ملاحظون يؤكدون تورطه في أحداث غرداية

إيديولوجية المخزن في زرع الفتن تفضح سياسته المتهورة

إيديولوجية المخزن في زرع الفتن تفضح سياسته المتهورة
  • 1806
مليكة. خ مليكة. خ
لا يوجد دخان بلا نار ،، هذه المقولة تنطبق تماما على حيثيات الأزمة التي عرفتها ولاية غرداية مؤخرا، في ظل إجماع وطني ودولي على تورط دول عربية وأجنبية في هذه الأحداث الدموية، حيث برز اسم المغرب مجددا بشكل مباشر في هذه القضية، وهو الذي لم يأل جهدا في محاولة التشويش على أمن الجزائر وحتى محاولة ضرب إنجازاتها الدبلوماسية، بعد أن حاول اللعب على ورقة تفكيك الوحدة الترابية لمالي في إطار تسويق مغربية الصحراء. وليس من المبالغة أن يتم اتهام المخزن الذي مازال يحصد خيباته الدبلوماسية في”التخلاط” الذي تعيشه منطقة غرداية، التي لطاما شكّلت مثالا للتآلف والتعايش بين مختلف المذاهب التي تعرفها المنطقة، وهو ما يعكس التنوع العرقي والثقافي للجزائر.
فبعد فشله بالأمس في استغلال أحداث منطقة القبائل سنة 2001، وإصراره على الترويج لفكرة الاستقلال الذاتي لهذه المنطقة، من خلال الاستقبالات التي تخصها هيئات مغربية لرئيس ”الماك ”فرحات مهني، راح المغرب الذي مازال يصر على سياسته المتهورة يبحث عن منافذ لفتن جديدة وفق إيديولوجية لا أخلاقية. وذلك  بمحاولة التغلغل في أعماق الجزائر بالتحريض ضد  استقرار منطقة غرداية. ولا تنطلق منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان الدولية من فراغ عندما حذّرت من وجود خطط لدولة مجاورة للجزائر، ويقصد بها المغرب لإثارة اضطرابات سياسية واسعة داخل  الجزائر، مشيرة إلى أنها عقدت عدة لقاءات مع ”معارضين” جزائريين داخل دول الاتحاد الأوروبي.
ففي هذا الصدد حذّر المتحدث الإعلامي للمنظمة زيدان القنائي، في بيان له من افتعال أحداث طائفية داخل الولايات الجزائرية على غرار أحداث ولاية غرداية، وهو ما شهدته الجزائر بالفعل خلال الأيام الماضية.
ومن جانبها أكدت صحيفة ”رأي اليوم” اللندنية أن الجزائر مستهدفة من دول عربية وأجنبية بهدف زرع الفتنة فيها من خلال أحداث غرداية لتكرار السيناريو الليبي والسوري، حيث أضافت الصحيفة في افتتاحيتها أنها تملك معلومات تؤكد أن الجزائر باتت مستهدفة من قوى عالمية وعربية لتمرير مشاريع التقسيم والتفتيت التي تحاك الآن ضد الدول العربية.
وأوضحت الصحيفة ”عندما نقول إن الجزائر مستهدفة فإننا نعي ما نقول ونملك المعلومات التي تؤكد ذلك، فالسيناريو الدموي المصحوب بالتدخلات العسكرية الخارجية الذي رأيناه يتبلور في ليبيا، وبصورة أخرى في سوريا، كان من المقرر له أن ينتقل إلى الجزائر بكل تفاصيله ولكن فشله في سوريا حتى الآن رغم الدمار والقتل والتخريب والتمزّق هو الذي أجل وصوله إلى الجزائر، ونقول أجل لأننا ندرك أن القوى التي تقف خلف هذا المخطط وبعضها عربية للأسف اعتقدت أن النظام في سوريا سينهار في غضون أيام أو أسابيع على الأكثر قبل أن تنقل أدواتها إلى الجزائر” .
وأثنت الصحيفة اللندنية على الشعب الجزائري الذي يلعب ـ كما قالت ـ دورا كبيرا لإحباط هذا المخطط سواء بسبب وعيه ورفضه الاستجابة لأدوات التحريض وباذري الفتن، أو لأنه تعلّم من تجربة مأساة التسعينيات واستوعب دروسها الدموية وبات على قناعة راسخة بمقاومة أي تكرار لهذا الكابوس. كما أشادت ”رأي اليوم” بالتعايش بين الجزائريين والذي دام لقرون وفشل حتى الاستعمار الفرنسي في النيل منه، مستغربة كيف تظهر اليوم هذه النعرات المذهبية لتهدد وحدة الجزائر كبلد.
وبلا شك فإن هذه المعلومات التي أوردتها المنظمات الدولية والمؤسسات الإعلامية لا تنطلق من فراغ في ظل المتغيرات الجيواستراتيجية التي تعرفها منطقة شمال إفريقيا، في وقت تحرص فيه  الرباط على ترصد كل التحولات الايجابية التي تعيشها الجزائر لا سيما على المستوى الدبلوماسي، حيث لاحظنا كيف سعى المخزن للتشويش على وساطة الجزائر في حل أزمة مالي، غير أن محاولاته باءت بالفشل من خلال توقيع تنسيقية حركات الأزوادعلى اتفاق السلم والمصالحة النهائي بباماكو يوم 20 جوان الماضي، بعد أن طلبت مهلة لذلك.
فالمخزن الذي لم يستطع الصمود أمام الصبر الذي تبديه الدبلوماسية الجزائرية في حل الأزمات الدولية  بمباركة دولية واسعة، لم يجد من وسيلة أخرى لتغطية خيبات أمله سوى بالعمل على ضرب استقرار الجزائر، حيث نتذكر جيدا كيف أنه عبّر عن أمله في سنوات التسعينيات لأن تكون  الجزائر حقل تجارب الإسلاميين، بل إن موقفه لم يتوقف عند التشفي بالمأساة التي عاشتها الجزائر، بل ذهب أبعد من ذلك عندما كان يستقبل الإرهابيين الذين كانوا ينفذون عملياتهم الإجرامية على الجزائر انطلاقا من أراضيه، في إطار المساومة بمسألة الصحراء الغربية.
ومن هنا تبرز المخاطر التي يشكلها المخزن على أمن المنطقة، في وقت يسعى الجميع إلى الاستثمار في الأمن والسلم لتجنّب أي انفجار غير محمود، فنتذكر مثلا كيف سعى المخزن لتأليب حركات أزوادية على اتفاق السلم الذي يضمن الوحدة الترابية لمالي، في حين يعمل اليوم على استقطاب بعض الإباضيين في الجزائر من أجل تحقيق أهداف دنيئة، فشل المستعمر الفرنسي بالأمس في الصبو إليها بسبب رفض الشعب الجزائري سياسة الانقسام والتفكك. ويتجلى ذلك في توظيف الرباط كافة الوسائل من إعلام وهيئات من أجل الترويج لهذه الأفكار، كما كان الحال مع فيدرالية المنظمات الأمازيغية بالمغرب، التي نددت بما أسمته ”عودة سياسة التمييز العنصري والتطهير العرقي في شمال إفريقيا، وبمواقف الدول المغاربية المساندة بسكوتها للإبادة الجماعية لأمازيغ المزاب”.
بل إن المخزن يعمل في كل مرة تثير فيها الجزائر وضعية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية بمجلس حقوق الإنسان بجنيف، على إدارج الأحداث التي عرفتها غرداية، رغم أنه لا يوجد وجه شبه بين القضيتين. ومما لا شك فيه فإن السياسة العدائية للمخزن تجاه الجزائر لن تتوقف عند هذا الحد رغم أن نهايتها ستكون دائما الفشل، باعتبار أن الأحداث العصيبة التي مرت بها الجزائر خلال العشرية السوداء قد صقلت إرادة الجزائريين وعزّزت وحدتهم،  وكرّست قناعتهم بأن العودة إلى نقطة الصفر أمر مرفوض وغير قابل للنقاش، كيف لا وقد تحولت الجزائر اليوم  إلى بلد مصدر للأمن والسلم في العالم.