استعدادا للأمطار والسيول

البلديات ترفع من درجة التأهب

البلديات ترفع من درجة التأهب
  • 571
أسماء منور أسماء منور

تشكيل خلايا يقظة لمتابعة النشريات الجوية الخاصة

ضرورة تفعيل شرطة المياه لوقف سرقة مشاعب البالوعات

نادي المخاطر الكبرى: الجزائر معرضة لفيضانات كبيرة بسبب الطوابق المناخية

يحبس الجزائريون انفاسهم، بمجرد سقوط القطرات الأولى للأمطار الموسمية، التي تتسبب في سيول جارفة لا يحمد عقباها، في ظل عجز البلديات عن تسيير الكوارث التي يمكن أن تواجهها، والتصدي لمثل هذه الأخطار ومجابهتها، رغم النداءات المتكررة من أجل انتهاج استراتيجية تعتمد على مقاربة استباقية ووقائية، تحمي البلاد من المخاطرالتي يمكن أن تتعرض لها بسبب التغيرات المناخية.

في ظل توالي الكوارث الطبيعية، من فياضانات وحرائق وتساقط الثلوج، يعاني الجزائريون في كل فصول السنة من خطر يهدد حياتهم، حيث اقتضى الأمر أن تمطر السماء السنة الماضية، لساعتين فقط دون انقطاع، لتغرق العاصمة بشوارعها وساحاتها وأحيائها وتنقطع حركة السير فيها وتنهار المباني القديمة على ساكنيها، وهي الكارثة التي لعب فيها العامل البشري دورا كبيرا، بسبب السرقة المتكررة لمشاعب البالوعات التي نتج عنها انسداد في قنوات الصرف الصحي، وتعرض المواطنين لخطر السقوط فيها، والتسبب في حوادث مرور خطيرة في العديد من الاحيان.

وتحسبا لحلول فصل الخريف وسقوط الأمطار الموسمية التي تتزامن مع أواخر شهر أوت وبداية شهر سبتمبر، باشرت مصالح الديوان الوطني للتطهير حملة كبرى لتنظيف الاودية والبالوعات والمجاري المائية، في إطار الاستعدادات الأولية التي تسبق دخول فصل الخريف. في هذا الشأن، أوضح السيد صالح لحلاح، مساعد المدير المركزي للاستغلال والصيانة بالديوان الوطني للتطهير في اتصال مع "المساء"، أنه في إطار البرنامج الوقائي المسطر من طرف وزارة الموارد المائية، تقرر تنظيم حملة كبرى لتنظيف وتنقية أنظمة الصرف ومجاري المياه، وكذا النقاط السوداء، بالإضافة الى رفع النفايات الهامدة من الأودية، تحسبا لموسم الخريف القادم، وتهاطل أمطار نهاية فصل الصيف، حيث تم تجنيد 8 آلاف عون لهذا الغرض.

وأشار لحلاح، إلى أن النقاط السوداء التي تعرف تكرارا في الفياضات، تشمل كل من ولاية سكيكدة، جيجل، برج بوعريريج، والولايات التي لها طابع طوبوغرافي يتسبب في وقوع الفيضانات، بالإضافة إلى بعض الولايات الصحراوية، موضحا أن الحملات التي تمت مباشرتها أول أمس في العديد من ولايات الوطن، تمتد الى غاية شهر سبتمبر القادم، لتشمل كل البلديات المعرضة للضرر جراء تساقط أمطار فصل الصيف، حيث سيتم تنظيف الأودية الجافة وتحويل مجراها بعيدا عن المناطق السكنية، بالإضافة إلى إزالة الشوائب العالقة في الأحراش.

"نفايات البناء" و"قرون الكباشفي قنوات الصرف الصحي

وذكر ذات المتحدث، أن الأسباب التي تقف وراء وقوع الفيضانات، ترتبط بمشكلة رمي كل أنواع النفايات في قنوات الصرف، بداية من مخلفات البناء، التي ينتج عنها انسداد القنوات، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة النفايات الموسمية، كما يحدث خلال عيد الاضحى، الذي يكثر خلاله انسداد القنوات، بسبب رمي بقايا الأضاحي من جلود وحتى قرون الكباش، وغيرها من التصرفات غير الحضارية الأخرى، كما هو الحال بالنسبة لظاهرة سرقة مشاعب البالوعات، التي تكون نتيجتها الحتمية وقوع حوادث مرور، أو حوادث سقوط قد تكون مميتة للمواطنين، بالإضافة إلى انسداد تام للقنوات، بسبب تجمع النفايات فيها. وأضاف مساعد المدير المركزي للصيانة بالديوان، أن السرقة المتكررة للمشاعب تكبد الديوان الوطني للتطهير خسائر مالية معتبرة سنويا، حيث تقدّر تكلفة المشعب الواحد 25 ألف دينار، دون احتساب تكاليف التنظيف السنوية للبالوعات والمجاري.

ضرورة تفعيل شرطة المياه لحماية المواطنين

ولردع مثل هذه التصرفات غير الحضارية، التي تهدد حياة المواطنين، دعا السيد لحلاح، إلى ضرورة تفعيل شرطة المياه، من أجل الحفاظ على المصلحة العامة، ومعاقبة كل المخالفين، سواء من حيث السرقة أو التلويث، مشيرا الى أن هذا الجهاز له صلاحيات واسعة لمراقبة جميع الفضاءات المائية، على غرار المسطحات المائية الطبيعية، كالبحيرات والبرك والمستنقعات، ومجاري المياه الطبيعية، والمنشآت المائية كالآبار والمساقي ذات الاستعمال العمومي، وقنوات السقي والحواجز والسدود.

تنصيب بالوعات جديدة وتشكيل خلايا لليقظة

في ذات السياق، باشرت مديريات الموارد المائية، عبر مختلف ولايات الوطن، عملية تنقية وتسريح البالوعات في المحاور الكبرى للطرقات، بالإضافة إلى عملية تنظيف واسعة للأودية، حيث تم استخراج كل الفضلات والأتربة التي قد تعيق المجرى الطبيعي للماء، كما شرعت ذات المصالح في تنصيب بالوعات جديدة وتجديد وتنقية القديمة منها، على مستوى عدد من الطرقات من أجل تسهيل عملية امتصاص مياه الأمطار، لتفادي تسجيل فيضانات محتملة. كما قامت ذات المصالح بوضع قنوات سطحية، على مستوى بعض الطرقات بعد أن باتت القنوات الرئيسية لا تستوعب حجم الأمطار المسجلة، وتم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنقية حواف الطرقات لمواجهة أي كارثة.

ويشمل مخطط العمل، الذي ستعتمده البلديات، إعداد مخطط استعجالي استباقي لتنظيف الأودية والبالوعات وقنوات الصرف الصحي، من كافة المخلفات والترسبات، لاسيما بالأماكن والبلديات المعرضة لمخاطر الفيضانات، بإشراف حظائر البلديات على هذه العملية، بالتنسيق مع المؤسسات الخاصة المتعاقدة مع السلطات المحلية. كما تشمل التدابير المتخذة تسطير برنامج خاص لتنظيف الأحياء والشوارع، والعمل، بشكل منتظم ويومي، على رفع النفايات، لأنها تعد السبب الرئيسي في انسداد البالوعات ومجاري المياه، مع تحديد أماكن خاصة بوضع النفايات الهامدة، بالإضافة الى تشكيل خلايا لليقظة، تكون مهمتها الرئيسية متابعة النشريات الجوية الخاصة، وتقديم الإنذارات مسبقا للسلطات المحلية، خاصة في المناطق المهددة بخطر الفيضانات. وجدير بالإشارة إلى أن التقلبات الجوية التي شهدتها العديد من ولايات الوطن، في فصل الشتاء الماضي، تسببت في غلق عدة طرقات وطنية، ولائية وبلدية، حيث شهدت ارتفاعا كبيرا في منسوب المياه وتراكم الأوحال الى جانب تسجيل انزلاقات للتربة.

 


 

عبد الكريم شلغوم رئيس نادي المخاطر الكبرىالجزائر معرضة لفيضانات كبيرة

يقول عبد الكريم شلغوم، رئيس نادي المخاطر الكبرى، إن ما تعيشه الجزائر حاليا هو نتيجة قصور كبير في إدارة المخاطر، التي يجب، حسبه، أن تبدأ من القاعدة، مشيرا الى أن التقلبات الجوية التي تشهدها الجزائر حاليا جراء التغير المناخي، تسبب في زيادة احتمال تسجيل الفيضانات أو الزلازل. وأوضح شلغوم في اتصال مع "المساء"، أن الجزائر العاصمة هي من أكثر الولايات عرضة للفيضانات للعديد من العوامل، على رأسها تغير المناخ، متسائلا كيف لأمطار موسمية ليست بالطوفانية، أن تغرق، في ظرف ساعتين من الزمن، العديد من بلديات العاصمة، وتشل ولايات مجاورة، وتتسبب في سقوط بنايات كاملة، لافتا إلى أن ذلك يعني أن أبسط الإجراءات الوقائية غير متاحة في هذه المناطق، بسبب انسداد القنوات، بالإضافة إلى ظاهرة تشييد المباني على الوديان، المعروفة بتربتها الهشة.

ونبه شلغوم إلى أن الأمطار أظهرت عيوب البنى التحتية، والمنشآت والعديد من النقاط السوداء، مشددا على ضرورة اتخاذ تدابير مستعجلة على المدى القصير، "لأننا حاليا في نفس الظروف التي عرفتها الجزائر خلال فيضانات باب الوادي في 2001"، كما أكد أن الإستراتيجيات الجديدة في الجزائر، لا بد أن تعتمد على مدن جديدة، مشيرا إلى أن العاصمة لم تعد تحتمل مشاريع كبرى إضافية.

وذكر رئيس نادي المخاطر الكبرى، أن الجزائر تم تصنيفها من قبل الامم المتحدة من بين الدول الأكثر عرضة للتغيرات المناخية، باعتبارها دولة بحجم قارة، تتميز بوجود أربع طوابق مناخية، ينتج عنها تنوع المناخ، وأدت، للأسف، الى تحول هذه  النعمة إلى نقمة، والدليل الفيضانات المتكررة التي تشهدها كل سنة. وأشار إلى أن الكوارث الطبيعية تخلف أرقاما مخيفة، داعيا كل الجهات إلى توحيد جهودها في مواجهة الأزمات التي تواجهها الجزائر، والتفكير في إستراتيجيات جديدة للتعامل معها.