متحف «المجاهد» يحيي الذكرى 63 لاستشهاد باجي مختار

مسار نضالي ورمز للفداء

مسار نضالي ورمز للفداء
  • القراءات: 524
❊ مريم.ن ❊ مريم.ن

أحيا متحف «المجاهد» أول أمس، الذكرى 63 لاستشهاد باجي مختار،  بتنظيم ندوة تاريخية نشطها المجاهد محمد كشود، قدم فيها جوانب مهمة من حياة هذا البطل الرمز، الذي سبق للشهادة في الأيام الأولى من حرب التحرير، بعدما عاش حياة النضال والتحضير لتفجير الفاتح نوفمبر 1954.

حضرت الندوة حشودا من تلاميذ الثانويات بالعاصمة، منها ثانوية «ابن الناس»، وكان المحاضر يوجه كلامه لهم كي يأخذوا العبرة من هذا الشهيد. وكان في أحيان أخرى يختبر معلوماتهم التاريخية، خاصة فيما يتعلق بتاريخ الحركة الوطنية وتاريخ الثورة المجيدة.

أشار المحاضر إلى أن الشهيد ولد في 17 أفريل 1919 بمدينة عنابة،  وكان ينتمي إلى عائلة ميسورة الحال، تتكون من الأبوين وأربعة أطفال، ووالده كان باش عدل بمحكمة عنابة. وذكر أن الشهيد عندما بلغ الثامنة من عمره، توفيت أمه، فكفلته أخته الكبرى ذات الـ15 سنة وهي برنية، انتقلت أسرته للإقامة في سوق أهراس، وهجر الشهيد اللعب والمرح وكل ما يحبه أقرانه وراح يركز جل اهتمامه على العلم والمطالعة بمكتبة أبيه، إلى جانب ارتباطه بدينه الإسلامي الحنيف من صلاة وتلاوة القرآن. وبعد تحصله على الشهادة الابتدائية سنة 1935، انتسب إلى إحدى التكميليات الفرنسية (ابن خلدون حاليا) واصطدم فيها بسوء المعاملة والعنصرية، خاصة من أستاذ الرياضيات، لكن الشهيد تحدى أستاذه وبرهن على أن الجزائري قادر على التفوق.

بعدها بسنتين، عمل محاسبا عند زوج أخته برنية، مما سمح له بالاحتكاك بالتجار من مختلف المناطق، الذين كانوا يخبرونه عن جرائم المستعمر وتسلطه على رقاب الأهالي، مما يزيده غضبا.

انضم باجي مختار إلى صفوف الكشافة الإسلامية سنة 1941 وأسندت  مهمة تدريب فوج الفلاح المكون من أكثر من 100 شاب، وكان تدريبهم على مرحلتين؛ مرحلة يتم فيها غرس القيم والمبادئ الروحية وتنمية الحس الوطني فيهم، عن طريق فضح أساليب المستعمر الرامية إلى تركيع الشعب الجزائري وإذلاله، ثم المرحلة الثانية، ويتم فيها أخذ مجموعة منهم إلى الجبال، مسلحين بالخناجر والحبال وغيرها من الأدوات، فيدربهم على القتال وكيفية التلاحم مع العدو. ذكر المحاضر أن الكثير من الشباب كان يسأل الشهيد عن جدوى هذا التدريب وعلى حرصه على تعريف الشباب بكل المناطق، خاصة المغارات والمسالك الطبيعية، فيرد «سيأتي اليوم الذي ستحتاجون فيه إلى توظيف المعارف التي ستكتسبونها من هذه التدريبات».

أشار السيد كشود إلى أن الشهيد انخرط في العمل السياسي سنة 1943، وظل ينشط في السرية تحت راية حزب الشعب إلى أن تأسست حركة انتصار الحريات الديموقراطية سنة 46، فانضم إليها، وشرع في تكوين وتشكيل خلاياها وتثبيت قواعدها بمنطقة الأوراس.

رشحته حركة الانتصار في أكتوبر سنة 1947، ممثلا لها في الانتخابات البلدية، ففاز فيها وأصبح ممثلا لمنطقة سوق أهراس، وانتبهت السلطات الاستعمارية لنشاطه الوطني. وبعد اكتشافها للمنظمة الخاصة «لوس»  اعتقلته سنة 1950 وسجن لمدة 3 سنوات قضاها في سجون عنابة والعاصمة والشلف، ومباشرة بعد خروجه، استأنف نشاطه السري بتشكيل خلايا ثلاثية أقبل عليها الشباب.

شارك الشهيد في اجتماع الـ22 في جوان 1954 بمنزل دريش بالعاصمة، وساند فكرة تفجير الثورة كحل أوحد لإخراج المستعمر من أرض الجزائر .

في غرة 1 نوفمبر، قام باجي مختار بعدة عمليات، منها تخريب استهدف جسر عين سنور في 2 نوفمبر، وعملية منجم الناظور في 6 نوفمبر استهدفت حراس المنجم، و7 بيوت لمعمرين، غنم فيها المجاهدون ثمانية بنادق و700 خرطوشة ومبلغا قدر بـ54 ألف فرنك كانت في خزينة المنجم.

كان هناك أيضا نصب كمين لقطار محملا بالجنود الفرنسيين، قادما من تونس بهدف الاستيلاء على السلاح، فقام رفقة أصحابه بتخريب السكة الحديدية، إلا أن القطار تأخر بربع ساعة، فوقع مكانه قطار بضائع.

بعد عملية القطار، توجه الشهيد مباشرة إلى مزرعة والي بن شواف للاستراحة والاتصال بقائد المنطقة استعدادا للاجتماع برفيقيه ديدوش مراد وعمار بن عودة بمنطقة مجاز الصفا، شرق قالمة، للتباحث حول مسألة تنشيط الثورة ودعمها بنواحي عنابة.

في صبيحة 18 نوفمبر، جاء صاحب المزرعة وأخبر باجي مختار بأن قوة من جيش العدو في طريقها إليهم، وتم اكتشاف قوات أخرى تتقدم من جهات مختلفة، فوضع الشهيد خطة للتصدي تخص تحصين وراء السور الداخلي للمزرعة ومواجهة العدو من خلال نوافذه، وعدم إطلاق النار على العدو حتى تعبر قواته السياج الأول للمزرعة عند المواجهة، وبعد معركة ضارية استمرت حتى غروب الشمس، نفذ الرصاص لدى المجاهدين، في حين استعملت قوات العدو السلاح الثقيل وسقط باجي مختار رفقة 4 رفقاء شهيدا بعد أن اخترق جسده وابلا من الرصاص.

مريم.ن