أوزان ثقيلة تدخل «البرلمان» وأخرى تعود من الباب الواسع

أوراق لرئيس المجلس وللحكومة القادمة.. فقط

أوراق لرئيس المجلس وللحكومة القادمة.. فقط
  • 1996
 المساء المساء

يتوقع المتابعون للشأن السياسي والملاحظون أن يشهد المجلس الشعبي الوطني القادم تجاذبات سياسية قوية، وحرارة  نقاش جذّابة للمتابعة وكسر المألوف قد تخرجه من الروتين و»البرودة» التي طبعت عديد جلساته ـ على حد الملاحظين ـ بالخمول والنّفور، بل لم يتردد البعض إلى حد القول بأن تكون العهدة القادمة للنواب أكثر تميّزا من حيث حدّة النقاش. المحللون يتوقعون أن تثير مشاريع القوانين التي ستعرض في الدورة القادمة احتداما بين الأحزاب من خلال ممثليها. بمعنى أن مجريات النقاش والمداخلات لن تكون كما سبق. 

لقد ألحقت بالمجلس السابق كل النّعوت والأوصاف المقبولة وغير المقبولة. ولعل أبرز ما كان يوجّه إلى المجلس السابق من انتقادات وعيوب إلى حد التشويه والطعن في مصداقيته، هو ما تعلق بتركيبته التي تسلّل إليها أشباه المتعلّمين وكثير من المتزلّفين والمهرّجين والمفسدين الذين وصلوا إلى المجلس بطرق غير قانونية أو مشروعة، كما تردد في بلاطوهات الفضائيات وما تناقلته وسائل الإعلام في مناسبات عديدة من تصريحات منسوبة إلى نواب من داخل المجلس نفسه. إضافة إلى ظاهرة التغيّب حتى خلال جلسات نقاش قوانين جوهرية ومصيرية. مما  دفع في كثير من الأحيان رئيس المجلس إلى التهديد بسن قرار يجبر النواب المتغيّبين على الحضور وعدم مغادرة مقاعدهم قبل رفع الجلسات، حيث كانت غالبية من النواب تتواجد في أروقة المجلس وفي المطعم والمقاهي المجاورة لمقر المجلس ساعات مناقشة قوانين مهمة. 

السؤال الذي يطرح، على أي مستند بنى المحللون هذه التوقعات والاحتمالات؟. 

من سبرنا آراءهم يقولون بأن أوزانا ثقيلة عادت في عهدة جديدة وكان لها باع وحضور مميّز في العهدة السابقة، أو ستدخل المجلس بعد غياب أو لأول مرة، لكنها تتميّز بجرأة وحضور قوي، سواء من حيث انتمائها الحزبي ولونها السياسي، أو بما ستقدمه من مقترحات وإثراء لمشاريع القوانين التي ستعرض للمناقشة والتصويت. 

إن عودة رئيسة حزب العمال السيدة لويزة حنون (التي صدمتها نتائج حزبها المحققة في تشريعيات الرابع ماي) معية أركانها السيد جلول جودي ورمضان يوسف تاعزيبت، وعودة غريمتها الوزيرة السابقة في الأفالان نادية لعبيدي، مدعومة بأسماء وأوزان ثقيلة من حزبها على غرار سيد أحمد فروخي، والطاهر خاوة وسي عفيف والطاهر حجار والحاج العايب ووالي وطليبة وجميعي وغيرهم من النواب في هذين الحزبين (سيما على ضوء الاتهامات المباشرة والحادة من طرف السيدة حنون، بأن الإدارة زوّرت لصالح الأفلان، هذا يعني ببساطة الطعن في شرعية فوز من ذكرنا من الجبهويين) أمر سيكون ساخنا بين نواب الأغلبية وحزب العمال المصدوم بنتائجه. تضاف إلى ذلك، خلافات قديمة بين حنون ولعبيدي لما كانت على رأس وزارة الثقافة. 

لكن هذه «الحماسة» والحرارة لن ترقى إلى المألوف في تدخلات السيد نور الدين آيت حمودة، العائد «حرا» من قيد حزبه القديم الأرسيدي، هذا الأخير الذي عاد إلى المجلس بعد مقاطعة بخمس سنوات فقد فيها الكثير من حضوره ووهجه الحزبي والسياسي، بل سمح بترك الفراغ ـ على الخصوص في منطقة القبائل ـ لغريم سابق ومنشقين من صفوفه أسسوا أحزابهم وتجاوزوا عدد ما تحصل عليه من مقاعد. لذلك دخول محسن بلعباس، وعثمان معزوز سيعطي طعما خاصا للنقاش على الأقل بين حلفاء الأمس. هي نفس الإضافة التي يأتي بها المعارضون من الأفافاس بدخول وجه صحفي بارز سليمة غزالي، وعلي العسكري ومحمد نبو وبوعيش... هذه فعاليات وأوزان حزبية لها باع في الممارسة السياسية وفي دواليب المعارضة ستجد نفسها مدعومة بأسماء أخرى ـ ولو اختلفت معها في اللون السياسي ـ كالمنتميين إلى الاتحاد من أجل البناء وهما شخصان بارزان تمرّسا فعلا على الفعل المعارض داخل قبة البرلمان السيد لخضر بن خلاف والسيد حسان عريبي. 

يضاف إلى الأسماء المذكورة سلفا والأخرى التي لم يرد ذكرها نواب آخرون يتمتعون أيضا بكفاءة عالية وقوة طرح ونقاش مميّز. لكن دخول عديد رجال المال والأعمال إلى قبّة البرلمان سيدفع فعلا إلى نقاش قوي منتظر بشأن مشاريع قوانين الانفتاح والتحول إلى نموذج اقتصادي بديل يفتح أبواب «الاقتصاد الخاص « أمام المستثمرين دون قيود للخروج من التبعية للمحروقات، والتخلص من منطق الدولة المانحة للأرزاق. 

في الختام يشير المحللون السياسيون إلى أن المجلس الشعبي الوطني القادم يستلزم  رئيسا «قويا» يتحكّم في إدارة الجلسات باحترافية وخبرة وكفاءة عالية، وكذا أن يستعد الوزراء القادمون أو الذين ستجدد الثقة فيهم إلى وضع في حسبانهم مسبقا عند تقديم مشاريع قوانينهم بأن تركيبة نواب المجلس القادم تغيّرت  وتعزّزت بكفاءات أكثر ممارسة وإدارة للنقاش السياسي، على الأقل هذا ما يتوقع من خلال الأسماء المعلن عنها في النتائج.