عضو رابطة علماء وأئمة الساحل، يوسف مشرية لـ«المساء”:

الجزائر تكوّن 50 إماما من الساحل في مكافحة التطرف سنويا

الجزائر تكوّن 50 إماما من الساحل في مكافحة التطرف سنويا
عضو رابطة علماء وأئمة الساحل، يوسف مشرية
  • 1183
حاورته: شريفة عابد حاورته: شريفة عابد

أكد يوسف مشرية، عضو رابطة علماء وأئمة الساحل، يوسف مشرية ، أن دول الساحل تعتمد على المقاربة الجزائرية في مكافحة التطرف العنيف ونشر قيم السلم والمصالحة، مشيرا إلى أن الجزائر تقوم سنويا بتكوين أكثر من 50 إماما ينحدرون من منطقة الساحل، في مجال نشر تعاليم المذهب المالكي القائم على الوسطية والاعتدال ونشر قيم التسامح، لمواجهة التيارات المتطرفة. وذكر المتحدث في حوار مع المساء بأن الرابطة توصي باحتواء الشباب قبل تجنيدهم وذلك باعتماد سياسة ملء الساحة قبل دعاة التفرقة، الذين ترعاهم جماعات إرهابية، مع إشراك الزوايا والطرق الصوفية في تكريس هذا التوجه. 

المساء: تعاني منطقة الساحل من تفشي ظاهرة التطرف، ما دور الرابطة في مواجهة هذه الظاهرة؟

يوسف مشرية: أولا يجب تعريف منطقة الساحل الإفريقي، التي تعتبر منطقة تمتد من الصحراء الكبرى حتى بحيرة التشاد ومن المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر. وهي تضم 13 دولة، تعتبر دولا رخوة كونها تعاني من مشاكل اقتصادية وتنموية تستغلها الجماعات المتطرفة في نشر مذهبها وتجنيد شبابها.

رابطة علماء الساحل، التي أنشئت بهدف مكافحة التطرف العنيف الذي تستغله الجماعات المتطرفة لنشر تعاليم مغلوطة تمجد العنف والتعصب، تجتهد من أجل نشر مرجعية دينية واحدة ممثلة في الإسلام المعتدل والوسطي المستمد من المذهب المالكي، وهي تقوم في هذا الإطار بمهمة توعية الشباب بتعاليم الدين الصحيح البعيد عن التطرف والعنف، حتى لا يتم الإيقاع بهم، ويتم ذلك عبر برامج تكوين تنظم على المستوى الإقليمي والمحلي ووفقا للخطط والبرامج المسطرة والإمكانيات المتوفرة.

ما هي التنظيمات التي تنشر الفكر المتطرف بمنطقة الساحل ؟

❊❊ من بين أهم التنظيمات الراعية للتطرف، والتي سجلت في الخانة السوداء لدى رابطة علماء وأئمة الساحل الإفريقي، نجد تنظيم إزالة الذي انبثق عنه فيما بعد تنظيم بوكو حرام، الذي ينشط في حوض التشاد والنيجر ونيجيريا ويمتد إلى الكاميرون، وهو تنظيم عرف بارتكابه مجازر عديدة وحشية، كما يأتي تنظيم التوحيد والجهاد الذي يغطي منطقة غرب إفريقيا ضمن الجماعات الخطيرة الدموية التي تنشر الفكر المتطرف بالمنطقة، بالإضافة تنظيم المرابطون الذي يضم العديد من المقاتلين المنحدرين من المغرب وموريتانيا، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي و«أنصار الشريعة، الذي يتواجد بليبيا، وتنظيم نصرة الإسلام والمسلمين المتواجد بشمال مالي.

وتقوم كل هذه الجماعات بنشر دعوات تكفيرية، والدعوة لإراقة الدماء وسلب أموال المسلمين بالقوة.

كيف استفادت دول الساحل من التجربة الجزائرية في مجال مكافحة التطرف العنيف ؟

العديد من دول الساحل تعتمد على المقاربة الجزائرية في محاربة التطرف في بلدانها، اقتناعا منها بنجاح هذه التجربة التي مكنت الجزائر التي عانت من ويلات الإرهاب الخطير الذي كبدها حصيلة ثقيلة تمثلت في 200 ألف ضحية وخسائر مادية بالملايير علاوة على عزلة دبلوماسية حادة فرضت عليها، ومع ذلك استطاعت الجزائر تجاوز تلك المحنة الكبيرة، ما جعل دول الساحل تقتدي بالتجربة الجزائرية القائمة على إرفاق الجهود الأمنية الحثيثة والمتواصلة التي يقودها الجيش الوطني الشعبي بميثاق السلم والمصالحة الوطنية وتفعيل دور المساجد والأئمة إلى جانب هيئات أخرى في محاربة التطرف العنيف.

والأمثلة هنا عديدة، ومنها تبني مشروع المصالحة بين الفرقاء الماليين، وأيضا الليبيين الذين يعتبرون الجزائر شريكا هاما يقتدى بتجربتها المفيدة والصالحة لمعالجة حالات اللااستقرار واللاأمن التي تعاني منها عدة بلدان في المنطقة.

كيف تنسق رابطة علماء وأئمة الساحل مع الزوايا بمنطقة الساحل والصحراء الكبرى في مجال الوقاية من التطرف ؟

❊❊رابطة علماء وأئمة الساحل، تعتمد في مكافحة التطرف على مرجعيتها الفكرية والروحية المتمثلة في المذهب المالكي المعروف بالاعتدال والوسطية، بالإضافة إلى الطرق الصوفية وفي مقدمتها، الطريقتان التيجانية والقادرية، التي نشرها العالم الجزائري، محمد ماغيلي التلمساني في شمال تومبوكتو بمالي ولقنها لسكان شمال نيجيريا، مع الإشارة في هذا الإطار إلى أن كل منطقة الساحل تعتمد على المذهب المالكي.

كذلك فإن الرابطة تستنبط مقاربتها وحلولها من إرثها الاجتماعي الديني الذي كان عامل توحيد وجمع شمل القبائل في مناطق شاسعة وكبيرة في الصحراء.

ونحاول في هذا الإطار إشراك أعيان الزوايا في نشر تعاليم الدين الإسلامي الصحيح وتوعية الشباب بمخاطر التطرف من خلال إحياء التراث الاسلامي وتقديمه، والاستناد إلى مساهمات علماء الدين الذين سبقونا بمنطقة الساحل وتقديم إنجازاتهم، مع التأكيد على أن جميع هؤلاء العلماء لم ينشروا الإسلام بحد السيف وإنما بالدعوة الحسنة والتوعية والإقناع، بعيدا عن العنف وأسلوب تكفير الناس والتقتيل والتنكيل بالجثث.

هل تقوم الرابطة بعملية تكوين الأئمة الشباب المنحدرين من دول الساحل ؟

❊❊نعم، التكوين هو محور أساسي ضمن نشاطات الرابطة، وهو في غاية الأهمية في سياق مسعى نشر الأفكار المناهضة للتطرف بشكل مدروس ودقيق، أساسه المرجعية المالكية المعتدلة والتذكير بإسهامات العلماء الأجلاء. كما أن إحدى أهم توصيات منظمة السلم والأمن التابعة للاتحاد الافريقي، التي يرأسها الدبلوماسي الجزائري، إسماعيل شرقي، أكدت على دور الأئمة في مجال مكافحة التطرف ودور الرابطة عامة في هذا المجال. وتتكفل الجزائر بملف التكوين بالتعاون بين وزارة الشؤون الخارجية والشؤون الدينية والأوقاف.

ما هو عدد الأئمة الذين تم تكوينهم من قبل الجزائر في إطار رابطة علماء وأئمة الساحل؟

❊❊يفوق عدد الأئمة الذين تكونهم الجزائر كل سنة، أكثر من 50 إماما، ينحدرون من دول الساحل المختلفة، حيث يتم اختيار عنصرين من كل دولة، ويتم ضبط برنامج الدول المستفيدة وفقا للأولويات والاحتياجات المعبر عنها في الميدان، مع إيلاء أولوية للدول التي تعاني من التطرف.

ويتم في هذا الإطار تنظيم دورات تكوينية لهؤلاء الأئمة عبر 13 معهدا متخصصا بالجزائر، أهمها تلك المتواجدة بولايتي إليزي وتمنراست.

ماهي توصيات رابطة علماء الساحل في مكافحة التطرف؟

❊❊أهم التوصيات التي تؤكد عليها رابطة علماء وأئمة الساحل، تحمل الطابع السياسي، وتتعلق بضرورة الانتشار وملء الساحة، حيث نشدد دائما على ضرورة أن يتواجد الأئمة في كل مكان لنشر الفكر المعتدل والاتصال بالشباب وتوعيتهم، وعدم الاكتفاء بالخطب المناسباتية أو الظرفية وتنظيم دروس للتوعية والإرشاد والوعظ، لقطع الطريق أمام أصحاب الفكر المتطرف الذين يسيطرون على بعض المنابر ويستغلونها لنشر أفكارهم الهدامة وتجنيد ضعيفي النفوس أو من لديهم استعداد للعنف بمجرد توفر بيئة حاضنة لهم.