بعد رسائل الرئيس بوتفليقة إلى نظرائه المغاربة:

استجابة فورية للملك محمد السادس

استجابة فورية للملك محمد السادس
  • القراءات: 1397
العربي ونوغي العربي ونوغي

استجاب الملك المغربي محمد السادس أمس الأول دون تأخر لدعوة الرئيس بوتفليقة الذي راسله على غرار قادة وزعماء المغرب العربي عشية الاحتفال بالذكرى الـ ٢٧ لإعلان قيام الإتحاد المغاربي بمراكش. وكان دعاهم إلى اندماج أصبح أمرا مستعجلا تفرضه الظروف والمتغيرات المغاربية، والأخطار الإقليمية والدولية، ومتطلبات الشعوب المغاربية. تحديات على جميع المستويات تستلزم عملا جماعيا بعيدا عن الانفرادية والتقوقع. وأن الوحدة المغاربية أصبحت أكثر من ضرورة آنية لا مناص منها. تتطلب التعجيل بإدخال إصلاحات جذرية وجوهرية لتفعيل عمل المؤسسات المغاربية. وتقريب المسافات في وقت تتزايد فيه التجمعات الإقليمية والدولية لمجابهة تلك التحديات.

الملك المغربي استجاب دون تردد من خلال اغتنام هذه السانحة (الذكرى الـ 27 لإعلان الاتحاد المغاربي) ليوجه رسالة إلى الرئيس الجزائري تضمنت في عمومها مفاصل ونقاطا لا تختلف في صياغتها ومحتواها عن فحوى رسالة الرئيس بوتفليقة التي كان بعث بها إليه قبل يومين. بل يمكن اعتبارها قبولا ودعما لمسعى الرئيس بوتفليقة.

رسالة الملك محمد السادس التي قد تتبع بـ«استجابات” في الأيام وربما في الساعات القادمة برسائل مماثلة لرؤساء وقادة باقي مجموعة بلدان المغرب العربي، يمكن أن تؤرخ إلى خطوة جديدة لعمل مغاربي في قادم الأيام، قد تستعجله التحديات والظروف التي عددها الرئيس الجزائري في رسالته إلى نظرائه المغاربة. أو ما جاءت به وأكدته رسالة العاهل المغربي محمد السادس قبل يوم.

أي أن هذه الرسائل المتبادلة بين قادة المغرب العربي، يمكن قراءتها بأنها خرجت هذه المرة عن رمزية ومألوف الرسائل المتبادلة في المناسبات الوطنية والدينية.

بالتأكيد أن الظروف الأمنية المعقدة في المنطقة ومخاطرها، التي قد لا تستثني أيا كان من فتائلها وامتداداتها سواء في ليبيا أو بلدان الساحل أو من خلال "داعش" وجحافل الهجرة إلى الشمال، إضافة إلى إرهاصات الاقتصاد العالمي وتراجع النمو وأزمات ما بعد البترول، كلها عوامل لن تسعف الذين ما زالوا يعتقدون بأنهم في منأى عن المخاطر والأزمات ولهيب الإرهاب أو أنهم غير معنيين بما حدث في المنطقة المغاربية أو في مختلف المناطق الملتهبة.

لعل استجابة العاهل المغربي بهذه السرعة إلى دعوة الرئيس بوتفليقة تؤكد – شيئا إيجابيا – على أن جارنا على حدودنا الغربية واع بهذه التحديات والمخاطر. وأن الاستراتيجية الجديدة التي دعا إليها الرئيس بوتفليقة تسمو إلى تجاوز الخلافات الظرفية والحسابات التي لا تصب في مصلحة المنطقة المغاربية برمتها. وهي إستراتيجية تتطلب مراجعة منهجية مدروسة وفق نظرة شاملة وعمل منسق ومشترك. من منظور واقعي.

إن رسالة الرئيس بوتفليقة يمكن اعتبارها فتحا للأبواب بعد القلوب. هذه التي ظلت على الدوام مفتوحة للأشقاء في مغربنا الكبير، وإن كان صديقنا الملك، وديبلوماسيته يحصرها في فتح الحدود فقط التي أغلقت، كما هو معلوم بعد اتهامات المغرب "خطأ" للجزائر على أنها وراء حادثة مراكش وما تبعها من قرار فرض "الفيزا" على الجزائريين في عز أزمة أمنية شهدتها الجزائر، وكان الجزائريون فيها بحاجة إلى منافذ، سيما من الأشقاء الذين يجمعنا بهم الجوار ورابطة الدم. لكن وزير الداخلية يومئذ المرحوم ادريس البصري، فتح الحدود "للعيادة" وأمثاله فقط.

نقول لا أحد في البلدين حكاما ومسؤولين ومواطنين يريدون أن تظل الحدود بين الشقيقين الكبيرين في المنطقة مغلقة إلى الأبد. لكن أيضا بالتأكيد أن إعادة فتح الحدود، تستلزم أيضا "تنقية" الملفات العالقة و"المفتعلة" في كثير منها حتى لا نعود مرة أخرى إلى نقطة الصفر مجددا.

الطرح الجزائري واضح. وهو الفصل بين الملفات الثنائية التي تهم البلدين المغرب والجزائر، والأخرى أي الدولية وهي التي لها مخارجها ومسارها والقائمون عليها.

فتح الحدود مرتبط بالجوار أو حسن الجوار والفصل بوضوح في كثير من الشوائب المعكرة لحسن النية على الأقل، كازدواجية الخطاب الديبلوماسي. والمواقف المتشنجة والاتهامات الجزافية المغلوطة واتخاذ الحدود لإغراق السوق الجزائرية بالمخدرات تجارة وعبورا... ما عدا ذلك بما في ذلك "حرق العلم الجزائري من قبل محامين" أو اختطاف أطفال جزائريين زاروا المغرب من باب الرياضة والبلد الشقيق، كل ذلك سيجد حلوله في الوقت المناسب حين يتخطى جارنا الغربي حسابات الحقل، ويبني استراتيجية مستقبل تقوم على محصول البيدر وهو الأنفع والأدوم.

إن السوق المغاربية المغرية بثرواتها وإمكانياتها وكفاءاتها، إذا صدقت الإرادات والنوايا واندمجت البلدان المغاربية في استراتيجية تكاملية وعمل جماعي تقوده المؤسسات والهيئات المشتركة، كفيل بأن يحقق التنمية الشاملة لشعوب المغرب الكبير. وتؤسس لقوة إقليمية اقتصادية وسياسية تسعى عديد الأطراف والمصالح إلى خنق كل خطوة منها نحو التقارب. وإفشالها في المهد. نعتقد أن رسالة الرئيس بوتفليقة إلى نظرائه أسست لأرضية أو وثيقة عمل مشترك ومستعجل. ونعتقد أيضا أن استجابة الملك محمد السادس بتلك السرعة تؤكد بأن البلدين أدركا أخيرا بأن مصيرهما واحد ولا مجال لتفويت الفرص وأن المستقبل أنفع لكل شعوب المنطقة


الملك محمد السادس يبعث ببرقية إلى الرئيس بوتفليقة:

الاتحاد المغاربي خيار إستراتيجي لا رجعة فيه

تلقى رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، برقية من العاهل المغربي، محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ27 لتأسيس الاتحاد المغاربي، أكد فيها أن هذا المشروع يعد "خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه".الملك محمد السادس قال في برقيته "يطيب لي بمناسبة حلول الذكرى السابعة والعشرين لتأسيس اتحاد المغرب العربي، أن أبعث إليكم بأحر التهاني وأصدق التمنيات، لكم بموفور الصحة والسعادة ولشعبكم الشقيق باطراد التقدم والرخاء". "وإن تخليدنا لهذه الذكرى المجيدة - يضيف العاهل المغربي - لمناسبة تتجدد فيها آمال شعوبنا المغاربية في تحقيق تطلعاتها المشروعة إلى التكامل والوحدة، بما يمكن من بلوغ أهداف معاهدة مراكش التي أرست اللبنات الأساسية للاتحاد المغاربي وبالتالي فتح آفاق مستقبل واعد تنعم فيه شعوبنا الشقيقة بالنمو والازدهار في ظل الأمن والطمأنينة والاستقرار".واستطرد ملك المغرب قائلا بأن "المملكة المغربية التي تعتبر الاتحاد المغاربي خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه، لن تدخر جهدا لمواصلة العمل من أجل تحقيق الاندماج بين دوله الخمس وإقامة نظام مغاربي جديد أساسه الإخاء والثقة والتضامن وحسن الجوار وتجاوز حالة الركود المؤسساتي التي تحول دون اضطلاع الاتحاد بالدور المنوط به على مختلف المستويات، لرفع مختلف التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه الدول المغاربية وجوارها الإقليمي والدولي".وتابع قائلا "وفي هذا الصدد، نرحب بإخراج المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية إلى حيز الوجود باعتباره المؤسسة التي ستتولى المساهمة في توثيق العلاقات الاقتصادية المغاربية وتنمية المبادلات التجارية، فضلا عن إرساء قواعد لتمويل المشاريع الإنتاجية ذات المصلحة المشتركة".