الرئيس بوتفليقة يمنح أوسمة الاستحقاق الوطني لـ 26 شخصية إبداعية

"الجدير" لزهور ونيسي و"العشير" لـ 25 "هَرَمًا ثقافيا"

"الجدير" لزهور ونيسي و"العشير" لـ 25 "هَرَمًا ثقافيا"
  • القراءات: 1715
مريم. ن مريم. ن

منح الرئيس بوتفليقة وسام "الجدير" من مصاف الاستحقاق الوطني، للسيدة زهور ونيسي، وكذلك أسدى وسام "العشير" للفنان الحاج محمد الطاهر فرقاني (المكرَّمان من الأحياء، أطال الله عمرهما).كما منح وسام "العشير" لـ 24 مبدعا من مختلف الأصناف الإبداعية (الفنية والثقافية والأدبية)، وجميعهم من الراحلين (رحمهم الله جميعا)، على غرار الروائي رشيد ميموني ومالك حداد والطاهر وطار وأبوالقاسم سعد الله وبوجمعة العنقيس وعثمان بالي (انظر القائمة). رئيس الجمهورية رفع المكرمين إلى مصاف الاستحقاق الوطني؛ تقديرا وتكريسا لثقافة الاعتراف بمن خدم الوطن وضحّى في سبيله ودافع عنه بكل أشكال الإبداع الثقافي والفني والسينمائي.. والملاحَظ في قائمة المتوّجين الـ 24 (رحمهم الله) أنهم إضافة إلى تنوّع إبداعاتهم وثرائها وعلى اختلاف انتماءاتهم وأجيالهم، يمثلون كل جهات الوطن والمناطق والأجناس، وحتى إن كان "وسام العشير" قد أُسند لهم بصفتهم كجزائريين وطنيين، فإن الرسالة الذكية الأكبر التي تذكّر "المرتدّين الجدد" التي أراد الرئيس بوتفليقة توجيهها، هي أن الجزائر واحدة موحدة، بناها الجميع، ودافع عنها الجميع، كل من منطلقه، جمعتهم الوطنية والانتماء إلى هذا الوطن المفدّى: فنّا ورسما ورواية وتاريخا وسينما وإخراجا وزوايا وتمثيلا ومسرحا... 

 القائمة المكرَّمة تضم ممثلين عن كل مناطق الوطن وبكل اللغات؛ قبائل وشاوية وطوارق وميزابا وعربا ومن صحرائنا الكبرى... اثنان منهم ما زالا على قيد الحياة، و٢٤ فقيدا ينحدرون من كل أنحاء الوطن، يحملون جنسية واحدة؛ "جزائريون"، ويحملون في قلوبهم وإبداعاتهم حبّا واحدا؛ "الجزائر"، أحبّوا الجزائر كما لا يحبّ الجزائر أحدٌ. إذن التكريم الذي خص به رئيس الجمهورية رجال الفكر والثقافة والفن في بلادنا، يؤكد إيمانه بأن هؤلاء ساهموا في خدمة الجزائر، وقدّموا النصيب الأوفر لنهضة الوطن وتعزيز مكانته في الداخل والخارج وفي الحفاظ على هويته، ونظرا لمكانة تلك الأسماء الثقيلة وبقائها محفورة في الذاكرة الجماعية. لذلك ومواصلة لهذا العرفان، جاءت مراسيم منح أوسمة بدرجة "جدير" و«عشير" من مصف الاستحقاق الوطني لمجموعة من أهل الفكر والفن، منهم 24 شخصية غادرت الحياة مع اعتماد مبالغ مالية هامة تليق بمكانة المكرَّمين.

مراسيم التكريم الأخيرة التي وقّعها السيد الرئيس في أفريل 2016، صدر العدد الأخير منها في الجريدة الرسمية (العدد 25)؛ حيث تضمنت منح وسام بدرجة "جدير" من مصف الاستحقاق الوطني للسيدة زهور ونيسي، علما أنها أكدت في حديثها إلى "المساء" أمس، أنه سبق لها وأن تحصلت على وسام "عشير". وقد عبّرت بالمناسبة عن افتخارها بالتكريم الذي أُهدي إليها بمناسبة احتفالية "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015". كما مُنح وبمناسبة نفس التظاهرة وسام "عشير" للحاج محمد الطاهر فرقاني، علما أن المكرَّمين من أبناء قسنطينة ومن أسمائها اللامعة منذ عقود من الزمن. فبالنسبة للسيدة ونيسي فقد وُلدت بقسنطينة سنة 1936م، وهي مجاهدة وتحمل وسام المقاوم. تقلدت مناصب عليا ثقافية وإعلامية واجتماعية وسياسية، وهي أول امرأة جزائرية ترأس وتدير مجلة نسائية "الجزائرية".

بالنسبة للحاج الفرقاني أطال الله في عمره (88 سنة)، فاسمه ارتبط بالمالوف الجزائري إلى درجة أنه أصبح مدرسة قائمة بذاتها، وبقي وفيا للجزائر خادما لها، كما يقول دائما، ويتعهد بتشريفها أينما ذهب، كما كان حريصا على استقبال الرئيس كلما حل ضيفا على قسنطينة. ومنح الرئيس وساما بدرجة عشير من مصف الاستحقاق الوطني بعد الوفاة، لـ 24 شخصية من خيرة الأدباء والفنانين والعلماء. وجاء في قائمة الأسماء اسم الأديب رشيد ميموني الذي كان عضوا بالمجلس الوطني للثقافة سنة 1992م، نشر أول نصوصه في السبعينيات، وتعرّض لمحاولة اغتيال، دخل على إثرها مستشفى مصطفى باشا عام 1993م، ثم عاش في طنجة؛ حيث اشتغل في الإذاعة. من مؤلفاته بالفرنسية: الربيع لن يكون إلا أكثر جمالا (1978م)، حزام الغولة، عن البربرية، شرف القبيلة، طومبيزا والنهر المحول (1982).

من الأدباء المكرمين أيضا الراحل الطاهر وطار الذي يُعتبر أبا الروائع الروائية عندنا، والذي التزم بمواقفه النضالية والأدبية طيلة حياته. وهناك أيضا مالك حداد الشاعر الفذ الذي كانت دواوينه تُقرأ عبر العالم، وكان الصوت المدوي في الثورة التحريرية الذي تجاوز مسقط رأسه قسنطينة. ويُذكر أن ديغول كان يحرص على قراءة دواوينه ليفهم الشعب الجزائري. مالك كان أيضا أول أمين عام لاتحاد الكتّاب الجزائريين بعد الاستقلال، وقد جال وصال في عواصم العالم، يتغنى بحبيبته الجزائر. اسم آخر سجل حضوره في ذاكرة الأدب، وهو الراحل عمر البرناوي صاحب رائعة "من أجلك عشنا يا وطني"، وهو الشاعر الوطني الذي عشق الجزائر حتى الجنون. تتوالى أسماء الأدباء المكرمين لنجد فيها اسم الراحلة آسيا جبار، التي ملأت العالم بروائع القصص الذي لم تسقط منه أبدا اسم الجزائر وثورتها التحريرية، هي التي تركت مقاعد الدراسة في إضراب الطلبة لتعبّر عن وقوفها إلى جانب شعبها البطل. معظم أعمالها تناقش المُعضلات والمصاعب التي تواجه النساء، كما عُرف عنها الكتابة بحس أنثوي، وهي أشهر روائيات الجزائر وإفريقيا الشمالية، تم انتخابها في 2005 عضوا في أكاديمية اللغة الفرنسية، وهي أعلى مؤسسة فرنسية تختص بتراث اللغة الفرنسية؛ حيث تُعتبر أول شخصية من بلاد المغرب والعالم العربي تصل إلى هذا المنصب.

من الكاتبات أيضا نجد الراحلتين زليخة سعودي ونجية عبير (بن زقوطة)؛ فبالنسبة للأولى فقد تركت وراءها رصيدا من الأعمال الأدبية في مختلف المجالات، كالقصة القصيرة والمسرح والمقال؛ سواء كانت مخطوطة أو منشورة في المجلات والجرائد الوطنية. كانت زليخة توقع كتاباتها بأسماء مستعارة مثل "أمل" و«آمال". كما عُرف عنها مراسلاتها العديدة لبعض الأدباء الجزائريين. جمع آثارها الأستاذ شريبط أحمد شريبط من جامعة عنابة، وأصدرها اتحاد الكتّاب الجزائريين عام 2001. أما نجية فقد رحلت سنة 2005 قبل أن تكمل ثلاثيتها، وهي كاتبة قلّ نظيرها؛ إذ تحمل نبلا لغويا راقيا، ونصوصها مستمَدة من سيرتها الذاتية بمسقط رأسها بقسنطينة.من الأسماء الثقيلة كرّم الرئيس شيخ المؤرخين الراحل أبوالقاسم سعد الله أو صاحب "موسوعة تاريخ الجزائر". وللراحل سجلّ علمي حافل بالإنجازات والمؤلفات والترجمات. وقد بدأ النشر منذ سنة 54، وأُطلق عليه اسم الناقد الصغير، وكان له السبق في الحصول على أول دكتوراه في التاريخ الحديث من الولايات المتحدة غداة الاستقلال.

بالنسبة للأعلام فقد تضمنت القائمة اسم الشيخ مولاي التهامي غيتاوي شيخ المدرسة القرآنية مالك بن أنس بزاوية أوقديم بأدرار، وعضو المجلس الإسلامي الأعلى. توفي السنة الفارطة بباريس عن عمر ناهز 61 سنة. ويُعد من أبرز أعيان ومشايخ الزوايا بالجنوب. وتبوّأ عدة مسؤوليات خلال مسيرته العلمية التي بدأها منذ 1970. الشيخ سعيد شريفي (بن عبدون بن الحاج) هو عالم إباضي جليل، ترك عشرات المقالات التي أثرى بها جريدة الشباب بمعهد الحياة، وما يناهز مائة وخمسين مقالة كان يرصّع بها جرائد الشيخ أبي اليقظان، ومئات الرسائل المتبادلة مع أقطاب الحركة الإصلاحية، والتي تُعد وثائق تاريخية لفترة حاسمة غنية بالأحداث عرفتها الجزائر وميزاب في القرن العشرين، وكذا مئات الدروس التي كان يلقيها في المسجد والمناسبات العامة والخاصة، بعضها مسجل، وكثير لم تستوعبه الآلات وإن وعته الضمائر والقلوب.

قائمة الفنانين احتوت الكثير من القامات، وعلى رأسها اسم السيدة كلثوم (عجوري عائشة)، وهي سيدة الشاشة والخشبة الجزائرية بدون منازع. كان لها إسهامها في ثورة التحرير وفي الحركة الفنية قبل وبعد الاستقلال، وهناك أيضا تلميذتها الوفية السيدة فتيحة بربار التي انتهجت طريق الكبار، فأدت أدوارا لاتزال راسخة في ذاكرتنا الفنية سواء في المسرح أو التلفزيون أو في السينما، وبينهما كان البطل الفذ سيد علي كويرات الذي مات واقفا، وهو الذي ظل حياته كلها ينشر الصورة الحسنة ويخلّد ذكرى من رحلوا من العظماء إضافة إلى أسماء أخرى كرمت معه، ومن ضمنها الراحل بن قطاف صاحب الصوت المدوي وفنان الشعب الذي أرسل "عيطته" خارج أسوار القلعة، والذي أدار مؤسسة المسرح الوطني لسنوات وتبنى المواهب الشابة بحب، كذلك اسم بن اعمر بختي المخرج الكبير الذي أعطى للسينما الجزائرية دفعا نحو التاريخ الوطني خلال مرحلة المقاومة ونحو الكوميديا (فيلمي بوعمامة والطاكسي المخفي). ومن الرعيل الأول ورد اسم الراحل حبيب حشلاف الذي تربت على يديه الأجيال من الفنانين الكبار، والذي ساهم في المحافظة على الهوية الفنية الجزائرية، ووصل بها إلى أصقاع المغرب الكبير وإلى العالم العربي وديار الغربة، وقلّما لا يرتبط فنان كبير باسمه.

من الأسماء أيضا الراحل بوجمعة العنقيس الذي ملك بيده فن الشعبي، وبأخلاقه الجماهير. كذلك المبدع محمد بوليفة الذي أعطى هوية خاصة للأغنية الجزائرية العصرية، ولطالما رافق عوده في حفلاته بالداخل والخارج، واستوقف الكبار على شاكلة الراحلة وردة الجزائرية التي قدم لها لحن "بلادي أحبك". حضرت في القائمة السيدة شريفة التي غنت لبلاد القبائل أجمل التلاحين والأحاسيس، ورافقت بصوتها أفراح الجزائريين، وختمتها بالمديح على المصطفى الأمين، وإلى التاسيلي الذي يمثله الفنان المثقف عثمان بالي، ثم إلى تلمسان مع قندسي سليمان الذي أضحك الجمهور زمن المحن.من الأسماء طالب رابح من أعمدة الأغنية القبائلية الذي غادر عن عمر 85 سنة تاركا بصمته في هذا الفن من خلال عشرات الأعمال. في الفن التشكيلي حضر الراحلان عائشة حداد وعلي خوجة، وهما من رواد هذا الفن في بلادنا. حرص الرئيس على تكريم أهل الفكر والفن

في حديثه إلـى "المساء"، أشار الباحث الموسيقي الدكتور بغدادي نصر الدين إلى حرص الرئيس بوتفليقة على تكريم المثقفين والفنانين، وذلك منذ العهدة الأولى لولايته؛ سواء بالأوسمة أو بالهبات المالية المحترمة. بغدادي أشار إلى أنه حضر الكثير من هذه التكريمات التي مست أسماء لامعة ابتداء من الشيخ الغافور والفرقاني وغيرهما. بعض الأموات كرمهم الرئيس في حياتهم، خاصة هؤلاء الذين يعرفهم شخصيا منذ أن كان وزيرا للخارجية؛ حيث كان حينها مكلفا من الراحل هواري بومدين باستضافة بعض الفنانين والمثقفين، خاصة حينما يقوم رؤساء أجانب بزيارة الجزائر وكان يلتقيهم ويتحدث إليهم، وبالتالي أصبح صديقا لبعضهم. كان يحضر بعض أنشطتهم أو حفلاتهم؛ باعتباره محبا للفن الجزائري الأصيل. وكان يرتبط ويتواصل مع أبناء الجيل القديم وهو يقدّر هؤلاء الذين خدموا البلاد وقدموا الكثير عبر مسارهم الطويل، وبالتالي فالتكريم هو عرفان، وليبقى في ذاكرة جيل الشباب الذي عليه أن يواصل المشوار بجهد وتعب، كما فعله أسلافه كل في ميدانه. 

أسماء المكرمين

1 - يمنح وسام بدرجة "جدير" من مصف الاستحقاق 

الوطني للسيدة زهور ونيسي.

2 - يمنح وسام بدرجة "عشير" من مصف الاستحقاق الوطني للسيد الحاج محمد الطاهر فرقاني.

3 - يمنح وسام بدرجة "عشير" من مصف الاستحقاق الوطني، بعد الوفاة، للسيدات والسادة الآتية أسماؤهم:

1 - السيد رشيد ميموني، كاتب،

2- السيدة كلثوم (عجوري عائشة)، فنانة،

3- السيدة عائشة حداد، فنانة تشكيلية،

4- السيدة شريفة (وردية بوشملال)، فنانة،

5 - السيد بختي بن اعمر، مخرج سينمائي،

6 - السيد سيد علي كويرات، فنان،

7 - السيد علي خوجة، فنان تشكيلي،

8 - السيد الطاهر وطار، كاتب،

9 - السيد بوجمعة العنقيس، فنان،

10 - السيد عمر البرناوي، كاتب،

11 - السيد أبو القاسم سعد الله، مؤرخ،

12 - السيد الشيخ سعيد شريفي (بن عبدون بن الحاج)، عالم إباضي،

13 - السيد الشيخ مولاي التهامي غيتاوي، عضو بالمجلس الإسلامي الأعلى،

14 - السيد محمد بوليفة، فنان،

15 - السيدة آسيا جبار، كاتبة،

16 - السيدة فتيحة بربار، فنانة،

17 - السيد طالب رابح، فنان،

18 - السيد امحمد بن قطاف، مسرحي،

19 - السيد عثمان بالي، فنان،

20 - السيدة زليخة سعودي، كاتبة،

21 - السيد قندسي سليمان، فنان،

22 - السيدة نجية عبير (بن زقوطة)، كاتبة،

23 - السيد لحبيب حشلاف، كاتب،

24 - السيد مالك حداد، كاتب.