ثمّنوا تعليمات الرئيس لمكافحة الفساد.. اقتصاديون وقانونيون لـ"المساء":
الجزائر انتصرت في معركة مكافحة تبييض الأموال

- 155

❊ بوحرب: إعلان القطيعة مع عهد الممارسات المشبوهة
❊ كاوبي: تضييق الخناق على مستغلّي ثغرات النظام المالي
❊ كورتل: القيادة السياسية حريصة على الحفاظ على المال العام
❊ غريمس: قرارات الرئيس تكريس لمقاربة شاملة للحوكمة الرشيدة
اعتبر خبراء في القانون والاقتصاد، مصادقة مجلس الوزراء، على مشروعي قانوني الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، وحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، نقلة نوعية في السياسة المالية والأمنية للجزائر التي تسعى إلى تجفيف منابع الآفات االمدمّرة من خلال مرافقة التحوّلات الاقتصادية والرقمية تجسيدا لالتزاماتها الدولية.
وفي هذا الشأن أكد أستاذ المالية والاقتصاد بجامعة البليدة 2، البروفيسور حكيم بوحرب، في اتصال مع "المساء" أن المصادقة على مشروع قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، تعد التزاما قانونيا ذا بعد أمني واجتماعي ورافعة للتنمية الاقتصادية، مشيرا إلى أنه يعكس رغبة الجزائر في إعلان القطيعة الرسمية مع ممارسات الفساد السابقة.
وأضاف أن هذا القانون من شأنه تحسين البيئة الاستثمارية، ومستويات الشفافية وأخلقة الحياة العامة من خلال الحد من الممارسات السلبية المعرقلة للمسار التنموي، فضلا عن تحيين المنظومة التشريعية بما يتوافق مع التزامات الجزائر الدولية، خاصة ما تعلق بمعايير مجموعة العمل المالي "غافي".
وأوضح المتحدث، أن مشروع القانون جاء ليستكمل مسار الجزائر الجديدة في محاربة ظاهرة غسيل الأموال التي تمثل إحدى الظواهر السلبية التي تنخر مقدّرات الدولة وتحدّ من نجاعة السياسات العامة وأداء مؤسسات الدولة.
وأكد الخبير، أن تطبيق هذا القانون له العديد من الأبعاد من خلال تدعيم الآليات الوقائية والتقنية لكشف وتتبّع مصادر الأموال المشبوهة، وكذا تعزيز الشفافية المالية وسد الثغرات القانونية التي تستغل في تحويل الأموال بطرق غير مشروعة، والحد من الأنشطة التي تضرّ بالاقتصاد الوطني، واستقطاب رؤوس الأموال من خلال إبرام شراكات دولية.
وبخصوص قانون حماية المعطيات الشخصية ذكر الخبير، أن من شأنه تدعيم الترسانة القانونية الهادفة إلى حماية خصوصية الأفراد والتصدّي للجرائم السيبرانية، مؤكدا أن مشروعي القانونين المصادق عليهما يعتبران جزءا من منظومة وطنية لمكافحة الفساد المالي والرقمي، ويؤسسان لإطار قانوني يواكب التحوّلات العالمية في مجال الشفافية، الأمن المعلوماتي وحماية الخصوصية.
بدوره أكد الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي، أن مخرجات مجلس الوزراء، تهدف إلى تحديد الآليات وتحيين الميكانيزمات المرتبطة بمكافحة جميع أشكال تبييض الأموال وتحويلها لتمويل الإرهاب، مشيرا إلى أن هذين القانونين لهما علاقة طردية ومرتبطين ببعضهما البعض، كونهما يصبان في تشديد وسائل مكافحة المال الفاسد وتوفير الحماية للأشخاص في التعامل مع معطياتهم الشخصية، كما يهدفان إلى تضييق الخناق على الشبكات التي تستغل الثغرات في النظام المالي لغسل الأموال وتمويل أنشطة غير مشروعة، وضمان وسائل أكثر صرامة للكشف عن العمليات المالية المشبوهة، مع تكريس مبدأ التعاون الوطني والدولي، وإلزام المؤسسات المالية بإبلاغ الجهات المختصة بكل المعاملات غير المعتادة.
من جهته قال الخبير القانوني عبد الحفيظ كورتل، إن الدولة تولي أهمية كبيرة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وحماية المعطيات الشخصية، مشيرا إلى أن المصادقة على مشروعي القانونين يسدّ بعض الثغرات القانونية ويضمن التأقلم مع المعايير الدولية في الشفافية، وأوضح بأن الجزائر أدرجت في القانونين الجديدين أحكاما توضّح كيفية حماية المعطيات ومكافحة تبييض الأموال في إجراءات التقاضي، مشيرا إلى أن القيادة السياسية في الجزائر، تحرص على وضع أساليب رقابة صارمة للحفاظ على المال العام.
أما أستاذ قانون الأعمال بجامعة جيجل، البروفيسور عبد الحق غريمس، فأكد لـ "المساء" أن المصادقة على مشروعي القانونين تعد استجابة الجزائر للالتزامات الدولية، مشيرا إلى أن النّصين يتكاملان باعتبار أن مكافحة تبييض الأموال لا يمكن أن تكتمل دون تأمين البيانات الشخصية، التي أصبحت تستغل بطرق معقّدة لتمرير التحويلات غير القانونية أو فتح حسابات وهمية.
وأكد غريمس، أن أهمية قانون مكافحة تبييض الأموال لا تكمن فقط في كونه إجراء قانونيا، بل يعد أداة استراتيجية لحماية الاقتصاد وتعزيز السيادة المالية، ومنع اختراق الاقتصاد الوطني من طرف شبكات الجريمة المنظمة.
وأضاف أن القانون يعزّز الشفافية والرقابة ويفرض إجراءات صارمة على المؤسسات المالية من خلال إقرار تعديلات على القانون الأصلي 1-05، الذي فرض تحيين التشريعات لمواكبة التطورات الحاصلة، وتجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية من خلال تتبّع المال الفاسد وتحليل مصادره، وتعزيز جهود الجزائر في مجال الوقاية من تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب، فيما يعمل قانون حماية البيانات الشخصية على إرساء ثقافة قانونية جديدة تقوم على مبدأ أن المعطيات الشخصية ليست مجرد معلومات تقنية وهو مكرّس دستوريا.