ملك المغرب يصر على إقحام الجزائر في نزاع الصحراء الغربية

البحث عن مخرج للتملص من الشرعية الدولية

البحث عن مخرج للتملص من الشرعية الدولية
  • القراءات: 941
مليكة. خ مليكة. خ

 لم يخرج خطاب العاهل المغربي عن المألوف بتوجيه سمومه مرة أخرى إلى الجزائر، في سياق يعطي الانطباع بأن الرواية المغربية بخصوص الإصرار على إقحام الجزائر في القضية الصحراوية، لا تكاد تخرج عن إطار الاستفزاز وضرب الأعراف الدولية، ففي الوقت الذي يفترض أن ينصاع المخزن إلى قرارات منظمة الأمم المتحدة بخصوص هذا النزاع، راح يجتر أطروحاته المستهلكة من خلال إطلاق اتهامات ضد الجزائر بخصوص الأوضاع التي يعيشها اللاجئون الصحراويون في مخيمات تندوف. فقد استغل الملك محمد السادس ما يسمى بذكرى المسيرة الخضراء لإطلاق هذه الاتهامات من باب لفت الانتباه وتبرير التملص المغربي من القرارات الدولية، من خلال تحميل الجزائر مسؤولية ما أسماه بالوضع المتردي هناك، وتحويل سكان المخيمات إلى متسولين للإعانات. 

والواقع أن التصريحات التي تضمنها خطاب العاهل المغربي، تعكس حقيقة تعاطي المخزن مع القضية الصحراوية والتي كانت مسألة اللاجئين إحدى إفرازاتها، بمعنى أنه يتحمل لوحده الأوضاع المتردية التي يعيشها الشعب الصحراوي الذي يطالب بحقه في تقرير المصير مثلما تتضمنه قرارات الهيئة الأممية. وبدل أن يلتزم المخزن بالشرعية الدولية، راح يشن حملاته العدائية على الجزائر في إطار محاولاته اليائسة للفت انتباه الرأي العام الدولي لتمييع القضية، متهما إياها بعدم التكفل باحتياجات سكان المخيمات وتحويلهم "إلى غنيمة حرب ورصيد للاتجار غير المشروع" على حد قوله. غير أن الملك محمد السادس الذي حاول أن يغدق بعطفه على اللاجئين الصحراويين، قد كشف من خلال خطابه النوايا الحقيقية للمخزن الذي استغل قضية اللاجئين للترويج لأطروحة "مغربية الصحراء" بمحاولة اللعب على ورقة سكان المخيمات بلهجة لا تبتعد كثيرا عن التهديد، من خلال توجيه سؤال حول ما إذا كانوا يقبلون بهذا الوضع المهين قبل أن يجيب في هذا الصدد "إذا رضيتم فلا تلومن إلا أنفسكم".

ويستشف من هذا التصريح بأن الرباط ماضية في سياسة إبقاء الوضع على حاله، من خلال ضرب اللوائح الدولية عرض الحائط، حتى فيما يتعلق بالشق الإنساني لهذه القضية، وهي التي حاولت لفت انتباه المجموعة الدولية بان مشكل الصراع تتحمله الجزائر لوحدها مع اتهامها بصرف الأموال للتسلح والحملات الدبلوماسية، على حد قول محمد السادس. وإن كان العاهل المغربي لم يأت بالجديد في حملته الجديدة على الجزائر من منطلق أن خادمي البلاط قد دأبوا على توجيه نفس الرسائل للجزائر طيلة الأعوام الماضية، إلا أنه يظهر بأن محمد السادس قد خرج عن اللباقة الدبلوماسية ولم يحترم مبادئ الجيرة في سياق يعكس التهور السياسي للمخزن الذي يبرره الإخفاقات الدبلوماسية للرباط على المستوى الإقليمي والدولي رغم الرشاوى التي يقدمها من أجل شراء ذمم بعض الدول في محاولة لضمها إلى صفه.

ومن المؤكد أن فشل الدبلوماسية المغربية في الترويج لأطروحتها فيما يتعلق بالقضية الصحراوية التي تشهد المزيد من النجاحات على المستوى الدولي، تظل غصة في حلق المخزن الذي يصر على تحميل الجزائر مسؤولية ذلك، لدرجة أضحى يجند سفراءه في العواصم الغربية من أجل شن هجومات على الجزائر ومحاولة استغلال الأحداث الاجتماعية التي تشهدها بعض مناطق البلاد، بإعطائها الصبغة السياسية كما هو الشأن لمنطقتي القبائل وغرداية. بل ثبت بالدليل مثلما جاء في تقارير إعلامية دولية تورط المخزن في الأحداث العارضة التي شهدتها ولاية غرداية مؤخرا، حيث تعمل الرباط على تأجيج الأوضاع بأسلوب لا يختلف البتة عن أسلوب المستعمر الفرنسي، الذي حاول تقسيم الجزائر لولا انتفاضة أبنائها الذين رفضوا العيش إلا في ظل الوحدة الوطنية.  

ففي الوقت الذي يفترض من المغرب تنسيق الجهود إقليميا في ظل التطورات التي تشهدها بعض الدول العربية لا سيما على المستوى الأمني، نجد انه يصر على تشويش المساعي المنصبة في إطار تسوية أزمات المنطقة سلميا، مثلما كان الحال مع أزمة مالي، حيث أشرفت الجزائر على الوساطة بين فرقاء هذا البلد لأشهر طويلة وعبر مفاوضات شاقة، كللت بإبرام اتفاق السلام والمصالحة يوم 20 جوان ماضي، في حين لم يأل المغرب جهدا في عرقلة هذه المفاوضات من خلال  محاولة إقناع أطراف مالية رفض الاتفاق، غير أنه أخفق في ذلك بعد أن قرر كافة الفرقاء الالتفاف حول مصلحة بلدهم.

ومثلما يعكس خطاب محمد السادس الإحباط الذي يلازم السياسة الخارجية المغربية، فإنه يبرز أيضا حجم المشاكل الداخلية التي يواجهها المجتمع المغربي الذي مازال ينتظر تحقيق الأحلام والعيش الرغيد عبر أطروحة" مغربية الصحراء". وإذا كان العاهل المغربي رحيما لهذه الدرجة بأهل الصحراء بالتفكير في الأوضاع  المتردية التي يعيشونها، كان أولى به أن يفكر في شعبه الذي يعاني من كافة أشكال البؤس والحرمان والفقر المدقع، في وقت يحاول في كل مرة إيهام الرأي العام المغربي بأن المشاكل الاجتماعية التي تعيشها الشرائح الواسعة في المغرب سببها الجزائر. 

وبما أن محمد السادس قد وصف سكان المخيمات بالمستولين على الإعانات الدولية مع محاولة لفت انتباه المجتمع الدولي للأوضاع التي يعيشونها، فإننا نتساءل لماذا ينتفض المخزن ويشتد غيظه في كل مرة عندما تطلب الجزائر من الأمم المتحدة إيفاد لجنة تحقيق لتقصي أوضاع حقوق الإنسان في المناطق المحتلة، في حين يجتهد اليوم في وضع التصورات المأمولة للوضع المعيشي للاجئي تندوف، رغم أن هذه المسالة تعد إحدى إفرازات سياسته التعسفية ضد الصحراويين.