اتحاد الكتّاب يكرم الأستاذ محمد زتيلي

عرفان بمسار مبدع من سنوات عز الإبداع الجزائري

عرفان بمسار مبدع من سنوات عز الإبداع الجزائري
  • القراءات: 4786
❊ مريم. ن ❊ مريم. ن

استضاف اتحاد الكتّاب الجزائريين أمس بمقره، الأديب والإعلامي المعروف محمد زتيلي، الذي تناول العديد من القضايا الهامة والشائكة في مساره الطويل، منها تجربته في اتحاد الكتّاب الجزائريين، حيث تميز الضيف بالصراحة والنقد البنّاء خلال قراءته للراهن. كما تأثر للحضور الذي ملأ القاعة عن آخرها، وبالأسماء الأدبية الثقيلة التي جاءت مرحبة، منها العربي زبيري وأمين الزاوي وغيرهما.

في كلمته الترحيبية عاد البروفيسور علي ملاحي إلى سنوات خلت شهدت عز الساحة الثقافية والأدبية الجزائرية في سنوات السبعينيات والثمانينيات، وتذكّر مقهى «اللوتس» بشارع «ديدوش مراد»، وفيه ساد الإبداع والرقي بحضور الكبار، ومنهم الشباب الهاوون الذين كان بعضهم يحضرون من وهران، ليستمع الجميع إلى أشعار عمر أزراج وعبد العالي رزاقي وأحمد حمدي وغيرهم، وتنشب المناوشات الشعرية، كما كانت توقع المشهد الأدبي أسماء كبيرة في الساحة.

أثنى المتدخل على إبداع محمد زتيلي وعلى أعماله التي تحمل التجديد، إضافة إلى اعتماده على الطقوس الأسطورية ليحملها بوجدانه. وكتب زتيلي للأطفال أيضا فأبدع، أما في الشعر فقد استثمر في الأسطورة بجاذبية وخصوصية تميز بها عن سواه، كما ألبس الأسطورة لباس الواقع بإيقاع نثري بسيط وواضح وبنوع من الترميزية، وبالتالي استدعى الأسطورة برموزها ذات الشكل المكثف، مستعينا بالتاريخ. وكرس البلاغة وكثف الاستعارات لتبدو كاستعارة واحدة صقل بها مخيلته الشعرية. ولعب على اللغة وعلى فكرة اللامعقول، وكان غزيرا في التناصات، واستعان بالنصوص الدينية.

بدوره، قرأ الدكتور يمين بن تومي رسالة مشري بن خليفة، الذي أثنى فيها على زتيلي ابن جيل السبعينيات، حيث كان يكتب بكل الأجناس الأدبية. ذو نفس شعري وذو تقنيات ولغة خاصة، ومجدد في الحركة الأدبية الجزائرية وله مكانته. وبعد أن استعرض مسيرته ونشأته دعا إلى عدم تغييب جيل السبعينيات والثمانينيات، ورد الاعتبار له.

ثم تدخّل زتيلي معتبرا التكريم رد اعتبار نفسي ومعنوي له في ظرف خاص تكالب فيه الأصدقاء على بعضهم، وكأنّهم يقتسمون جيفة! وغالبا ما تكون الأهداف دنيئة؛ ما ولّد الإقصاء و»الحقرة»! مؤكدا أنه ابتعد هو عن ذلك وانسحب، لكنه تصدى لكل تلك الظواهر.

عاد المتحدث بالذاكرة إلى مؤتمر اتحاد الكتّاب سنة 1981، عندها مثل فرع قسنطينة، وكان الفوز حينها لمن حصد الإجماع بكل شفافية، وهو ما يفنّد افتراء أن حزب جبهة التحرير هو من كان يعين رئيس اتحاد الكتّاب، بل إن المنخرطين تجاوزوا القانون الذي يفرض أن يكون الرئيس من الحزب، وهنا علّق: «أنا لم أناضل في الأفلان إلا بعد أن دخلت اتحاد الكتّاب وليس العكس»، لكنه أكد أن أطرافا كانت في الحزب تتهم الاتحاد بأنه شلة من الشيوعيين، وهذا خطأ كبير، لكنه ذكر أن مناضلين آخرين دعّموا اتحاد الكتّاب، كان منهم الراحل شريف مساعدية. وقال الضيف إنه ينتمي لجيل اليسار؛ فهو كجزائري وطني وحافظ لكتاب الله ومصلّ، بل واشتغل إماما ليتدرب على الخطابة، وهو أيضا تقدمي وديمقراطي.

من جهة أخرى، استعرض زتيلي مساره الإعلامي الشائك، وقال إنه أول من أسس جريدة مستقلة في الجزائر رفقة زميل له بعنوان «جسور» في أكتوبر 1990، وصفها وطار بأنها مفخرة، ثم جريدة ساخرة هي «مسمار» التي تم إيقافها، ثم استعرض مشواره كمسؤول وكإداري خاصة بولايتي سطيف وقسنطينة. 

وعن الجامعة قال المتحدث: «أساتذة الجامعة عندنا معقدون من الحركة الأدبية والشعرية الجزائرية»، ليذكر في الأخير أنه سيصدر مؤلفا جديدا هذا الصيف، كما رتّب لإعادة طبع بعض أعماله خاصة في الأدب الساخر الذي يسكنه، والذي هو من بين مؤسسيه بالجزائر، ثم قرأ مقاطع من بعض أشعاره، ليتم تكريمه في جو حميمي مؤثر.

الأديب زتيلي محمد من مواليد الميلية سنة 1952، سكنته الثورة وهو طفل بعدما قصفت قريته سنة 58، فانتقلت العائلة إلى قسنطينة، حيث درس حتى نال البكالوريا في 1971، ثم التحق بجامعة الحقوق بالولاية حتى 75، ثم درس بالمعهد العالي للتخطيط بدمشق. له العديد من الأعمال أشهرها «الأكواخ تحترق» سنة 1977، و»فصول  الحب والتحول» في 82، وللصغار «الضفدعة والمطر» سنة 82، وله العديد من الدراسات النقدية والكتابات الساخرة، منها «عودة حمار الحكيم» و»اللصوص المحترمون». وفي الشعر «انهيار مملكة الحوت» و»لست حزينا لرحيل الأفعى»، و15 مؤلفا متنوعا. تولى عدة مناصب، آخرها مدير المسرح الجهوي بقسنطينة، كما أسس العديد من المهرجانات.