فيما تواصل المنظمة البحث عن توازنات السوق.. خبراء لـ"المساء”:

التحديات المطروحة أمام ”أوبك” تفرض عليها التكيف مع التحولات

التحديات المطروحة أمام ”أوبك” تفرض عليها التكيف مع التحولات
  • القراءات: 837
حنان. ح حنان. ح

تجتمع لجنة المراقبة الوزارية لمجموعة منظمة البلدان المصدرة للنفط والمنتجين خارجها أوبك +” اليوم، لدراسة وضع السوق النفطية والنظر في التزامات الأعضاء باتفاق خفض الإنتاج. ورغم أن الاجتماع يعقد في ظل تراجع التوقعات الخاصة بالطلب، لا سيما تلك المتعلقة بدول أوبك، فإن المتابعين يستبعدون الإعلان عن توصيات لتوسيع التخفيضات في الإنتاج، خاصة وأن التقديرات بشأن نسبة الالتزام للشهر الماضي، تشير إلى بلوغه أكثر من 100 بالمائة.

وتواصل منظمة الدول المصدرة للنفط، لعب دورها كفاعل هام في السوق البترولية بالرغم من الوضع الصعب الذي عصف بسوق النفط في السنوات الأخيرة، والذي كان له وقع الكارثة على الاقتصاديات البترولية، بسبب الانخفاض غير المسبوق في الأسعار والتي وصلت في مرحلة ما إلى حدود الصفر دولار للبرميل.

وكانت توقعات سابقة، أشارت إلى تراجع وزن المنظمة وتراجع تأثيرها على السوق. لكنها وهي تحيي هذا الشهر ستينية إنشائها، تبرهن المنظمة على استمراريتها القائمة على التكيف مع التطورات التي حدثت في السنوات الأخيرة، والتي أبرزت متدخلين جدد في التصدير، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية.

مهماه بوزيان: على أوبك تجديد عقيدتها الجيونفطية

هذا ما يحدثنا عنه الخبير الطاقوي مهماه بوزيان، الذي سألته المساء عن مدى الأهمية التي مازالت تحظى بها أوبك بعد ستين سنة من إنشائها وفي ظل ظروف صعبة مرت بها في المرحلة الأخيرة، حيث أشار إلى أنه بالرغم من تواتر نبوءات عديدة تشير إلى قرب النهاية لـ"أوبك وانتهاء دورها، بعد الانحصار الذي عرفته في الربع الأول من هذا القرن، فإن جائحة كورونا التي تعد أخطر مشكلة طارئة تواجهها البشرية، كتحدي بقاء أو فناء واجهه العالم أجمع، أبرزت، وفقا لمحدثنا، حاجة العالم أجمع إلى اللجوء إلى هذه المنظمة لإنقاذ المنظومة العالمية ككل، والتي تتغذى من الطاقة الأحفورية، ومنع توالد سلسلة الإنصهارات في بقية المنظومة العالمية، بعد انصهار برميل النفط عند نقطة الصفر دولار، فجاء الإتكاء مجددا على أوبك لإعادة ترميم ما أفسدته الجائحة، فكان الإتفاق التاريخي لخفض الإنتاج بمستوى 10 ملايين برميل يوميا”.

هذا الاتفاق يراه الخبير بمثابة موقف تاريخي استثنائي مفصلي، نقض كل الأطروحات القائلة بعدم جدوى استمرار أوبك، خاصة وأنها هي النواة التي تتمحور حولها أوبك +”. وللتذكير، فقد استطاعت المنظمة جذب منتجين من خارجها للمساهمة في اتفاق خفض الإنتاج الذي تبنته في سبتمبر 2016 خلال اجتماع استثنائي احتضنته بلادنا”. من هذا المنطلق، شدد الخبير ممهاه بوزيان، على أن الوقت قد حان كي تتحول ما وصفها بـ"أوبك التقليدية رسميا وهيكليا إلى أوبك +”، وقال إنها مدعوة كذلك لتوسيع عضويتها إلى بقية المنتجين الفاعلين على غرار البرازيل والنرويج، ولما لا الصين..”.

كما اعتبر أنه من الضروري أن تجدد أوبك التقليدية عقيدتها الجيونفطية التي تأسست عليها، مذكرا في هذا الإطار، بأن منظّمة البلدان المصدرة للنفط، تقوم عقيدتها الجيونفطية على وحدة وتناسق السياسات النفطية للدول الأعضاء، بهدف ضمان أمن الطاقة العالمي، الذي تسهم في تجسيده عن طريق تنسيق الجهود لاستقرار أسواق النفط، من خلال ضمان إمدادات نفطية كافية وآمنة ومنتظمة ومقبولة الأسعار للمستهلكين، ومعقولة التكاليف للمنتجين.. وهذا هو مبدأ توازن سوق النفط الذي تعمل عليه أوبك منذ تأسيسها”. أما اليوم، يضيف محدثنا، فإن منظمة أوبك مدعوة للتكيف مع التغيرات والتطورات الحاصلة في العالم و"الإرتقاء بعقيدتها بوتيرة أسرع، بما تتطلبه تحديات ما بعد كورونا، للتحول نحو إطار تعاون مستقبلي للدولة المنتجة للنفط والغاز”.

في هذا الصدد، ذكر الخبير، بأنه حين نستحضر قائمة الدول الخمس المؤسسة لـ"أوبك (فنزويلا، السعودية، إيران، العراق والكويت) سنجدها اليوم تحوز على احتياطيات من النفط تتجاوز الألف (1000) مليار برميل، وهذا ما يجعل من زخم البدايات لايزال قائما بالنسبة لـ"أوبك، مثلما هي متواصلة حاجة العالم إليها طاقويا”.

عبد الرحمان مبتول: تراجع تأثير أوبك لأربعة أسباب..

بالمقابل، اعتبر الخبير عبد الرحمان مبتول، أن أوبك 2020، ليست هي أوبك السبعينات من القرن الماضي، مشيرا إلى وجود تراجع فعلي في تأثيرها، وذلك ـ حسبه ـ ناتج أساسا عن تراجع حصتها في السوق النفطية العالمية، حيث أوضح لـ"المساء أن تأثيرها بدأ في التراجع منذ التسعينيات توازيا مع تراجع حصة إنتاجها العالمي، والتي انتقلت من 55 بالمائة في السبعينيات إلى 42,6 بالمائة في 2017، ثم إلى 40 بالمائة في 2019.. وهو في تراجع هذا العام، حسبما أشار إليه.

هذا الواقع، يعود حسب الخبير مبتول، إلى عدد من العوامل، أهمها الصراعات داخل المنظمة، عدم احترام الحصص من طرف بعض الأعضاء، الفشل في توسيع رقعة تأثير المنظمة إلى المنتجين الجدد، إضافة إلى تأثير أسواق لندن ونيويورك التي أصبحت توجه أسعار النفط”.

من هذا المنطلق، اعتبر الخبير أن أوبك 2020 تواجه ثلاثة تحديات رئيسية، تتعلق أولا بحل النزاعات الداخلية الجديدة، حيث أن الانقسام بين الأعضاء المؤيدين والمعارضين لأمريكا يفاقم هذه الصراعات، فيما تواجه المملكة السعودية، الحليف التقليدي للولايات المتحدة، إيران وفنزويلا، وهما من أكثر الدول المعادية لأمريكا بشكل صارخ في العالم، والتي تتحدى تأثيرها على المنظمة”.

ويضيف محدثنا بالقول ثانيا، هناك صعود روسيا، التي تنتج أكثر من 11,3 مليون برميل يوميا، وهو ما يُنتِج من قبل إيران ونيجيريا وفنزويلا والجزائر والإكوادور مجتمعة... وثالثًا، هناك تزايد الإنتاج من المحروقات غير التقليدية في الولايات المتحدة الأمريكية، مما جعلها أكبر منتج في العالم في عام 2019 بأكثر من 12 مليون برميل يوميا، مما قلل من تأثير أوبك”.

تحد آخر يطرح على أوبك على المدى المتوسط والطويل، حسب الخبير مبتول، وهو النموذج الجديد لاستهلاك الطاقة العالمي، والذي يظهر برأيه، في إعادة توجيه الاستثمارات العامة في أوروبا على وجه الخصوص نحو الطاقات البديلة، التي ستكون تكلفتها تنافسية إلى حد كبير”.