العقيد بولمعيز يستعرض تجربتها في مكافحة الآفة:

الجزائر اعتمدت مقاربة شاملة في محاربة الإرهاب

الجزائر اعتمدت مقاربة شاملة في محاربة الإرهاب
العقيد محمد فتحي بولمعيز
  • 771
و. أ و. أ

قال العقيد محمد فتحي بولمعيز، أمس، إن الجزائر اعتمدت في محاربتها للإرهاب على مقاربة شاملة لإدراكها أنها ظاهرة معقدة ومتعددة الأشكال والدوافع، مضيفا أنه كان لزاما على الجزائر تنفيذ سياسة واستراتيجية لمحاربتها كجزء من مقاربة شاملة سياسية وقانونية وعسكرية واقتصادية واجتماعية.

وأوضح بولمعيز في محاضرة ألقاها خلال أشغال يوم دراسي حول الإرهاب المنظم من قبل المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة بالنادي الوطني للجيش، في العاصمة أن هدف الجزائر كان "استتاب الأمن وضمان الوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستعادة ثقة الشعب والبناء الدستوري للدولة الجزائرية، إلى جانب تأمين مؤسسات الدولة وضمان سير النشاط الاقتصادي والاجتماعي وتكريس دور الجزائر كفاعل في تحسين الأمن والاستقرار في المنطقة". وأضاف المحاضر أنه كان على الجزائر تحديد القوى والوسائل الواجب تخصيصها لاستئصال ظاهرة الإرهاب، حيث تم "تنظيم رد فعل الدولة والمجتمع بالالتفاف حول الجيش الوطني الشعبي، باعتباره الضامن للوحدة الوطنية والسلامة الترابية، بمساعدة باقي الأسلاك الأمنية والقوى الحية للأمة وخبراء في الشؤون الأمنية، السياسة الخارجية وأعضاء السلك الدبلوماسي".

وأشار إلى أن العمل الإرهابي في الجزائر بدأ بجماعات سرية سنوات الثمانينيات "كما هو حال الجماعة السرية للمسمى بويعلي 1982- 1986"، قائلا إن هذا "التيار المتطرف سلك طريق العنف المسلح لمعارضة النظام القائم ومحاولة تغييره بالقوة". وأوضح العقيد أن الجزائر شهدت انخفاضا في الإيرادات الخارجية بداية 1986 عقب الانخفاض الحاد في عائدات المحروقات، ما ساهم في تدهور الوضع الاجتماعي وعجز الدولة على تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطن، من حيث السكن والرعاية الصحية وتوفير مناصب الشغل، "الأمر الذي أدى إلى تهيئة الظروف لتأجيج الاحتجاجات ضد النظام في أكتوبر 1988. وكان من نتائج هذه الاحتجاجات بداية الانفتاح السياسي والتعددية الحزبية".

وقال المحاضر، إن السلطات السياسية آنذاك وافقت على طلب إنشاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ "لإبعادها من السرية والتآمر على مؤسسات الدولة "، حيث ساد الاعتقاد بأنه يمكن ترويضها ومراقبتها، غير أن الأحداث "أثبتت بعد ذلك خطأ تلك الاعتقادات خاصة بعد فوز الحزب بالانتخابات المحلية في 1990 والتشريعية في 1991"، ما منح الفرصة لهذا الحزب لتعزيز مكانته وزيادة قوته ومن ثم التشكيك في سلطة ومصداقية الدولة، حيث "تبنى الحزب خطابا دينيا يدعو إلى الكراهية والحركات الاحتجاجية والعنف". وأكد المتحدث أن سماح الحزب للجهات المتطرفة في حركتهم بالفتوى في جواز الجهاد شرعًا في الجزائر "دفع بالسلطات إلى توقيف المسار الانتخابي. وهو الشيء الذي وجدوه ذريعة لبداية العمل الإرهابي في 1992". وأشار العقيد في هذا السياق إلى عدم وجود تعريف واحد متفق عليه للإرهاب من الناحية الاصطلاحية، مرجعا السبب إلى اختلاف الآراء والاتجاهات في هذا الموضوع من جهة ولاختلاف مواقف الدول من جهة ثانية.

وبالنسبة لوجهة نظر التشريع والقانون الجزائري، يرى العقيد أن المرسوم التشريعي الجزائري رقم 03/ 92 المتعلق بمكافحة التخريب والإرهاب، يعتبر عملا تخريبيا أو إرهابيا كل مخالفة تستهدف أمن الدولة والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، مضيفا أن "تعديل قانون العقوبات سنة 1995 وسع  نطاق الأعمال الإرهابية ليشمل تهديد الوحدة الوطنية".

وأضاف أن البعض يعتبره "عنفا مسلحا والبعض الآخر يعتبره عملا من أعمال النضال الوطني (مقاومة)، مشيرا إلى أن الإرهاب بمختلف أشكاله استخدم في الحرب العالمية الثانية، في حين اعتبر  أن العنف كان الوسيلة الوحيدة التي ارتكبت بواسطتها أبشع المجازر في تاريخ الإنسانية، من خلال الأعمال التي مارستها كل من النازية والفاشية في أوروبا. وأردف في هذا الصدد "كذلك مارست الألوية الحمراء في إيطاليا، الجيش الجمهوري الايرلندي ومنظمة تحرير الباسك الارهاب لتحقيق أهداف مختلفة سياسية ودينية وطنية وإيديولوجية".

للإشارة فقد حضر في هذا اليوم الدراسي سفراء من دول إفريقية وأمريكا اللاتينية ووفد من معهد الدراسات السياسية والاستراتيجية الشاملة بنيجيريا.