حي الأعشاش العتيق بالوادي

إطلاق المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ

إطلاق المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ
  • القراءات: 2012

أطلقت المرحلة الثانية من المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ لحي الأعشاش العتيق الذي يتوسط مدينة الوادي، باعتباره قطاعا محفوظا ومصنفا ضمن التراث الوطني، حسب مرسوم تنفيذي مؤرخ في 28 مارس 2011، مما يستلزم وضع هذا المخطط حيز التنفيذي، حسبما أفادت مصالح مديرية الثقافة بالولاية.

يأتي تنفيذ هذه العملية التي أطلقت في الآونة الأخيرة، بعد إعطاء تأشيرة  المرحلة الأولى التي تعتمد على إحصاء المرافق العمرانية لهذا الحي العتيق الذي يتربع على مساحة قوامها أزيد من 29 هكتارا. تجسيد هذا المخطط في مرحلته الثانية، والذي يهدف إلى حماية وإعادة الاعتبار للتراث الثقافي المادي (مدن عريقة وقصور قديمة وقصبات وفضاءات عمرانية تقليدية)، من شأنه أن يساهم في المحافظة على استدامة هذا الفضاء العمراني العريق، بما يساعد على أن يكون عاملا في مسار جهود تفعيل الحركية السياحية، ومن خلالها الحركية الاقتصادية، ليكون رافدا جديدا ضمن المؤهلات السياحية للمنطقة، كما ذكرت المصالح.

ذكر السيد محمد الصالح بن علي، المختص في التراث بمنطقة سوف، أن حي الأعشاش العتيق يعتبر "النواة الأولى" وأول تجمع سكاني بمدينة الوادي، مشيرا إلى أنه بعد بروز الملامح العمرانية لهذا الحي العتيق في نهاية القرن الـ16 م، ظهرت في فترات زمنية متعاقبة ملامح باقي الأحياء الشعبية الأخرى التي شكلت فسيفساء التجمعات السكانية لمدينة الألف قبة.

يعتبر هذا الفضاء العمراني العريق نموذجا حيا للعمارة التقليدية الأولى  بمنطقة سوف، وتعتمد في تشييدها على مواد بناء محلية، أهمها الجبس المعد في أفران تقليدية، بالإضافة إلى الحجارة من نوع "اللوس"، وهو نوع من الحجارة الصلبة تقاوم الماء والرطوبة وتستخرج من طبقات الأرض بالمنطقة.

إلى جانب مقاومة مواد البناء المحلية لتضاريس الطبيعة ومتغيرات المناخ بهذه المنطقة الصحراوية، تمت مراعاة الخصوصيات الطبيعة للمنطقة، في تصاميم الهندسة المعمارية للحي التي تعتمد على القباب والجدران القصيرة والأزقة الضيقة.

أصبحت العديد من المرافق العمرانية المختلفة التي يتوفر عليها الحي، نظرا لنمطها العمراني المميز وتصاميمها الهندسية الخاصة، التي تعبر عن البعد  التاريخي للمنطقة ذات طابع سياحي بامتياز، وغدت قبلة السياح الذين يقصدونها للتمتع بخصوصيات العمارة التقليدية لمنطقة سوف، لاسيما منارة مسجد "سيدي سالم" التي تطل على باقي الأحياء السكنية بوسط المدينة.

كما تعتبر السوق المركزية التي تعد القلب النابض لأية حركية تجارية موجودة  في قلب حي الأعشاش، أول فضاء تجاري أنشئ بمنطقة سوف، حيث روعي في تصميمه مجاورته للتجمعات السكانية للحي العتيق، ويضمن هذا الفضاء التجاري العتيق تسوق السكان، مترجما طبيعة الأنشطة التجارية والموارد الاقتصادية والمالية للمنطقة، حيث أصبح فضاء خصبا لأنشطة تجارية متعددة.

يضم أيضا أجنحة لعرض وبيع مختلف المنتجات الحرفية والصناعات التقليدية، نظرا لتوفره على خصوصيات منطقة سوف، وجهة مفضلة للسياح الأجانب. يعتبر حي الاعشاش بالوادي منارة للإشعاع الروحي ومقصدا لتلقين مختلف العلوم الشرعية، مما جعل الكثير يقصدونه بهدف اللتغذية  الروحية وطلب العلم.

عرفت مراحل تشييد حي الأعشاش العتيق، بالإضافة إلى بناء بيوت تقليدية، إنشاء مرافق دينية أيضا لتلبية متطلبات سكانه، وأصبحت منارة "حقيقية" للإشعاع الروحي والصوفي، فهو يضم أبرز مراكز زوايا الطرق الصوفية (القادرية والرحمانية والتجانية)، التي كانت ولا تزال مراكز الإشعاع الصوفي، التي ظلت ومنذ نشأة الحي منابر لتدريس مختلف العلوم الشرعية وتلقين مبادئ اللغة العربية وغيرها من العلوم الأخرى.

ق.ث