سلال وفالس يجمعان على علاقة استثنائية فوق "المكائد":

التوقيع على 26 اتفاقية وإنشاء 15 مؤسسة مشتركة

التوقيع على 26 اتفاقية وإنشاء 15 مؤسسة مشتركة
  • 843
حنان حيمر حنان حيمر

أسفرت المحادثات بين الجزائر وفرنسا في إطار الاجتماع الثالث للجنة المشتركة الرفيعة المستوى تحت رئاسة الوزيرين الأولين عبد المالك سلال ومانويل فالس عن "نتائج ملموسة" ظهرت خصوصا في التوقيع على 26 اتفاقا في عدة قطاعات، يضاف إليها 15 اتفاقا لإنشاء مؤسسات مشتركة على هامش انعقاد المنتدى الثالث لرجال الأعمال. ذلك مادفع السيد سلال إلى القول بأن الاجتماع "كان جد ناجح" وأن العلاقات بين البلدين مثل "السماء الزرقاء" لايمكن تعكير جوها عبر "بعض الكمائن المنصوبة من بعض الأطراف". في نفس الاتجاه ذهبت تصريحات لسيد فالس الذي قال إن الاجتماع "دليل ساطع" على "العلاقات الاستثنائية" التي باتت تجمع البلدين منذ 2012 والتي "ستستمر"، مشيرا إلى أنه "لايمكن لأي شيء أن يعيق هذه العلاقة المميزة".

شكلت الندوة الصحفية المشتركة التي عقدها الوزيران الأولان أمس بمقر الوزارة الأولى عقب اختتام أشغال اللجنة الثنائية الرفيعة المستوى، فرصة لتوضيح الأمور حول العلاقات الجزائرية– الفرنسية من جوانبها المختلفة، لاسيما بعد الإساءة التي لجأت إليها صحيفة "لوموند" الفرنسية والتي مست رمزا من رموز الدولة الجزائرية. وكان رد السيد سلال واضحا بهذا الشأن عندما شدد على أن رفض منح تأشيرة لصحفيين فرنسيين ليس مساسا بحرية التعبير وإنما رد على "انتهاك صحيفة لهيبة وشرف مؤسسة من مؤسسات الدولة"، والدليل هو وجود عدد هائل من الصحفيين لتغطية الندوة الصحفية والذي تجاوز الثمانين دون احتساب المصورين. 

الجزائر تحترم حرية التعبير لكن بعيدا عن ثقافة الكراهية

وقال "نحن في الجزائر بذلنا ونبذل جهودا متميزة للحفاظ على حرية الصحافة. ونحن من البلدان القليلة في العالم التي أدرجت حرية الصحافة في دستورها. والدستور الجزائري الجديد يمنع سجن أي صحفي بشكل قاطع...لايمكن أن يقال إننا فشلنا أو قمنا بشيء يمكن أن نعاب عليه ولكن هناك قرار اتخذ لأن هناك صحيفة محترمة -وليس صحفيا- سمحت لنفسها بالمساس بهيبة وشرف إحدى مؤسسات الدولة بنشرها معلومات خاطئة وليس لها أساس من الصحة".

وأضاف أن ماقامت به "مساس برئيس الجمهورية الذي كان في شبابه من المجاهدين الكبار لاستقلال الوطن، ووهب حياته للبلد بعد الاستقلال. ولايمكن لأي جزائري أن يقبل بأن يكون هناك مساس به ولا بمؤسسة الرئاسة"، مشيرا إلى أن الجزائر تحترم مهمة وعمل الصحفيين وتفعل كل مابوسعها لمساعدتهم ولكن "هناك واجب مفروض علينا هو صيانة إحدى القيم الأساسية". بل أن الوزير الأول اعتبر أن ماقامت به الصحيفة يذهب عكس اتجاه "مكافحة ثقافة الكراهية"، مشددا على ضرورة احترام كل طرف لقيم الطرف الآخر.

من جانبه وردا على بيان احتجاجي قرأه صحفيون فرنسيون جاؤوا لتغطية زيارته، عبر السيد مانويل فالس عن احترامه لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ومودته ودعمه له "للأسباب التي ذكرها السيد سلال" وللدور الذي لعبه الرئيس بوتفليقة في إعطاء دفع للعلاقات الثنائية. وقال إن العلاقات بين البلدين "قائمة على الصراحة" وأنه تحدث بشأن هذه القضية مع السيد سلال، وأنه عبر عن "أسفه" للقرار الذي اتخذته السلطات الجزائرية، لكنه شدد على أن "الرسائل وجهت" وما على البلدين الآن سوى النظر إلى المستقبل من أجل "تعزيز علاقاتنا الثنائية أكثر".

التوقيع على اتفاق قضائي  هام جدا

وتعززت هذه العلاقات أمس فعلا بالتوقيع على عدد هام من الاتفاقات أهمها –حسب سلال- ذلك الموقع بين وزارتي العدل ويتعلق بالتعاون القضائي، حيث وصفه بـ«الهام جدا" وبـ«القفزة النوعية جدا" في هذا المجال، دون إعطاء تفاصيل أكثر. كما خصت الاتفاقات الأخرى مجالات مختلفة منها الصحة والتربية والأشغال العمومية. ( 3 اتفاقيات تعاون ) والتعليم العالي ( اتفاق إطار للتكوين ما بعد التدرج/ دكتوراه امتيازية في الرياضيات) والأشغال العمومية

بالمقابل أعلن الوزير الأول عن تأجيل البت في مشاريع شراكة مازالت محل مباحثات، وأهمها ذلك الخاص بمصنع "بيجو" للسيارات وشركة "اير ليكيد". وصرح الوزير الأول أن الاجتماع كان بالغ الأهمية وأنه تميز بـ«نقاش ثري وصريح جدا" في كل المجالات لاسيما السياسية والأمنية، لافتا إلى أن المسائل السياسية المطروحة أبرزت تميز العلاقات بين البلدين، أما بالنسبة للمسائل الأمنية فأظهرت تطابق التحاليل والرؤى بينهما لاسيما فيما يتعلق بدور الجزائر في استرجاع الأمن والطمأنينة بالمنطقة والساحل بالخصوص. وتطرق السيد سلال بصفة خاصة لقضية الصحراء الغربية، حيث شدد على الموقف الدائم والثابت للجزائر حول القضية، والمبني على الرجوع إلى الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هناك "تفهما" لدى الجانب الفرنسي بالنسبة لهذه القضية. وردا عن سؤال حول موقف فرنسا من الوضع الراهن في الصحراء الغربية، أكد السيد فالس عن قناعته بضرورة العمل في كل الميادين "على تحقيق الاستقرار وفي كل الملفات". وأنه بخصوص ملف الصحراء الغربية، قال أن"لم يحدث أي تغيير في الموقف الفرنسي..وأن أي حل يجب أن يتم في إطار الأمم المتحدة وفرنسا تتحمل مسؤولياتها كعضو دائم في مجلس الأمن".

فالس: كان لابد لنا أن نفهم بشكل أفضل ماحدث بالجزائر في التسعينات

كما تطرق الجانبان "بدقة" إلى مسألة مكافحة الإرهاب- كما أشار إليه سلال-حيث ألح الجانب الجزائري على ضرورة عدم الخلط بين الإرهاب والإسلام، والعمل على الاسترجاع التدريجي للأمن بعيدا عن "الكراهية" التي قال أنها هي التي "تولد جذور الإرهاب وتعطي دفعا قويا للإرهابيين". أما الوزير الأول الفرنسي وعند حديثه عن هذه المسألة، ذكر بأن الجزائر عانت كثيرا من الارهاب ولعدة سنوات، ودفعت ثمنا غاليا. ولم يتردد في القول بأنه "كان لابد لنا عموما في أوروبا والعالم وفرنسا أن نفهم بشكل أفضل ماحدث في الجزائر في بدايات التسعينات والخيارات الصعبة التي تمت في تلك السنوات من الجزائر... الجزائريون حاربوا بكل شجاعة الإرهاب ولاننسى ذلك وباسم ذلك نواصل تعاوننا في هذا المجال".

واعتبر السيد سلال عموما أن الاجتماع أبرز "تفاهما كبيرا" بين البلدين، مشددا على ضرورة مواصلة العمل في المستقبل وعدم السقوط في "بعض الكمائن المنصوبة من بعض الأطراف التي تحاول تعكير الجو بين البلدين"، مشيرا إلى أن الطرفين تعهدا بالمضي قدما في العلاقات الثنائية والعمل على تحسين الوضع في كافة الميادين لاسيما تنقل الأفراد والجانب الاقتصادي الذي له أهمية كبيرة في علاقاتهما. وقال سلال أن ما بين الجزائر وفرنسا "سماء زرقاء دائما".  بدوره قال السيد فالس إنه بفضل الالتزام المشترك للرئيسين بوتفليقة وهولاند "تمكنا من إعطاء علاقاتنا الثنائية بعدا استثنائيا منذ 2012"، مضيفا بأن الاجتماع الوزاري الذي تميز بحضور 10 وزراء فرنسيين "دليل ساطع على ذلك"، وهذا لايتعلق فقط بعلاقات الصداقة والشراكة القائمة بين البلدين ولكن يستند إلى "الأفعال والاتفاقات والتعاون الأمني والسياسي في ملفات عديدة"، مثلما هو الحال بالنسبة للملف الليبي وكذا "العلاقات الانسانية والثقافة ومانفعله من أجل الذاكرة في البلدين".

وأكد الوزير الأول الفرنسي أن العلاقات الاستثنائية ستستمر، وقال "لايمكن لأي شيء أن يعيق هذه العلاقة المتميزة ...نحن نريد بناء جسر بين البلدين وهو قائم في المجالات الثقافية والتاريخية ولكننا نريد جسرا من أجل المستقبل يربط بين إفريقيا وأوروبا". وعن سؤال حول توجيه أكبر حجم من الاستثمارات لفرنسية نحو المغرب، رد فالس برفض هذا التحليل، مشيرا إلى أنه يرفض مقارنة الجزائر"البلد الكبير بتاريخه وشعبه واقتصاده" ببلد آخر. وأضاف أن الاتفاقات التي وقعت ستترجم في الواقع عبر استثمار مئات الملايين من الأورو، داعيا إلى لخروج من هذه المقارنات. وتعقيبا على ذلك أشار سلال أن كل اتفاق تجاري لابد أن يعبر عن توازن بين الشركاء، وأنه في غالبية الاتفاقات التجارية، لاتتدخل الدولة مباشرة وإنما تسهل وتساعد. وقال "كل طرف يجب أن يربح...لدينا قدرات علينا أن ننميها ونحتاج لشركاء ذوي مستوى يأتون لعقد صفقات تحقق التوازن في إطار الاحترام المتبادل".