رغم التخوّفات التي أثارها تقرير "سوفان غروب" الأمريكي حول ليبيا

الجزائر في تأهب دائم لصد اختراقات "داعشي" ليبيا

الجزائر في تأهب دائم لصد اختراقات "داعشي" ليبيا
  • 714
 مليكة خ مليكة خ

التقرير الأخير للمركز الأمريكي "سوفان غروب" المتخصص في التحاليل الإستراتيجية والمتعلق بالتحذيرات من امتداد فرع التنظيم الإرهابي "داعش" في ليبيا إلى دول الجوار منها الجزائر، يعكس التخوّفات التي أثارتها بلادنا من السياق الأمني الخطير الذي تعرفه المنطقة، والذي انعكس على منطقة الساحل مما يستدعي المزيد من التنسيق بين مختلف الشركاء الفاعلين.

أبرز ما تضمّنه التقرير هو التحذيرات من تسلل عناصر داعش إلى الجزائر خصوصا بعد الضربات الأمريكية الأخيرة على التنظيم الذي سيسعى دون شك إلى البحث عن متنفس جديد، وتوقع المركز ضمن تقريره المنشور على موقعه الإلكتروني، أن "تزداد الأمور في ليبيا تعقيدا في ظل وجود محاولات من فرع "داعش" في ليبيا، خصوصا الجماعات المتحالفة مع شبكات التهريب للتوسع نحو الجنوب وبالتحديد في المناطق الصحراوية النائية، لاسيما في الجزائر ومالي والنيجر وتشاد والسودان ومصر".

وورد في التقرير أيضا بأن "المأساة الإنسانية الحادة في ليبيا، من خلال توسع شبكات تهريب البشر تمثل تهديدا خطيرا على دول الجوار (منها الجزائر)، حيث يمثل تهريب البشر مصدر دخل مربح للشبكات الإجرامية، فقد بلغت طبقا لإحصاءات حديثة 3.8 ملايين دولار". 

كما أن تقرير "سوفان غروب"  يتطابق والتقرير الذي قدمه الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، منتصف الشهر الماضي إلى مجلس الأمن، حذّر فيه من تبعات الضغوط التي تمارس مؤخرا على تنظيم داعش في ليبيا، والتي قد تحمل عناصره بمن فيهم المقاتلون الأجانب على نقل مواقعهم وإعادة التجمع في خلايا أصغر وأكثر انتشارا جغرافيا عبر ليبيا وفي الدول المجاورة". 

يأتي ذلك في وقت يجمع خبراء أمنيون على أن "الدواعش" سيصطدمون في حال محاولتهم التسلل إلى الحدود الجزائرية بجدار أمني يصعب اختراقه، من منطلق أن قوات الأمن في تأهب دائم تحسبا لأي تطورات محتملة وصد أي محاولة لدخول هؤلاء التراب الوطني، من خلال تكثيف نقاط المراقبة بالحدود الجنوبية الشرقية وإيفاد وحدات متخصصة في مكافحة الإرهاب وفرق تابعة للجيش والدرك إليها.

تقرير المركز الأمريكي الذي تضمّن قراءات لحيثيات الأحداث لم يحمل الجديد من منطلق أن الجزائر التي اكتسبت تجربة رائدة في مجال مكافحة الإرهاب، قد وضعت في حسبانها التحديات الخطيرة التي أفرزها المستنقع الليبي منذ بدايته والتي تجلّت تعقيداتها على مستوى منطقة الساحل ككل، وبروز أزمات ولدتها ظاهرة تنقل الأسلحة غير الشرعية على غرار الأزمة في مالي، فضلا عن اعتداء تيقنتورين الذي نفذه إرهابيون من عدة جنسيات.

مثل هذه التطورات دفعت بالجيش الوطني الشعبي إلى اعتماد خطة أمنية استباقية على حدود البلاد من أجل تأمينها، فضلا عن عقد اجتماعات حثيثة ونشر أكثر من 35 ألف جندي مرابض على الحدود الشرقية، أي المتاخمة لكل من تونس في الشمال، وليبيا في الجنوب، من بينهم الآلاف من الجنود في الحدود الجنوبية مع كل من التشاد ومالي، فضلا عن القيام بجولات استطلاعية لقيادة الجيش في الميدان لبحث مختلف الخطط للرد على أي تهديدات أمنية وإرهابية محتملة.

وقد نجح هذا التجنّد في إحباط العديد من الاعتداءات الإرهابية ومحاولات التسلل للإرهابيين إلى التراب الوطني بعمليات نوعية، من خلال حجز أسلحة متطورة في المناطق الحدودية كما كان الحال مع عملية الوادي خلال الأشهر الأخيرة، ومازالت انتصارات أسلاك الأمن تتوالى وفق قناعة أن معركة الإرهاب مازالت متواصلة عسكريا وسياسيا. فضلا عن تصفية أمراء لتنظيم "داعش " في مختلف مناطق الوطن، وكذا مصادرة بنادق رشاشة وكمية من الذخيرة ومناظير ميدان وقنابل يدوية وهواتف نقالة وأحزمة ناسفة وألغام تقليدية   وفق بيانات لوزارة الدفاع الوطني، بالإضافة إلى اعتقالات لمتورطين في دعم الإرهابيين  بالجنوب.

الجزائر التي حذّرت أكثر من مرة من أي تدخل عسكري في ليبيا، كونه يدخل هذا البلد في بحر من الدماء والمآسي الإنسانية، فضلا عن هروب الآلاف من أبنائه نحو البلدان المجاورة، تعتمد في إستراتيجيتها الأمنية على تكثيف تنسيقها الأمني مع دول الجوار على غرار تونس قصد تبادل المعلومات من خلال سلسلة الاجتماعات واللقاءات الميدانية.

بذلك يبقى الحل الوحيد للجزائر في مواجهة أي خطر إرهابي قادم من ليبيا هو ضرورة الاستعداد الكامل والدائم لأي مستجد قد يحدث بالنظر إلى أن التطورات وفق المستجدات الجديدة من الصعب التكهن بها.