694 مسجد و2500 حافظ قرآن لتأطيرها بالعاصمة فقط

التراويح.. المقرئون سر استقطاب المصلين

التراويح.. المقرئون سر استقطاب المصلين
  • القراءات: 415
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

تشهد مساجد الجمهورية عبر كامل ولايات الوطن، إقبالا منقطع النظير على صلوات التراويح خلال هذا الشهر الكريم، يفوق الإقبال على صلاة الجمعة، حيث يتباين حجم الإقبال بين مسجد وآخر لعدة اعتبارات تتعلق بشهرة الإمام، من حيث قوة حفظه وجمال صوته وتمكنه من أحكام الترتيل، إذ يُعد جمال الصوت وعذوبته، العامل الأكبر الذي يجذب المصلين ويجعلهم يحجون إليها من مسافات بعيدة، ومنها مساجد العاصمة، التي تستقطب خيرة المقرئين أصحاب الأصوات العذبة والحاصلين على إجازات دولية.

تحصي ولاية الجزائر، حسب مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجزائر، زهير بوذراع، 694 مسجد تستقبل المصلين لأداء صلاة التراويح في هذا الشهر الكريم، حيث تتنافس جمعيات تسيير المساجد في استقدام بعض المقرئين من حفظة القرآن أصحاب الصوت الجميل، الذي صار المصلون يرتادون مساجد أحيائهم ويحجون إلى من يقرأ القرآن بأحكام تجويد راقية ومقامات صوتية تشنّف الآذان وتزيد في خشوع ضيوف بيوت الله.

حسب مدير القطاع، فإن العاصمة استفادت من إنجاز 12 مسجدا هذه السنة منها 7 مخصصة لصلاة الجمعة، و5 للصلوات الخمس وصلاة التراويح، مشيرا إلى أن مديريته تعمل على تأطير المساجد بالإطار البشري الكفء، حيث جندت 2500 من حفظة القرآن الكريم لتأطير المساجد خلال صلاة التراويح، وأكثر من 1000 مدرس لتوجيه المصلين في إطار الدروس اليومية والأسبوعية. 

وتزامنا مع العطلة المدرسية، هيأت المديرية المدارس القرآنية والأقسام والكتاتيب والزوايا من أجل استقبال الأطفال لحفظ القرآن الكريم والسيرة النّبوية، بالإضافة إلى الدروس التوعوية التي يشرف عليها العلماء والمشايخ.

تسابق على الصفوف الأولى

أصبح بعض رواد المساجد في الجزائر يلجؤون إلى وضع كراس غير بعيد عن محراب الإمام، بعد صلاة المغرب مباشرة، ليس لأنهم عاجزون وإنما طمعا في الظفر بصلاة التراويح في الصفوف الأولى، خاصة مع المساجد التي تشهد ازدحاما كبيرا، وهي التي تشد إليها الرحال من كل مكان بحثا عن إمام صاحب صوت جميل.

يضطر العديد من المصلين إلى تناول وجبة الإفطار بطريقة سريعة، والخروج قبل آذان العشاء بساعة تقريبا قصد حجز أماكن في الصفوف الأولى، لاسيما بالنسبة لأصحاب المركبات القادمين من بعيد والذين يصعب عليهم ركن سياراتهم بالقرب من المسجد.

مواقع التواصل الاجتماعي تزيد في شهرة المقرئين

أصبح لمواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في شهرة هذا المقرئ أو ذاك، حسبما أكده لنا "علي. ب" من الدرارية، الذي أكد أن وسائل الاتصال الحديثة التي صارت في متناول الجميع، روجت كثيرا للمقرئين ذوي الصوت العذب والأداء الجيد في قراءة القرآن بالأحكام الصحيحة، وأصبح من السهل على متصفح الشبكة العنكبوتية البحث في محرك "غوغل" أو موقع اليوتيوب عن أهم المقرئين الذين يؤمّون الناس في صلاة التراويح ويستمتعون بتسجيلاتهم الصوتية، سواء من خلال حساباتهم في شبكات التواصل الاجتماعي أو من خلال تسجيلات أنصارهم ومحبيهم.

ويتفاعل متصفحو الأنترنت المهتمون بعالم الصوتيات والقراءات، مع الصفحات التي تحمل بعضا من الأصوات الندية والألحان الشجية بمقامات صوتية تطرب الآذان وتزيد في الخشوع ولا يحس المستمع بالملل والتعب، حين تلتقطها طبلات أذنيه، حسبما يعبّر عن ذلك "علي .ب" الذي ذكر لنا أنه من يتنقل دائما إلى المسجد الذي يجد فيه جمال الصوت وحسن التلاوة.

المقرئ فاروق يستقطب المصلّين من كلّ فجٍ عميق

يعرف مسجد الأنصار ببلدية الدرارية، الذي يؤمه المقرئ فاروق ماحي، خلال هذه الليالي الرمضانية زحمة منقطعة النظير، حيث لم تكف المساحات المتوفرة لاستقبال العدد الهائل من المصلين الذين يأتون من عديد بلديات العاصمة، وذكر لنا أحد أبناء الحي أن المسجد يستقطب عددا هائلا من رواد بيوت الله، حيث يبدؤون بالتوافد على المسجد في وقت مبكر، يساعدهم في ذلك فرق المتطوعين الذين يقومون بتوجيه السيارات وركنها وحراسة أجنحة المسجد وتوجيه المصلين بطريقة تضمن النظام العام والهدوء لتمكين المصلين من أداء الصلوات والاستمتاع بآيات القرآن الكريم، التي تصدح بها قريحة المقرئ فاروق الماحي، ابن مدينة تلمسان، صاحب الصوت الشّجي والتّلاوة النديّة، الكفيف الذي استطاع أن يجذب المصلّين من كلّ فجٍ عميق.

الشيخان ياسين فكيح وعبد النور رحيم اسمان لامعان بالقبة

وتزدان بيوت الله في بلدية القبة في شهر الرحمة بمسحة جديدة، بفضل التحضيرات الكبيرة التي تقوم بها لجان المساجد وجموع المتطوعين الذين يبذلون جهودا كبيرة لاستقبال المصلين ومساعدتهم على أداء صلاة التراويح، حيث يستقطب مسجد بن حداد بحي بن عمر، بالشيخ عبد النور رحيم، عددا هائلا من المصلين من سكان البلدية وخارجها، وكذلك الأمر بالنسبة لمسجد الشيخ عبد اللطيف سلطاني بالقبة القديمة، الذي يؤمه الشيخ المقرئ ياسين فكيح، صاحب الصوت الشجي وأحكام التجويد الدقيقة، فهو الحاصل على إجازة في القراءات العشر وتوجد له تسجيلات قرآنية على شبكة الأنترنت.

وأفاد "ابراهيم. ف" من حسين داي، أنه يتنقل من مسكنه بالقرب من حي البدر باكرا نحو مسجد بن حداد، كي يفوز بمكان في الصفوف الأولى، والاستمتاع بالتلاوة العطرة التي تجود بها قريحة المقرئ عبد النور رحيم، الذي يأتيه المصلون من عدة أحياء بالقبة وحتى من بلديات مجاورة، مضيفا أن مسجد الشيخ عبد اللطيف سلطاني يستقطب عددا كبيرا من المصلين.

المقرئان آيت أوفروخ وعبد الباري يستقطبان أكثر

كما يستقطب مسجد عبد الحميد بن باديس بالجزائر الوسطى أعدادا هائلة من المصلين الذين يفضلون تلاوة الشيخ أمين آيت أوفروخ، وهو أيضا من الحاصلين على الإجازة في القراءات العشر، حيث يكتظ المسجد عن آخره خلال هذه السهرات الرمضانية، مدويا بصوته الشجي وتلاوته العطرة قلب العاصمة، ليس ببعيد عن المساجد الثلاثة العتيقة بساحة الشهداء.

إلى جانب ذلك يتوافد المصلون بكثافة على مسجد الهداية بباش جراح، حيث تستقطبهم تلاوة الشيخ علي جرجوري المعروف بـ "الشيخ عبد الباري" ابن مدينة البليدة، المتحصل على إجازة في القرآن الكريم لرواية ورش من مشايخ جمهورية مصر العربية، حيث تمتلئ جنبات المسجد بضيوف بيت الله الذين يروقهم أداء المقرئ وتمكنه من أحكام الترتيل.