بتحسين الخدمات العمومية وتشجيع الاستثمار المحلي

التنظيم الإقليمي الجديد.. الوجه الآخر لتقريب الإدارة من المواطن

التنظيم الإقليمي الجديد.. الوجه الآخر لتقريب الإدارة من المواطن
  • 275
مليكة. خ مليكة. خ

يندرج التنظيم الإقليمي الجديد للبلاد في سياق استحداث تصوّر حديث للتنمية المحلية الشاملة والمستدامة، ضمانا للإنصاف وتحقيقا للعدالة الاجتماعية بين مختلف مناطق البلاد، مثلما التزم بذلك الرئيس تبون في برنامجه الرئاسي، لتقريب الإدارة من المواطن وتجاوز التحديات الجغرافية، خاصة الصحراوية منها، بهدف تحسين الخدمات العمومية وتشجيع الاستثمار المحلي.

فقد شكل التقسيم الإداري أبرز مطالب المواطنين، خاصة الذين يقطنون في المناطق النائية الذين يشتكون  من ثقل الأعباء، ما يحول دون استفادتهم من الخدمات العمومية على غرار التعليم، الصحة، البيئة والبنية التحتية. والتزم الرئيس تبون بتجسيد اللامركزية الإدارية والاقتصادية من خلال تقسيم إداري يسمح بتجنب  المركزية المفرطة وبطء اتخاذ القرار، وكذا إنشاء أقطاب اقتصادية جديدة، خاصة بالهضاب العليا والجنوب، لتحفيز الاستثمار المحلي وخلق فرص عمل وتنويع الاقتصاد الوطني.

وبالنظر إلى شساعة مساحة الجزائر، حرص رئيس الجمهورية بحكم تجربته في تسيير الشأن المحلي، على معالجة كافة العوائق التي  تقف في وجه الجهود التنموية من خلال طرح تصوّر في مجال تسيير شؤون المواطنين من خلال استحداث ولايات جديدة  ضمانا للشفافية، المساواة، المسؤولية، حسن استغلال الموارد وتحقيق توزيع عادل للمشاريع والتنمية بين مختلف مناطق البلاد، خصوصا المناطق التي تعاني من نقص الخدمات. وعليه، فإن تحقيق مسعى لامركزية القرارات الاقتصادية والإدارية، من خلال إنشاء مقاطعات إدارية وولايات جديدة من شأنه منح صلاحيات مالية أوسع وقدرة أكبر على التسريع في إنجاز المشاريع ومن ثم  بناء دولة حديثة مركزية الأطراف لا مركزية الممارسة.

فبعد التقسيم الإداري المعتمد  سنة 2021 والذي ضم 58 ولاية بدل 48 ولاية، حيث تم خلاله  ترقية 10 مقاطعات إدارية في منطقة الجنوب إلى ولايات كاملة الصلاحيات،  تجسدت خطوة جديدة بإنشاء 11 ولاية إضافية، ليصل عدد الولايات حاليا إلى 69 ولاية بدلا من 58، فضلا عن ترقية مدينتي العلمة ومغنية إلى مقاطعتين إداريتين.

وقد استهدفت الخارطة الإدارية الجديدة  بالدرجة الأولى المساحات الواسعة في الهضاب العليا والجنوب، في سياق رؤية سياسية شاملة كان رئيس الجمهورية قد أكدها في اجتماعاته خلال لقاء الحكومة – ولاة، حيث شدد على أن هذه المراجعة لا تستهدف فقط معالجة النقائص الهيكلية، بل ترمي أيضا إلى تلبية أهداف استراتيجية اجتماعية واقتصادية وسياسية متداخلة.

كما أن الامتداد الجغرافي للجزائر يفرض الحاجة إلى شبكة إدارية أكثر كثافة لتقريب مؤسسات الدولة من المواطن وتعزيز اللامركزية كخيار جوهري لمواجهة التحديات التنموية المتزايدة والتحوّلات الديمغرافية والاقتصادية العميقة، غير أن رئيس الجمهورية ركز على ضرورة مراعاة  الخصوصيات المحلية  في إطار تجسيد الإرادة الصادقة لتجسيد التوجهات الاستراتيجية للدولة. وعليه، فإنه من شأن التنظيم الإقليمي الجديد مواكبة تسريع عملية تحديث الإدارة المحلية ومواءمتها مع المعايير الدولية في تسيير الشأن العام، فضلا عن تقليص الفوارق الجهوية وتشجيع النشاطات الاقتصادية في المناطق الأقل حظا، خصوصا بالجنوب والهضاب العليا.