الحكومة فضّلت "مواجهة الوضع" بدعم أجهزة التشغيل

أرقام البطالة حقيقية.. والتوجه نحو النوعية والعقلانية في المشاريع

أرقام البطالة حقيقية.. والتوجه نحو النوعية والعقلانية في المشاريع
  • 728
 حنان حيمر حنان حيمر

أكدت المديرة الفرعية للتنسيق والشراكة بوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، السيدة صليحة بستاني، أن الأرقام المتعلقة بنسبة البطالة في الجزائر "واقعية وحقيقية"، مشيرة إلى أن الديوان الوطني للإحصاء هو الوحيد المخول للقيام بالتحقيقات المتعلقة بالشغل وان ماتوصل إليه في آخر تحقيق أنجزه شهر أفريل الماضي أشار إلى انخفاض البطالة إلى 9.9 بالمائة. رقم تصفه بـ«المقبول والمشجع" لمواصلة جهود الدولة ووتيرة تطبيق برامج التشغيل، من أجل تقليص اكبر لظاهرة البطالة.

واعتبرت السيدة بستاني أن انخفاض نسبة البطالة يدل على أن "الدولة ناشطة وموجودة في كل القطاعات"، لافتة في حوار مع "المساء" أنه لايجب النظر إلى مسألة التشغيل على أنها مهمة وزارة العمل، وإنما هي مسؤولية كل القطاعات والهيئات المدعوة للمساهمة في هذا الاتجاه.

فالوزارة من مهامها تسيير أجهزة التشغيل، وهذه الأخيرة "وضعتها الدولة في انتظار تحقيق التنمية الاقتصادية" التي تعد الشرط الأساسي لتوفير مناصب عمل لاسيما للشباب.

ولاترى محدثتنا في الأزمة الحالية التي تمر بها بلادنا سببا للتشاؤم أو الحديث عن تراجع في برامج التشغيل التي وضعتها الحكومة، بل بالعكس تشدد على أن الحكومة من خلال توجيهاتها تفضل "مواجهة الوضع" وذلك بتشجيع الاستثمار أكثر فأكثر، وهو ماينفي كل الإشاعات التي راجت حول توقيف القروض التي تمنحها الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب "أنساج" أو الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة "كناك" ضمن ماوصف بالإجراءات التقشفية.

ورغم مايحاول البعض الترويج له، فإن الأرقام والواقع يؤكدان مدى فعالية أجهزة التشغيل في المساهمة في تخفيض نسبة البطالة ودخول عدد هام من الشباب إلى عالم المقاولاتية، ليصبحوا بدورهم خالقين لمناصب عمل، كما أشارت إليه.

البطالة في وسط المتخرجين من الجامعات انخفضت من 21,4 إلى 13,2بالمائة

وأهم ماتشير إليه إحصائيات الديوان الوطني للإحصاء هو تواصل وتيرة الانخفاض في نسبة البطالة التي تمس الشباب المتخرجين من الجامعات والتي انتقلت من 21.4 بالمائة في 2010 إلى 14.1 بالمائة في سبتمبر 2015، ثم 13.2 بالمائة في أفريل 2016.وإذ اعتبرت السيدة بستاني أن مثل هذه الأرقام "مشجعة"، فإنها لم تتردد في التأكيد على أن تشغيل عدد أكبر من المتخرجين وذوي الشهادات لم يكن ليحصل لولا أجهزة التشغيل، في وقت لم يتمكن فيه بعد القطاع الاقتصادي من امتصاص نسبة المتخرجين التي ترتفع سنة بعد أخرى.

لذلك فإنه في أوقات الأزمة الحالية، لايمكن تصور إلغاء هذه الأجهزة أو توقيف القروض، كما راج بل بالعكس تواصل الأجهزة جهودها بالتعاون مع البنوك لتمكين أكبر عدد من الشباب لولوج عالم المقاولاتية وتحقيق مشاريعهم.

وفي هذا السياق، فإنه يتم العمل عاما بعد آخر على تسهيل إجراءات الاستفادة من هذه الأجهزة، والتي بدأت بتخفيف الملف الاداري وتقليص مدة الرد على أصحاب الملفات التي تبلغ حاليا شهرين على مستوى البنك، ويتم العمل حاليا –حسب محدثتنا- من أجل التقليص أكثر من آجال دراسة الملفات لتصل إلى اقل من شهر.

وأشارت السيدة بستاني إلى أن مايدفع إلى التفاؤل هو أن أجهزة التشغيل عرفت "ارتفاعا في وتيرة تسديد الديون" وأنها شرعت في السنوات الأخيرة في تمويل المشاريع من القروض المسددة لأول مرة. واعتبرت أن ذلك يدل على "تنامي الوعي لدى الشباب أصحاب المشاريع وإحساسهم أكثر بالمسؤولية".

مع ذلك فإن التوجه في السنوات المقبلة سيكون نحو "النوعية"، كما تشدد عليه المسؤولة، موضحة بأن الحكومة قررت تجميد منح القروض لبعض النشاطات التي عرفت تشبعا لاسيما النقل –الذي جمد منذ 2011- أو المشاريع المضرة بالبيئة كصناعة الأكياس البلاستيكية، إضافة إلى محلات غسل الملابس أو المخابز. لكنها نبهت إلى أنه في حال وجود طلب من الولاة لإقامة مشاريع ضمن النشاطات المعنية بالتجميد- نظرا لوجود حاجة إليها في بعض المناطق- فإن وكالات "أنساج" أو "كناك" ستستجيب للطلب. 

بالمقابل، فإنه سيتم تشجيع إقامة مشاريع جديدة ومبتكرة، لاسيما في قطاعات الاتصالات والطاقات المتجددة، حيث تسعى أجهزة التشغيل إلى مرافقة عمل الحكومة من خلال تشجيع الاستثمار في القطاعات التي حددت كـ«أولوية" بالنسبة للاقتصاد الوطني.وحول الانتقادات التي يوجهها البعض إلى أجهزة تشغيل الشباب، فإن السيدة بستاني اعتبرت أن بعضها بنّاء وهو مايدفع بالوزارة كمسير لها إلى إجراء تحسينات سنة بعد أخرى، لمعالجة النقائص، إلا أنها عبرت عن افتخارها لكون مؤسسات مصغرة أنجزت في إطار هذه الأجهزة هي اليوم تشغل أكثر من 100 عامل وتصدر منتجاتها إلى الخارج، "وهذا هو مانسعى إليه ونريد تحقيقه مستقبلا"، كما قالت، موضحة أن الاستثمارات سيتم توجيهها "بطريقة عقلانية وفي القطاعات ذات الأولوية".

ولمواجهة مشاكل التسويق التي تعرفها المؤسسات المنشأة في هذا الاطار، فإن محدثتنا ذكرت بالتعديلات التي عرفها قانون الصفقات العمومية سنتي 2012 و2015، مشيرة إلى أن المصلحة التي تشرف عليها "تتابع عن كثب" هذا الجانب، وأنها تتلقى حصيلة كل ثلاثة أشهر لتقييم مدى تنفيذ المادة 87 من قانون الصفقات العمومية التي تفرض منح 20 بالمائة من الصفقات المحلية للمؤسسات المنشأة في إطار "أنساج" أو "كناك".  

كما تواصل الدولة حضورها عبر الوكالة الوطنية للتشغيل لتقريب عروض العمل من الطلب، والمساعدة على الادماج المهني. وإذ نفت السيدة بستاني ماقيل حول وقف عقود الادماج، فإنها ذكرت بأن الوكالة الوطنية للتشغيل استفادت مؤخرا من برنامج تجديد وعصرنة هياكلها على مستوى كل الولايات، وقالت في هذا الصدد "الجهاز مازال موجودا ومازالت العقود تبرم لفائدة الشباب المعنيين بالمساعدة على الادماج المهني، سواء كانوا جامعيين أو تقنيين سامين أو تقنيين أو من يملكون مستوى النهائي وحتى شريحة الشباب بدون تأهيل".