طباعة هذه الصفحة

أوبرا الجزائر تحيي ذكرى الفنان التونسي قدور الصرارفي

آن الأوان لتقديم الشكر والعرفان

آن الأوان لتقديم الشكر والعرفان
  • القراءات: 1038
مريم. ن مريم. ن

تحيي أوبرا الجزائر «بوعلام بسايح» سهرة غد الجمعة، حفلا فنيا؛ تكريما لروح الفنان التونسي الراحل قدور الصرارفي الذي ترك تراثا موسيقيا ثريا، وتعامل مع عدّة فنانين جزائريين ودرّس الموسيقى بالجزائر وله جمهور واسع، حيث لاتزال أعماله حاضرة عند الجمهور ويتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

في هذا الصدد، أشار مدير الأوبرا السيد نور الدين سعودي في حديثه إلى «المساء»، إلى أنّ الراحل الصرارفي من القامات الفنية الشامخة، وكان له صلة وثيقة بالجزائر، حيث لحّن لعدّة فنانين جزائريين خاصة في الخمسينيات والستينيات، وهي الفترة التي كان فيها نقص في الملحنين والموسيقيين، لتتعزّز العلاقة أكثر إبان ثورة التحرير الجزائرية مع الفنانين التونسيين خاصة مع الصرارفي. وأضاف السيد سعودي أنّ الراحل جاء إلى الجزائر بعد الاستقلال، وقدّم العديد من ألحانه للكثير من المطربين منهم مثلا السيدة ليلى ورابح درياسة والهادي رجب. كما لحّن الكثير من الأغاني الوطنية الجزائرية؛ حبا منه للجزائر وتحية لانتصاراتها. وأشار المتحدث إلى أن الراحل تزوّج جزائرية وأنجب منها ابنته الفنانة المعروفة أمينة الصرارفي، التي ستكون حاضرة في هذه السهرة المتميزة بدعوة من وزارة الثقافة. كما سيُبث بالمناسبة شريط مصوّر يرصد حياة الراحل وأهم أعماله التي هي في درجة الروائع، إضافة إلى معرض يقام ببهو الأوبرا خاص بأغراض الفنان؛ من آلات موسيقية وكتابات خطية ومقالات كُتبت عنه وصور فوتوغرافية ترصد مسيرته الحافلة، كل ذلك هو بمثابة الشكر والعرفان الذي آن أوانه.

سيكون الحفل تحت قيادة أمينة الصرارفي تحت عنوان «تواصل». وتؤدي أوركسترا أوبرا الجزائر مُؤلّفات للراحل قدور الصرارفي. وسيشارك في هذا الحفل مطربون جزائريون وتونسيون، من بينهم نبيهة كراولي وشهرزاد هلال. وعبّرت السيدة أمينة التي سبق لها أن أدت أعمالا بالجزائر، عن امتنانها للمبادرة التي تأتي احتفاء بالذكرى الأربعين لرحيل الفنان.

للإشارة، وُلد الموسيقار قدور الصرارفي بتونس العاصمة يوم 19 جانفي 1913، وتوفي في 13 أكتوبر سنة 1977، (سبق لتونس أن أحيت مئوية ميلاده). ترعرع في وسط عائلي محب للموسيقى. ونشأ الفنان الذي اشتُهر باسمه الصّغير «قدّور»، في بيئة فنيّة عميدها شقيقه الأكبر محمّد، الذي كان قائدا للفرقة الإسلاميّة للموسيقى النحاسيّة، لكن قدور تأثر بشقيقه الأوسط الطّاهر، الذي كان يعزف الوتريّات مثل العود والكمان والمندولين والبيانو، لذلك بدأ عازفا هاويا على آلة البيانو، التي سرعان ما هجرها، ليهيم بآلة الكمان ويدرسها وفق منهجيّات المدرسة العربيّة ثم الغربية على يد الفنان الإيطالي رفايالو سترينو. أمّا النظريّات الموسيقيّة فقد درسها على الفنان السوري علي الدرويش الحلبي، عندما حلّ بتونس سنة 1930، وألقى دروسا في الموسيقى بنادي «الخلدونيّة»، ثم «الرّشيديّة» سنة 1938.

وبتوسع دائرة مهاراته العازفة التحق بالعمل في عدّة فرق كانت تجمع ألمع الأسماء وقتها، كشافية رشدي والهادي الجويني وفتحية خيري وعلي الرياحي، ومن هذه الفرق «فرقة الإذاعة التونسية». وتعامل مع العديد من الفنانين مثل صليحة وعلية وعائشة وتوفيق الناصر ومصطفى زغندة. وشكّل ثنائيا مبدعا مع الشاعر الغنائي رضا الخويني، وتميّزا معا بالأغاني الوطنية الراقية كلمة ولحنا، في تفاعل حماسي مع طبيعة الأحداث والمحطات التاريخية.

وخلال سنة 1949 اختار الاستقلالية الفنية، وأسّس «فرقة الخضراء» بتونس. وأضاف لها في نفس السنة، مدرسة حرّة لتعليم الموسيقى بتونس، لتكوين فضاء لاحتضان الهواة والمواهب.

وتولى الموسيقار قدّور الصرارفي تدريس الموسيقى كذلك بالمعهد «الرشيدي» بتونس والمعهد القومي للموسيقى بتونس. وعُرِف العازف البارع قدور بالأناقة، وكان بيته عنوانا لوجهة التلاقي لكثير من الشعراء والفنانين والكتّاب والصحافيين، ومنبعا للعديد من الأغاني الخالدة. وعلى امتداد قرابة أربعين سنة كان الرّاحل ملتزما بإرادة العمل والإبداع، وأثرى المكتبة الموسيقية التونسية والعربية بإنتاج غزير لأكثر من 250 لحنا متعدّدة الأغراض، تضاف إلى ذلك كتاباته في الصّحف والمجلاّت التونسيّة، وقد حوتها مكتبته الزاخرة بالمصادر المعياريّة في الموسيقى العربية والعالمية.

أثناء إقامته بالجزائر حيث تزوج ودرّس الموسيقى بداية من سنة 1952، دوّن في هذه الفترة الموسيقى التي وضعها علي الرياحي لفيلم «أنشودة مريم» أداء محمد الجمّوسي وإنتاج شركة أستوديو إفريقيا، وكان للشاب قدور الصرارفي هوايتان إضافيتان، هما التصوير السنيمائي؛ فقد أنتج بعض الأفلام القصيرة، والرياضة فقد فاز ببطولة تونس في الجمباز سنة 1933.