تسعى لتأسيس جبهة قارية ضده وتصفية رواسبه

الجزائر بخطوات تشريعية وطنية ودولية لتجريم الاستعمار

الجزائر بخطوات تشريعية وطنية ودولية لتجريم الاستعمار
  • 163
مليكة. خ  مليكة. خ

يعد مقترح قانون تجريم الاستعمار المطروح على مستوى البرلمان، بمثابة التزام  للجزائر التي كثفت جهودها منذ مطلع العام الجاري، من أجل إضفاء الطابع الدولي على إدانة الممارسات الهمجية والجرائم الإنسانية التي لحقت بالشعوب المستضعفة لعقود، حيث تقود بالموازاة مع ذلك جهودا دولية لإدراج هذه القضية بالأمم المتحدة من أجل كشف الحقيقة ودفع الاستعمار للاعتراف بجرائمه البشعة، وتقديم تعويضات للشعوب التي تضررت مصائرها واستنزفت ثرواتها.

مقترح مشروع قانون الذي بادر به نواب المجلس الشعبي الوطني، يأتي ليكمل جهود الجزائر لتعميم تجربتها في تجريم الاستعمار على المستوى الاقليمي والدولي، وذلك باحتضانها مؤخرا المؤتمر الدولي حول جرائم الاستعمار في إفريقيا، قصد خلق مقاربة شاملة تعزّز الموقف الإفريقي وتوحده قبل عرضه على الأمم المتحدة لإضفاء طابع أشمل، يدين الظاهرة التي مازالت تتغذّى منها القوى الاستعمارية السابقة، سواء بفرض النّفوذ على مستعمراتها السابقة أو بمحاولة فرض الوصاية عليها بأفكار كولونيالية تجاوزها الزمن. وتنبع رؤية الجزائر انطلاقا من التزامها بتصفية رواسب الاستعمار بكل تجلياتها والقضاء على كافة أشكاله، على غرار ما هو قائم في الصحراء الغربية التي تعد آخر قضية تصفية استعمار في القارة، والقضية الفلسطينية التي تعد من أعقد القضايا التي عرفها التاريخ.

وبما أن هذا الملف قد عانى لسنوات من محاولات الطمس لإخفاء الحقائق التي تفضح جرائم أكبر القوى الاستعمارية، فإن الجزائر لم تتردد في القيام بأولى الخطوات الجريئة لدفع الدول التي كانت ضحية النّهب والسلب والجرائم في حقّ الإنسان والبيئة على السواء، لإسماع صوتها عاليا مثلما جرّمت  المجموعة الدولية العبودية والفصل العنصري، ولما لا المطالبة بحق التعويض العادل واستعادة الممتلكات المنهوبة وفق ما تكفله الأعراف الدولية. كما تسعى الجزائر إلى تعزيز الآليات القانونية للجان المختصة  لمنظمة الأمم المتحدة المتمثلة في لجنة الأربعة والعشرين الخاصة بإنهاء الاستعمار واللجنة الرابعة المتعلقة بتصفية الاستعمار.

والتزمت الجزائر بإرساء أولى ركائز هذا التصور خلال قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة بأديس أبابا شهر فيفري الماضي، من خلال المصادقة على لائحة تخصّ تجريم الاستعمار والحصول على تعويضات عن المظالم التاريخية التي تعرضت لها الشعوب الإفريقية على مدار عقود، في خطوة تاريخية تعد الأولى من نوعها من أجل تشكيل جبهة إفريقية لطرح هذه المطالب دوليا.

وتم في السياق تكليف الجزائر وثلاث دول أخرى، بالعمل على تنفيذ المبادرة الإفريقية لتجريم الاستعمار والمطالبة بالتعويضات العادلة عن الظلم الاستعماري الذي حاق بالشعوب الإفريقية خلال عقود من الكولونيالية.  وأكدت الجزائر استعدادها الكامل للقيام بهذه المهمة بكل ما أوتيت من التزام وعزم، كونها عانت على مدى 132 عام من تاريخها ويلات وأهوال استعمار استيطاني قلّ نظيره، ما جعلها تؤيد هذا القرار الذي يمثل خطوة هامة في مسار السعي نحو تحقيق الاعتراف والعدالة والتعويض عن الجرائم التي تعرضت لها الشّعوب الإفريقية.