الارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة

الجزائر – مسقط.. نموذج جديد للتعاون العربي

الجزائر – مسقط.. نموذج جديد للتعاون العربي
رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون - جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة
  • 58
  مليكة. خ مليكة. خ

❊ الرئيس تبون والسلطان بن طارق يوفّران كافة الآليات لتجسيد التوجيهات 

❊ استحداث نموذج من التكامل الاقتصادي وتجاوز العائق الجغرافي

أرست زيارة الدولة التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر أبعادا جديدة لعلاقات بين بلدين عربيين تفصلهما آلاف الأميال، وتجمعهما قيم مشتركة ترتكز على الاحترام والصداقة، اختصرت البعد الجغرافي من الخليج إلى شمال إفريقيا، ما يجعلها نموذجا يحتذى به في مسار التعاون العربي – العربي. وقد تجلّى ذلك في نتائج الزيارتين المتبادلتين لقائدي البلدين في ظرف 7 أشهر، حيث أفضتا إلى خارطة طريق من شأنها أن تفتح آفاقا واعدة في شتى المجالات .

استحدثت الجزائر ومسقط إطارا جديدا من التعاون من أجل وضع شراكة استراتيجية نوعية، كرّست معالمها الزيارة المثمرة التي قام بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى عمان نهاية أكتوبر الماضي ثم زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر منذ يومين، حيث أسفرتا عن إبرام 19 اتفاقية ومذكرات تفاهم.

ويسعى البلدان للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة، عبر تنفيذ ومتابعة التوجيهات التي أسداها الرئيس تبون وجلالة السلطان بن طارق لتحقيق قفزة نوعية في مختلف المجالات، في ظل توفّر الإرادة المعبر عنها على أعلى مستوى ولا أدل على ذلك نتائج اللجنة المشتركة المنعقدة بالجزائر شهر جوان الماضي. 

وكانت زيارة الرئيس تبون إلى مسقط شهر أكتوبر الماضي قد أرست أرضية هذا التعاون، من خلال التوقيع على ثماني اتفاقات تعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والمالية والاستثمارات، فضلا عن المبادرة لإنشاء صندوق استثماري عماني جزائري مشترك، يقام من خلاله شراكات ومشاريع مشتركة في مجالات الطاقة المتجدّدة والبتروكيماويات والزراعة الصحراوية والتكنولوجيا والسياحة وغيرها.

واستكملت زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر هذا المنحى الإيجابي عبر توقيع البلدين على 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم، مع التركيز على تشجيع المشاريع الاستثمارية المشتركة للقطاعين العام والخاص والتي ستضاف إلى سجل الشراكة الناجحة في إنتاج المخصبات والأسمدة والأمونياك واليوريا بالمنطقة الصناعية بأرزيو بقيمة 2.4 مليار دولار.

كما أن مشاريع حيوية بين البلدين على غرار صناعة السيارات والطاقة والأدوية وغيرها قد قطعت أولى خطواتها بعد مباشرة الاتصالات لتجسيدها، حيث حرص البلدان على التعجيل بتنفيذها وضرورة استكشاف مجالات أخرى للشراكة والتعاون وتبادل المنافع والمصالح بين البلدين الشقيقين.

وتطمح الجزائر ومسقط لاستحداث نموذج من التكامل وتحدي العائق الجغرافي من خلال العمل على استغلاله لخدمة مصالحهما المشتركة، انطلاقا من الموقع الاستراتيجي للجزائر التي تعد بوابة إفريقيا وجسرا اقتصاديا هاما نحو القارة الأوروبية، ما يسهل التعريف بالمنتوج العماني على المستويين المتوسطي والإفريقي، في حين تعزّز الجزائر حضورها الاقتصادي والثقافي في منطقة الخليج ككل بالتنسيق مع مسقط التي تعد قوة وازنة في مجلس التعاون الخليجي.

وعليه، فإن التكامل الجزائري العماني سيكون بمثابة نموذج لدولتين عربيتين تقيمان علاقات على أسس قوية ووفق رؤى ومواقف مشتركة بعيدا عن التدخل في الشؤون الداخلية، ما سيسهل في تجسيد المشاريع الاقتصادية التي تعود بالنفع على البلدين.ومن شأن إنشاء "الصندوق الجزائري العماني للاستثمار" أن يرافق الديناميكية الاقتصادية، من أجل الرفع من الاستثمارات المشتركة بين البلدين وضمان نوعيتها، بمعنى أن كل الآليات متوفرة من أجل الانطلاق في تجسيد التوجيهات التي أسداها الرئيس تبون والسلطان هيثم بن طارق.

كما أن تطابق وجهات نظر البلدين إزاء القضايا الدولية خاصة ما تعلق بالقضية الفلسطينية يعزّز الانسجام في مواقف البلدين في التعاطي مع هذا الملف الحساس، على ضوء جهود الجزائر في الدفاع عن القضية الأم في مجلس الأمن، علاوة على تأكيد البلدين على تنسيق الجهود مع أشقائهم العرب سواء على المستوى الثنائي أو ضمن إطار جامعة الدول العربية لتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك ولمواجهة التهديدات والتحديات المتعدّدة الأوجه التي تهدّد أمنها واستقرارها.

وقد شهدت زيارة سلطان عمان إلى الجزائر والتي تأتي بعد زيارة السلطان قابوس منذ 52 عاما زخما إعلاميا كبيرا واهتماما دوليا، بالنظر إلى الوزن الجيو استراتيجي الذي يحظى به البلدان في منطقتهما، بل إن رهان مسقط لإضفاء ديناميكية جديدة على علاقاتها مع الجزائر يظهر جليا لدرجة أنها أجلت الجولة الرابعة من المحادثات الأمريكية الإيرانية باعتبارها تتوسط المفاوضات بين الجانبين، بسبب تزامن ذلك مع زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر.