصعوبة التأقلم مع رياح العولمة.. الأزمة الليبية التي خرجت من الصورة الكلاسيكية للصراعات تخفي ـ حسب الخبير ـ تعقيدات أو كما قال "أنظمة صراعات مركبة" وهو ما يستدعي حلا شاملا يمس جميع الجوانب.

الخبير الذي عاد إلى أهم فصول حكم القذافي، تطرق إلى أبرز التنازلات التي قدّمها هذا الأخير للغرب قبل أن يجهزوا عليه بعد إضعافه وتجريده من جميع طاقاته ومخططاته، لتنتقل ليبيا إلى مرحلة صراعات داخلية منها ما هو قبلي وآخر متعلق بالانتماء والهوية وكذا السياسية وتلك المتعلقة بتواصل الأجيال، والتي حولت ليبيا إلى مركز لتسوية العديد من الأطماع التوسعية والاستعمارية السابقة. المؤشرات تؤكد أن الأوضاع في ليبيا ستؤول إلى ما انتهت إليه سوريا التي انتقل فيها الصراع بين حزب البعث وأطراف المعارضة إلى صراع قوى كبرى بين روسيا والغرب والهدف مشترك يرمي إلى تفكيك المنطقة وإضعافها حماية لمصالح الغرب بالمنطقة وضمان سلام وأمن إسرائيل باعتبارها قوة استراتيجية والعمل على التصدي لكل محاولات المساس بها.