باتت محل استقطاب بحيادها وأدوارها في تسوية النزاعات

الجزائر قوة إقليمية باعتراف دول كبرى

الجزائر قوة إقليمية باعتراف دول كبرى
  • القراءات: 688
مليكة.خ مليكة.خ

باتت الجزائر تستقطب  في الفترة الاخيرة اهتمام  القوى الكبرى بفضل "الحياد" الذي  تتسم به مواقفها إزاء القضايا الدولية في ظل المتغيرات الكبيرة التي يشهدها العالم ، ووفائها لمبادئها الثابتة في مجال عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها وكذا التمسك بمبدأ تنوع الشركاء وفق مبدأ الند للند. تجلى هذا الاهتمام  من خلال سلسلة التصريحات القوية للمسؤولين الامريكيين و الروس تجاه الجزائر والتي أقرت بما لا يدع مجالا للشك، المكانة  الاستراتيجية التي تحظى بها  كفاعل اقليمي ودولي على المستويات الامنية والسياسية والاقتصادية.

ويثير  الاتصال الذي أجرته نائبة كاتب الدولة الأمريكي  ويندي شيرمان مع وزير الشؤون الخارجية  والجالية الوطنية بالخارج  رمطان لعمامرة بمبادرة منها  الكثير من الاهتمام ، خصوصا وأن تصريحاتها  أخذت هذه المرة بعدا جديدا في العلاقات الجزائرية الامريكية  التي كثيرا ما  اقتصرت خلال السنوات الماضية على التعاون الامني و مكافحة الارهاب فحسب. فتصريحات المسؤولة الامريكية  أكدت على الدور الحيوي للجزائر في المنطقة ، من خلال امتنانها لإسهامات الجزائر في تسوية النزاعات الاقليمية  بما فيها دعم الجزائر للتخفيف العاجل من حدة العنف  في فلسطين المحتلة و كذا  لجهود الأمم المتحدة من أجل بلورة لائحة دائمة و لائقة بخصوص النزاع في الصحراء الغربية و من أجل تحسين الامن في منطقة الساحل.

يأتي ذلك في الوقت الذي حققت فيه الدبلوماسية الجزائرية نجاحا باهرا في ابرام اتفاق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية شهر اكتوبر الماضي ، موازاة مع مساعيها الحالية  لمساندة الجهد الفلسطيني من أجل نيل اعترافات دولية بدولة فلسطين والحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة و التي يعتبرها الرئيس تبون من أبرز اولوياته في السياسة الخارجية للبلاد. مثل هذه الانجازات الدبلوماسية جعلت الولايات المتحدة الامريكية  التي تعرف سياستها بالبراغماتية و عدم تقديم المجاملات ، تقر بهذه الخطوات العملاقة في ظل متغيرات دولية صعبة  ميزتها موجة تطبيع  متواصلة مع الكيان الصهيوني، في الوقت  الذي بقيت فيه الجزائر وفية للقضية الفلسطينية.

بذلك يكون توجه العلاقات الجزائرية الامريكية قد أخذ منحى جديدا ، في تسوية النزاعات الدولية خاصة و أن البلدين سيحتفيان قريبا بذكرى تحرير الرهائن الامريكيين  بطهران ، المصادفة لتاريخ 17 فيفري 1981 ، حيث لعبت فيه الجزائر دورا كبيرا في  معالجة الازمة . يأتي اتصال شيرمان بعد أيام فقط من الزيارة التي قامت بها مساعدة كاتب الدولة الأمريكي المكلفة بالمنظمات الدولية، ميشيل سيسون، التي أعربت عن تطلع واشنطن للحصول على دعم الجزائر  لتزكية مرشحتها سارة كليفلاند لشغل منصب في محكمة العدل الدولية وإيمي بوب التي رشحتها أيضا لمنصب المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة. ويعكس ذلك قناعة واشنطن بالثقل الدبلوماسي الذي تحظى به الجزائر على مستوى المنظمات الاقليمية و الدولية ، حيث كثيرا ما تلقى اقتراحاتها في صياغة القوانين و ايجاد حلول للنزاعات الدولية صدى ايجابيا .

موازاة مع ذلك تكثف سفيرة الولايات المتحدة الامريكية بالجزائر، إليزابيت مور لقاءاتها  الدورية مع المسؤولين الجزائريين و التي كانت آخرها المحادثات التي جمعتها مع الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج عمار بلاني ، مؤكدة في حوار لوكالة الانباء الجزائرية  أن الجزائر قوة اقليمية  ما جعل  واشنطن تعمل معها وبشكل وثيق سواء في المحافل الدولية أو على الصعيد الثنائي للمساهمة في تحقيق السلام في كل مكان.

ليس من الصدفة أن تتزامن التصريحات الامريكية المثنية على الدور الديبلوماسي  الفاعل للجزائر، مع  التأكيد الروسي على الاهمية التي تحظى بها بلادنا في السياسة الروسية بغض النظر عن العلاقات العريقة و الوطيدة  التي تربط بين  البلدين، حيث أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف  إلى أن الجزائر لاعب اقليمي كبير  وله مميزات و خصائص ، تؤهلها للانضمام الى مجموعة "البريكس".

يأتي ذلك مع الزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الى موسكو شهر ماي المقبل، تزامنا مع زيارة أخرى سيقوم بها الرئيس تبون إلى فرنسا في الشهر نفسه، ما يعكس تمسك الجزائر بمبدأ  تعدد الشركاء  وتأكيد حيادها وتعاونها مع كل الأطراف، في الوقت الذي تحظى به بالاهتمام في ظل  أزمة الطاقة المستمرة على خلفية الازمة الروسية الاوكرانية ، حيث باتت  تستفيد من حقبة جديدة في التنافس بين القوى العظمى.