الرئيس حسن شيخ محمود في زيارة رسمية
الجزائر– الصومال.. خطوات جديدة نحو علاقات ديناميكية
- 131
ق. س
❊ علاقات تاريخية متينة تستمد قوتها من قيم التفاهم والتضامن
❊ انسجام المواقف الجزائرية- الصومالية إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية
حلّ رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، حسن شيخ محمود، أمس، بالجزائر في زيارة رسمية، في وقت يتطلع فيه البلدان إلى إضفاء ديناميكية جديدة على علاقات التعاون الثنائي بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، في ظل وجود إرادة سياسية قوية من الجانبين، لتعزيز التعاون والارتقاء به إلى مستويات أرحب استنادا إلى الروابط التاريخية التي تجمعهما.
شرع رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، السيد حسن شيخ محمود، أمس، في زيارة رسمية إلى الجزائر، حيث كان في استقباله لدى وصوله إلى مطار الجزائر الدولي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد إبراهيم بوغالي، وذلك بتكليف من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون. كما حضر مراسم الاستقبال عدد من أعضاء الحكومة وإطارات سامية في الدولة.
وتندرج زيارة، الرئيس الصومالي، في إطار "تعزيز علاقات الأخوة والتعاون بين الجزائر وجمهورية الصومال الفيدرالية والارتقاء بها إلى مستويات أعلى بما يعكس متانة الروابط التاريخية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين وحرص قيادتيهما على توسيع مجالات الشراكة والتنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك".
ومن شأن العلاقات التاريخية المتينة بين الجزائر والصومال التي تستمد قوتها من قيم التفاهم والتضامن والثقة المتبادلة، أن تتعزز أكثر وترتقي إلى مستويات أعلى بمناسبة الزيارة الرسمية التي شرع فيها رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، أمس إلى الجزائر.
وانطلاقا من انسجام مواقفهما إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية وكذا الدعم الجزائري للصومال في كل الظروف، شهدت العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة حركية كثيفة، ترجمتها الاتصالات المستمرة بين قائدي البلدين، وذلك تأكيدا لتطلعهما نحو مرحلة جديدة من التعاون المثمر وتوحيد الجهود تجاه الملفات ذات الاهتمام المشترك.
في هذا الإطار، كان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد التقى نظيره الصومالي مطلع نوفمبر 2022، على هامش مشاركته في الدورة 31 للقمة العربية التي احتضنتها الجزائر، حيث حيا الرئيس الصومالي جهود الجزائر في دعم العمل العربي المشترك، معربا عن تقدير بلاده للجهود المخلصة التي بذلها رئيس الجمهورية لتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية من أجل تحقيق التسوية والتوافق بينها. كما بعث رئيس الجمهورية في ديسمبر 2024 برسالة خطية إلى نظيره الصومالي، سلمها له وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري.
وخلال مكالمة هاتفية أجراها مع رئيس الجمهورية في سبتمبر 2024، هنّأه فيها على إعادة انتخابه لعهدة جديدة، أكد رئيس الصومال حرصه على العمل من أجل "تقوية العلاقات الثنائية والارتقاء بها إلى الامتياز، خدمة لمصلحة الشعبين الجزائري والصومالي". وفي نوفمبر من نفس السنة، استقبل رئيس الجمهورية طاهر محمود جيليه، المستشار والمبعوث الخاص لرئيس الصومال، حاملا منه رسالة خطية إلى رئيس الجمهورية، ضمنها تطلعه لاستمرار متانة العلاقات الثنائية التاريخية.
بالمقابل قام وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الصومالي، عبد السلام عبدي علي، شهر أوت الفارط، بزيارة رسمية إلى الجزائر، أكد خلالها أن الجزائر "شريك جيد للصومال، لا سيما في مجالات الأمن والتعليم والتجارة والقضايا الإقليمية"، فيما أكد عطاف، بذات المناسبة، أن وقوف الجزائر إلى جانب الصومال "لم يكن ظرفيا أو عابرا، بل هو موقف تاريخي راسخ ومتجذر يستند إلى قناعة الجزائر التامة بأن أمن واستقرار الصومال من أمن واستقرار منطقة القرن الإفريقي والقارة الإفريقية برمتها".
وقد توّجت هذه الزيارة ببيان مشترك اتفق من خلاله البلدان على إنشاء لجنة وزارية مشتركة تعنى بملفات التعاون، مع وضع آلية للتشاور السياسي بين الطرفين، كما بحث الجانبان التعاون في ميدان التعليم، مع رفع عدد المنح الجامعية لفائدة الطلبة الصوماليين من 15 إلى 50 منحة سنويا، في مختلف الأطوار والتخصّصات التي يرغب فيها الجانب الصومالي.
أما على الصعيد السياسي، فقد أكد الجانب الجزائري، خلال نفس الزيارة، "دعمه الثابت والقوي لسيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه، مع رفض جميع أشكال التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية، مجدّدا مساندته للصومال في مواجهة آفة الإرهاب الهدامة للحفاظ على أمنه واستقراره".
وعلى الصعيد الدولي، اتفقت الجزائر والصومال، عبر بيانهما المشترك، على تكثيف التشاور وتعزيز التنسيق في مجلس الأمن، خاصة فيما يتصل بالقضايا التي تخص العالم العربي والقارة الإفريقية، بصفتهما عضوين غير دائمين في الهيئة الأممية. وبخصوص القضية الفلسطينية، يجمع بين البلدين توافق في الرؤى حول دعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
وبشأن الأزمة في السودان، تم التأكيد على وحدة هذا البلد الشقيق وأهمية استعادة أمنه واستقراره، حيث يدعو الطرفان إلى تغليب لغة الحوار وإعلاء المصلحة العليا للبلاد وللشعب السوداني ورفض التدخلات الخارجية فيه. أما فيما يتعلق بالقضية الصحراوية، تلتقي الجزائر والصومال عند ضرورة دعم مساعي الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، الرامية للتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة لها.
وحول الوضع في ليبيا، أكد الجانبان على أن حل الأزمة في هذا البلد ينبغي أن يمر عبر مسار سياسي جامع، الغاية منه تعزيز الوحدة الوطنية والمحافظة على السلامة الترابية لهذا البلد الشقيق وصون سيادته ووضع حد للتدخلات الأجنبية في شؤونه، وذلك من خلال تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تفضي إلى بناء مؤسسات شرعية موحّدة.