رد واف من رئيس الجمهورية على المنزعجين من دسترته:

إضفاء القدسية على بيان أول نوفمبر

إضفاء القدسية على بيان أول نوفمبر
رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني
  • القراءات: 757
م. خ م. خ

حسم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مجددا في مسألة دسترة بيان أول نوفمبر، باعتباره مرجعية وطنية غير قابلة للمساومة، حيث حرص في كلمته التي ألقاها خلال زيارته إلى مقر وزارة الدفاع الوطني على إضفاء القدسية على البيان التاريخي، الذي شكل منعرجا في التاريخ السياسي للبلاد، كونه يظل الركيزة الأساسية في مسائل تسيير الشأن العام من خلال عدم التنازل عن مبادئ وقيم الامة، فضلا عن التمسك بالمواقف الثابتة  للبلاد إزاء المسائل الدولية.

ويعد اختيار تاريخ الفاتح نوفمبر لتنظيم استفتاء تعديل الدستور في حد ذاته رسالة قوية، تؤكد بأن الانطلاقة والمرجعية لا يمكن أن تبتعد عن هذا التاريخ الذي صنع مجد الشعب الجزائري ومكنه من التحدي وفرض خياراته على أعتى القوى العالمية.

كما أن هذه الانطلاقة، أراد رئيس الجمهورية أن تكون بداية لفتح صفحة جديدة من التاريخ السياسي، وتؤسس لإنهاء الوصاية والهيمنة واحتكار السلطة والثروة، من خلال العودة إلى المبادئ الحقة لبيان الفاتح نوفمبر الذي يرتكز على المواطنة والشرعية الشعبية والعدالة الاجتماعية، ومن ثم تحصين البلاد من كافة الأزمات السياسية غير المحمودة، التي تسبب فيها استمرار منطق تصفية الحسابات والتطاول على الحاضر والماضي وزيادة الاحتقان الشعبي.

الحفاظ على خصوصية الممارسة السياسية

واتضح جليا حرص الرئيس تبون، على الحفاظ على خصوصية الممارسة السياسية للبلاد من خلال تأكيده بأن "الطريق التي سلكناها هي الطريق الصحيح لأننا اذا ابتعدنا عن بيان أول نوفمبر ذهبت ريحنا"، مما يقطع الشك باليقين بعدم التنازل قيد أنملة عن هذه المرجعية التاريخية التي تتشبث بالوحدة والسلمية والتسامح ومن ثم تأسيس جبهة داخلية متماسكة كفيلة ببناء جزائر قوية، قابلة لمواجهة كل التهديدات والتقلبات الإقليمية والدولية.

ويكون رئيس الجمهورية، بذلك، قد رد على "بعض المنزعجين من دسترة بيان أول نوفمبر والمجتمع المدني"، الذين يحاولون التشويش  على الاستفتاء الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى ثلاثة أسابيع مؤكدا أن "رسالة الشهداء ينبغي أن تحترم لأنهم ضحوا بالنفس والنفيس لحياة هذا الوطن وينبغي الوفاء لرسالتهم"

ولأجل ذلك، رافع الرئيس تبون بهدف "وضع أسس الجزائر الجديدة" عمادها السيادة الوطنية والتجسيد الحقيقي للعدالة الاجتماعية، مراهنا على المشاركة القوية للشعب الجزائري للتعبير عن قناعته تجاه التعديلات الدستورية المطروحة، من منطلق أن "التغيير الذي تنشده الجزائر الجديدة هو ذاك التغيير الذي يستمد قوته من أصالة الشعب، وثوابته، ومرتكزاته ويستشرف المستقبل الواعي والواعد، تغيير عمودي وأفقي، تصحح فيه الاختلالات وتسد فيه الثّغرات".

تجديد المواقف الثابتة للجزائر تجاه القضايا العادلة

وعلى صعيد السياسة الخارجية للبلاد، جدد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، التأكيد على موقف الجزائر الثابت تجاه القضايا العادلة ودفاعها عن مبدأ الشرعية الشعبية وحق الشعوب في تقرير مصيرها وهي المبادئ التي نص عليها بيان أول نوفمبر.

فرغم تأكيده على نجاح الجزائر في تجاوز مطبات كثيرة والانتصار عليها، إلا أنه أقر بعدم الوصول بعد إلى بر الأمان، مضيفا أن المتربصين بنا لن يتوقفوا، خصوصا على حدود الجزائر التي تحولت إلى مسرح للصراعات الدولية، وهي تعنينا بشكل مباشر شئنا أم أبينا".

وأوضح في هذا الصدد، أن الجزائر "تواصل بمكانتها الاستراتيجية وثقلها الاقليمي، مساعيها الدائمة لمساعدة الأشقاء في ليبيا لإيجاد حلول سياسية سلمية لا تكون إلا بتنظيم انتخابات تفرز مؤسسات سيادية بعيدا عن التدخلات والصراعات الدولية التي ستؤزم المنطقة أكثر فأكثر"، مشيرا إلى أن "نداء الجزائر الذي بدأ يسمع لدى الكبار، هو الرجوع إلى الشرعية الشعبية".

وحذر الرئيس تبون من أنه "في حالة لم يجمع شمل الشعب الليبي كله فان الوضع سيؤول نحو كارثة كبرى"، وأنه "في حال حدوث إنزلاقات عند الأشقاء الليبيين والقبائل الليبية بالتحديد، سيُصبح الحل مستحيلا".

ودعا في هذا الإطار إلى "الإسراع في أقرب الآجال لإطفاء النار في ليبيا وإيقاف النزيف، بانتخابات تشريعية يشارك فيها كل الشعب الليبي بكل أطيافه، ليخرج قيادة متجذرة في الشعب والتراب الليبيين".

من جهة أخرى، أكد السيد تبون أن الجزائر "تتابع عن كثب تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية في الشقيقة مالي التي نعتبر استقرارها دعما لأمننا الاستراتيجي والقومي ركيزته اتفاق السلم والمصالحة الوطنية المنبثق عن مسار الجزائر وهو الحل الأمثل والدائم لإنهاء الخلاف بين الفرقاء الماليين الأشقاء".

وأضاف بالقول "نحن نشعر بآلام الشعب المالي الشقيق، وخاصة المؤامرة التي مسته على حدودنا، فالتاريخ لا يرحم، وهو واضح"، مشيرا إلى أنه إثر "انهيار ليبيا في 2011 حملت قوافل من الشاحنات السلاح في 2012 متوجهة نحو الساحل، حتى انتهت الأوضاع إلى انقلاب في مالي وفراغ سياسي أزم الأمور".

وقال في هذا الصدد "نحن من حماة ودعاة الوحدة الوطنية، ولن نقبل تقسيم مالي أو الشعب المالي"، وأن الحل في هذا البلد "يكون عبر الشرعية الشعبية وإدماج الشباب المالي في تسيير البلاد، مع وضع حلول اقتصادية"، معربا عن استعداد الجزائر لمساعدة هذا البلد الشقيق.

كما اعتبر أنه "لا حل لمشكل الشمال والجنوب سوى بإدماج الطرفين في الجيش والإدارة"، محذرا أنه في حال لم يحل المشكل المالي فورا، فإنه "سيأخذ آفاقا أخرى يمكن أن تؤدي إلى انزلاقات قد تصل إلى دول إفريقية أخرى".

وجدد الرئيس تبون، من جهة أخرى، موقف الجزائر من القضية الفلسطينية التي اعتبرها "أم القضايا"، مؤكدا الدعم "الثابت للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وكفاحه لاسترجاع أرضه المسلوبة".

ولدى تطرقه إلى القضية الصحراوية، جدد رئيس الجمهورية الدعوة "لتطبيق قرارات مجلس الأمن بخصوص ملف الصحراء الغربية لإجراء استفتاء تقرير المصير المؤجل منذ نحو ثلاثة عقود والتعجيل في تعيين مبعوث للأمين العام الأممي وتفعيل مسار المفاوضات بين طرفي النزاع".

وأوضح في هذا الصدد أن فرض "أمر الواقع لا يفيد، بدليل مرور 45 عاما دون حل يذكر، فلا ينبغي إذا التهرب من الحل الأنسب، وهو تقرير المصير".

وخلال كلمته، اغتنم الرئيس تبون الفرصة لإسداء عبارات الشكر والتقدير للجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، من جنود وصف ضباط وضباط على كل المجهودات المبذولة حفاظا على أمن وسيادة البلاد في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العالم من أزمات متعددة الأسباب والأوجه أصبحت تهدد بشكل مباشر أمن الدول وكيانها".