المديرة العامة للمعهد الوطني للتكوينات البيئية لـ"المساء":

إقبال كبير للشباب على الاستثمار في الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجدّدة

إقبال كبير للشباب على الاستثمار في الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجدّدة
المديرة العامة للمعهد الوطني للتكوينات البيئية مليكة بوعلي
  • القراءات: 420
حاورتها: حنان حيمر حاورتها: حنان حيمر

أكدت المديرة العامة للمعهد الوطني للتكوينات البيئية مليكة بوعلي، تسجيل إقبال كبير من طرف الشباب على الاستثمار في مجالات الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجدّدة، مشيرة إلى أن الوعي بضرورة احترام قواعد الإنتاج والمحافظة على البيئة ترسّخ في القطاعات الاقتصادية، سواء على مستوى الشركات الكبرى، أو لدى أصحاب الشركات الناشئة والمقاولين الصغار وحتى الحرفيين.

كشفت مديرة المعهد في حوار خصّت به "المساء"، أن الشباب أصبح واعيا بالتحديات البيئية نظرا لانفتاحه على العالم، وهو ما يعكسه إقباله "الكبير جدا" على الاستثمار في المجالات البيئية، لاسيما بعد أن فتحت الحكومة الباب واسعا ووضعت تحفيزات وتسهيلات لإنشاء مؤسّسات ناشئة من طرف الشباب المبتكر، لافتة إلى أن المعهد يعمل على مرافقة هؤلاء الشباب وتكوينهم لتجسيد أفكارهم الثرية في قطاع البيئة.

ويتم ذلك بالخصوص عبر تكييف الدورات التكوينية مع التغيرات الحاصلة في العالم وفي الجزائر، من حيث المنظومات القانونية والتطوّرات التكنولوجية التي خلقت احتياجات جديدة يستجيب لها المعهد من خلال تحيين مضامين التكوينات ومناهجها، ضاربة المثل بتخصيص دورات تكوينية للجامعيين في مجالات الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجدّدة، لاسيما الطاقة الشمسية وكيفية صيانة الألواح الشمسية.

المشاريع الخضراء تحقّق رهان الجدوى الاقتصادية

قالت مليكة بوعلي إن الرهان اليوم يكمن في توضيح ماهية المشروع الاقتصادي الأخضر، الذي يبدأ، حسبها، من "فكرة خضراء وينجز في كل مراحله باحترام البيئة، سواء من حيث طرق الإنتاج أو نوعية المواد الأولية التي يجب أن تكون صديقة للبيئة وكذلك قابلة للرسكلة، وأن يعمل المشروع على تحقيق أهداف التنمية المستدامة"، وهو ما يعكف المعهد على ترسيخه في الدورات التكوينية وخلال مرافقته للشباب الراغب في إنشاء مؤسسة.

ولاحظت محدثتنا أن النظرة إلى المشاريع تغيرت كثيرا في السنوات الماضية، قائلة "إن الاقتصاد التدويري لم يعد عبارة عن معالجة النفايات فقط وإنما توسع لمجالات كثيرة، كما أن النظرة إلى المشاريع البيئية على أنها مكلفة وغير مربحة، في حين أن المشاريع الاقتصادية الناجحة لابد أن تكون ملوّثة، تغيّرت تماما، وأصبح الوعي بالجدوى الاقتصادية للمشاريع الخضراء دافعا للكثير من الشباب لخوض غمار تجربة المقاولاتية في هذا المجال".   

وأبرزت المديرة الاهتمام المتزايد للشركات الصناعية الكبرى بمطابقة نشاطاتها مع متطلبات القواعد والقوانين البيئية، مشيرة إلى أن هناك عمل جار حاليا لمراجعة عدة قوانين في مجال البيئة، استجابة للالتزامات الحكومية في هذا المجال، مع العلم أن الجزائر وقعت على عدة اتفاقيات دولية في مجال الحفاظ على البيئة، أبرزها اتفاقية برشلونة وبروتوكول باريس في 2015، انبثقت عنها الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة، التي تشمل كل القطاعات لاسيما الصناعة والفلاحة والطاقة.

المسائل البيئية تحوّلت إلى "التزاماتفي المؤسسات الصناعية

وبرأي السيدة بوعلي فإن المسائل البيئية تحوّلت اليوم إلى "التزامات" بالنسبة للمؤسّسات الصناعية المدعوة إلى احترام البيئة تحت طائلة التعرض للعقوبات والردع في شكل ضرائب بيئية بالخصوص، إن على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، حيث يرهن ذلك تواجدها في الأسواق العالمية، بسبب اللجوء إلى معايير بيئية أكثر صرامة في التبادلات التجارية مستقبلا.

وهو ما أدى إلى تعاظم الوعي لدى المؤسّسات الصناعية بأهمية التكيف مع المتطلبات الجديدة، وجعلها تلجأ أكثر فأكثر حسب محدثتنا - إلى الخدمات التكوينية للمعهد، لاسيما تلك المتعلقة بالمنظومة القانونية، السياسات الضريبية والمسؤولية الاجتماعية، ضمن ما تتطلبه الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة التي وضعتها وزارة البيئة والطاقات المتجدّدة والتي يقع المعهد تحت وصايتها.

كما يتلقى المعهد طلبات للتكوين من البلديات في مجالات مختلفة، أهمها المساحات الخضراء والطاقات المتجدّدة والضريبة البيئية والتنظيمات البيئية. وبرأي المسؤولة فقد أصبح الوعي بالقضايا البيئية واقعا ملموسا بالجزائر، ومرد ذلك العمل والجهود المتواصلة التي يواصل المعهد بذلها منذ نشأته في 2002، لغرس الثقافة والتربية البيئيتين في إطار المهام الموكلة إليه.

مشروع لتزويد 2500 ناد بيئي بتجهيزات جديدة

في هذا الشأن، قالت محدثتنا إن بروتوكول الاتفاق الذي وقّع مع وزارة التربية الوطنية منذ 22 سنة، سمح بإنشاء نواد بيئية أو "خضراء" على مستوى كل المؤسسات التربوية، ما سهل عملية "زرع أسس التربية البيئية لدى التلاميذ"، من خلال تنظيم دروس توعوية وخرجات ميدانية وورشات بيداغوجية، ساهمت في نشر ثقافة البيئة لدى أطفال الأمس الذين أصبحوا اليوم شبابا قادرين على الابتكار وإيجاد حلول للمشاكل البيئية.

وبالنظر إلى أهمية هذه البرامج التوعوية، أشارت المسؤولة إلى أن وزارة البيئة رصدت عدة مشاريع لتجهيز هذه النوادي بالأدوات اللازمة ووسائل سمعية بصرية، وينتظر تجسيد مشروع تجهيز ما يقرب من 2500 ناد بيئي عبر الوطن بأدوات البستنة وأدوات تعليم الفرز الانتقائي ورسكلة النفايات والتسميد، يوجد حاليا في طور الإعداد، فضلا عن استخدام طرق بيداغوجية جديدة كالألعاب والمسابقات لتوعية الأطفال بالمسائل البيئية.

وفي إطار التعاون مع المعاهد الأجنبية، كشفت محدثتنا عن مواصلة العمل بالاتفاقية الموقعة في 2019 مع معهد بلجيكي مختص في تكوين المستشارين البيئيين، للقيام بنفس التكوينات في الجزائر، مشيرة إلى أن ذلك سمح بتخريج دفعات من المستشارين البيئيين الذين يسهرون على حماية البيئة على مستوى البلديات ومديريات البيئة. كما يواصل المعهد دوراته التكوينية لصالح مكاتب الدراسات المختصة في البيئة والتي تتضمن كيفية إجراء دراسات الجدوى ودراسات الأثر والتدقيق المالي لصالح المؤسسات المصنفة لمطابقتها مع قوانين حماية البيئة.

حملة مكافحة التبذير تؤكد تغير سلوكيات المواطنين

وبخصوص الحملة التي نظمها المعهد خلال شهر رمضان الجاري حول محاربة مظاهر التبذير، أشارت المديرة، إلى برمجة خرجات ميدانية في ساحة الشهداء وباب الزوار، تم خلالها إعداد سبر آراء حول مادة الخبز. وأبانت نتائج إيجابية، "لأنها أظهرت تغيرا معتبرا في تفكير المواطنين وسلوكياتهم"، وأوضحت في هذا الخصوص أنه "في الماضي كان المستجوبون يقولون إنهم يقومون برمي قرابة 5 قطع من الخبز يوميا في المزبلة، أما اليوم أكد أغلبية المشاركين أنهم لا يرمون الخبز وبالنسبة للبقية فهم يفضلون إعادة استخدام الخبز المتبقي بدل رميه"، ويعود ذلك، حسبها، إلى تنامي الوعي البيئي من جهة وإلى أسباب اقتصادية من جهة أخرى، معربة عن أملها في أن يساهم ذلك في خفض نسبة الزيادة في النفايات المنزلية خلال رمضان والتي تصل إلى 10%