المحامي نجيب بيطام لـ"المساء":
الاستفتاء هو الحل الوحيد للعودة إلى تنفيذ الإعدام

- 752

طرح مطلب تنفيذ حكم الإعدام على مختطفي وقتلة الأطفال إشكالية كيفية تنفيذ هذا المطلب، في الوقت الذي تلتزم الجزائر فيه بالاتفاقية الدولية الخاصة بعدم تطبيق حكم الإعدام التي وقّعتها.
وفي هذا السياق أوضح في حديث سابق لـ"المساء"رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، أن توقيف العمل مؤقتا بهذه الاتفاقية ممكن من خلال إجراء استفتاء شعبي تستند السلطات العليا إلى نتائجه لتجاوز هذه الاتفاقية مؤقتا وتطبيق حكم الإعدام في حق مختطفي الأطفال.
ونفس الطرح ذهب إليه المحامي نجيب بيطام، الذي أكد لـ"المساء" أن الاستجابة للمطلب الشعبي والحل يمكن في تنظيم استفتاء بخصوص حكم الإعدام.
دعا بيطام في تصريح خصّ به "المساء" السلطات إلى عدم تضييع فرصة غليان الشارع الجزائري هذه الأيام بعد مقتل الطفلة "نهال" و ارتفاع الأصوات التي تطالب بتنفيذ حكم الإعدام ضد قتلة الأطفال، لإعادة تنفيذ الحكم على الأقل في جرائم قتل الأطفال والتنكيل بجثثهم. مشيرا إلى أن هذا المطلب الشعبي يعد فرصة تاريخية يمكن استغلالها لإعادة تنفيذ حكم الإعدام الذي توقف العمل به بالجزائر منذ سنة 1993، تاريخ إعدام أربعة متورطين في تفجير مطار هواري بومدين. وذلك بالرغم من أن الإعدام لم يلغ من قانون العقوبات لحد الآن ولا زال القضاة ينطقون به في الجرائم الكبرى، غير أنه مجمّد ولا يطبّق ويحال المحكوم عليهم به على السجن المؤبد ولا يُقتلون بسبب الاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها الجزائر في مجال حقوق الإنسان والقاضية بتوقيف تنفيذ الإعدام.
وأوضح المحامي أن استئناف تطبيق الإعدام ليس مستحيلا وهو ممكن قانونا بالتخلي عن الاتفاقية الدولية، وفي حالات خاصة وظروف استثنائية أملتها الجرائم الجديدة الدخيلة على مجتمعنا، والتي لم تكن موجودة من قبل عندما وقّعت الجزائر على هذه الاتفاقية. موضحا أن الدولة سيّدة داخل حدودها وفقا لما ينص عليه الدستور والقوانين الدولية، ولها الحق في سن القوانين التي تراها مناسبة لحماية مواطنيها وخاصة الأطفال.
وأشار محدثنا إلى أن تنصّل الجزائر عن التزاماتها والتراجع عن هذه الاتفاقية قد يجعلها عرضة لضغوطات كبيرة من طرف منظمات حقوق الإنسان الدولية، غير أنه أكد أن "استغلال الظروف الحالية وإقناع هذه المنظمات بأن المطالبة بالإعدام نابعة عن الإرادة الشعبية في حال تنظيم استفتاء شعبي ديمقراطي، سيضع حدا لهذه الضغوطات مثلما سبق وأن عملت به الدول الكبرى عندما يتعلق الأمر بمصالحها العليا كبريطانيا مثلا التي نظمت استفتاء شعبيا مؤخرا للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لتؤكد للمجتمع الدولي بأن قرار الانسحاب هو إرادة شعبية وليس إرادة صنّاع القرار".
وصرح الأستاذ بيطام، أن هذا الاستفتاء يعد "الحل الوحيد" الذي يمكن اللجوء إليه للتصدي للآثار السلبية التي ستصدر عن الهيئات الدولية التي قد تشكّك في مصداقية الجزائر وتغيّر من صورتها كبلد حقّق نتائج ايجابية في مجال احترام حقوق الإنسان. علما بأن الاتفاقية واللائحتين اللتين وقّعت عليهما الجزائر في هذا المجال لا تنص بصريح العبارة عن حرمان أي بلد يتراجع عن التزاماته في مجال تعليق أو إلغاء حكم الإعدام من بعض الحقوق على المستوى الدولي، "لكن ممارسة الكيل بمكيالين التي تمارسها المنظمات الدولية التي تقلقها مكانة الجزائر في المحافل الدولية، قد تضر بها بطريقة غير مباشرة من خلال عدم التعامل معها وعدم التنسيق معها في مجال تسليم المطلوبين من طرف العدالة الفارين إلى الخارج، أو عدم تطبيق قرارات الأمر بالقبض الدولي وغيرها من الأمور الأخرى التي قد تصل إلى حد عدم منحها مساعدات من طرف صندوق النقد الدولي عند الحاجة" يضيف المتحدث ـ.
وعلّق محدثنا على زملائه الحقوقيين الذين يرفضون تنفيذ الإعدام بأنهم متأثرين بالفكر الغربي المدافع عن حقوق الإنسان، متناسين بذلك ما نصّ عليه الدين الإسلامي الذي يبقى دين الدولة، والذي يؤكد في العديد من الآيات القرآنية على أن القاتل يجب أن يُقتل ويحث على القصاص كقوله تعالى "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".
وذكر المحامي بأن الحديث عن حقوق الإنسان يتطلب أحيانا تنفيذ الإعدام عند ثبوت ارتكاب الجريمة بالأدلة لحماية حق المظلوم، مضيفا أن المنظمات الدولية التي تتغنّى بحقوق الإنسان نسيت حقوق المظلوم وتريد حماية حق الظالم والضغط على الدول لتطبيق هذه الفكرة، بالرغم من أن كبرى الدول التي تتحدث عن حقوق الإنسان تعمل بالإعدام لحماية مواطنيها حتى وإن كان الإعدام لا يمكنه استئصال الجريمة والقضاء عليها نهائيا، غير أنه يحد منها ويجعل من القاتل عبرة لمن يريد أن يقتل. مستدلا في قوله بالولايات المتحدة الأمريكية التي تعد من أهم الدول التي تتغنى بحقوق الإنسان والتي لا زالت تنفذ حكم الإعدام وبأبشع الطرق كغرف الغاز والحقن المميتة وغيرها من الطرق، على عكس الجزائر التي كانت تنفذه رميا بالرصاص بطريقة لا تجعل المحكوم عليه يتعذّب حتى الموت.
اقتراح بطاقية وطنية للمسبوقين قضائيا لتسهيل التعرّف على الجناة
وفي سياق حديثه عن ظاهرة قتلة الأطفال وكيفية الحد منها اقترح محدثنا إنشاء بطاقية وطنية للمسبوقين قضائيا المحكوم عليهم في قضايا تتعلق بالاعتداء على الأطفال أو اغتصابهم أو اختطافهم وقتلهم يمكن اللجوء إليها في التحقيق في أي قضايا مماثلة عند تسجيل أي شكوى من هذا النوع للتحقيق معهم بغية تسهيل عملية القبض على الجناة إن كانوا من المعروفين في هذه البطاقية، باستغلال بصامتهم وتحاليل الحمض النووي مثلما هو معمول به في العديد من الدول المتطورة.
كما دعا المحامي الدولة إلى إنشاء هيئة وطنية تبحث في أسباب تنامي الجريمة وسبل مكافحتها تضم قضاة وعلماء دين ومختصين في علم النفس والاجتماع لإيجاد حلول باقتراح سن تشريعات تتلاءم مع طبيعة الجرائم المسجلة في الوقت الراهن، والتي لم تتطرق إليها التشريعات المعمول بها حاليا كونها جرائم جديدة لم تكن موجودة ببلادنا من قبل.