متحف ”أحمد زبانة” بوهران

”القعدات الرمضانية” تستعرض العرس الندرومي

”القعدات الرمضانية” تستعرض العرس الندرومي
  • القراءات: 3708
خ. نافع خ. نافع
فتح المتحف الوطني ”أحمد زبانة” سهرة أول أمس أبوابه للزوار للاستمتاع بتفاصيل العرس التقليدي لمنطقة ندرومة بتلمسان بالتنسيق مع جمعية ”الموحدية” العريقة، وذلك ضمن القعدات الرمضانية التي تشرف إدارة المتحف على تنظيمها خلال هذا الشهر الكريم بالاشتراك مع الجمعيات الناشطة في مجال الحرف التقليدية وإحياء التراث غير المادي لمختلف مناطق الجهة الغربية الوطن.
وأوضحت السيدة ثريا إحدى المشاركات في تنشيط القعدة، أن من تقاليد مدينة ندرومة وتلمسان عموما قديما، ما إن تبلغ الفتاة سن الرابعة عشر حتى تبدأ في صنع جهاز زواجها بيدها على ماكنة الخياطة ويطلقون عليه كلمة ”القش” تشبيها للفتاة بالعصفورة التي تصنع عشها بنفسها، وكان أهل تلمسان. كما تقول السيدة ثريا أشبه بعائلة واحدة يتزاوجون فيما بينهم ويمنحون الأولوية لابن العم، ثم ابن الخال فالقريب، ثم ابن البلد، وتعتبر الفتاة التلمسانية من أغلى بنات الجزائر مهرا، ويوم الزفاف ترتدي العروس الحلي والذهب، وتضع على رأسها وبأذنيها وحول جيدها عشرات الأدوار من عقود اللؤلؤ الطبيعي وذلك بالاقتراض من الأهل والجيران وهو ما يعرف بـ”الشدة” التي أدخلت عليها الكثير من العصرنة من حيث نوعية القماش.
وتبدأ ليالي الأفراح بالموشّحات الأندلسية التي تتغزّل بالعروس وتصف الطبيعة، حيث كانت منطقة تلمسان ملتقى الهجرات من كلّ مكان لاسيما هجرة أهل الأندلس، ويمرّ العرس التلمساني بمراحل عديدة تبدأ أولا بالخطبة وهي أول مراسم الزواج حيث يذهب والد العريس لخطبة الفتاة ويطلبها رسميا، ولما يرحّب والد الفتاة بالفكرة يبعث لهم بموائد صغيرة تسمى ”الطيفور” معبئة  بالحناء والحلوى والفول السوداني وقالبين من السكر وشمعتين، الكل مغطي بفوطة وبالإضافة إلى كبش وتسمي هذه الحفلة بـ”الملاك ”، وتتحّدد من قبل الشروط المتّفق عليها مثل الصداق المطلوب والشروط الأساسية والثانوية من قبل والدي العروسين لتوثيق هذه الشروط على أسس متينة يبرم قعد الفاتحة على يد إمام مسجد الحي.
لتعود السيدة ثريا للحديث عن التحضير للعرس الندرومي أو التلمساني الذي يستغرق عاما كاملا وخلال هاته الفترة يشرع في إكمال شهرة العروس المتكوّنة من الفراش والألبسة اليومية والأخرى الأنيقة والفاخرة، وتبعث أيضا الهدايا في الموسم والمناسبات لتفقد العروس وتقيم الهدايا حسب القدرة المالية والطبقة الاجتماعية لوالدي الشاب وتسمي بـ«التفقيدة”.
وذكرت السيدة ثريا خلال هذه القعدة الوهرانية التي جمعت عددا كبيرا من الزائرات، تفاصيل العرس التلمساني، حيث وصلت إلى مرحلة ”الدفوع” الذي يتم ثلاثة أسابيع قبل العرس، حيث تذهب النسوة بالزي التقليدي لدعوة العائلة لحضور العرس وتسمي بـ”المسادنة”، وتبدأ مراسم الزفاف بتحضير الحلويات، الكسكسي، العنب والعنب الجاف في جوّ من الفرحة تسمى ليلة ما قبل الزفاف ”الوشي” حيث تذهب العروس إلى الحمام التقليدي وتأخذ معها بنات العائلة الموجودة في دار العرس وهذه العادة تسمى ”التشليل”.
وفي السهرة، واحتفاء بالليلة الأخيرة للعريسين قبل الدخول، تجتمع العائلة وترقص وتغني الفتيات إلى وقت متأخر من الليل، وتقام الحفلتان في كلتا الدارين، وصباح يوم الزفاف، تلبس العروس لباسا عاديا يتمثّل في ثوب أمها بدون حزام وتتأهب لوضع الحنة في يديها في جو من البهجة والفرح تتخلّلها زغاريد النسوة، وفي المساء، تتجمّع النسوة لحضور ”التاييل”، كما تقول السيدة ثريا ويتم إطعامهم حسب العادة التي تتمثّل في الطبق المتكوّن من اللحم والعنب الجاف المطهي في العسل، وبعد ذلك تصب القهوة والشاي مع الحلويات التقليدية المتنوّعة.
وبعد الزوال، يبعث بفراش العروس إلى بيتها الجديد وكذلك أغراضها الشخصية من ملابس عادية وأخرى فاخرة تلبسها أثناء فترة العرس، وقبل غروب الشمس، تزف العروس إلى بيت زوجها مع مجموعة من قريباتها مرتدية القفطان التلمساني والحايك المسمى ”الكسى”، يستقبل أهل العريس العروس في جو بهيج من الطبل وأهازيج الفقيرات، وتجلس العروس فوق كرسي ووجهها مغطى بوشاح من الحرير حتى وصول زوجها.
وأثناء السهرة، يجتمع الرجال المدعوون في مقهى، ثم يمتطي العريس مرتديا الرداء الأبيض التقليدي ”البرنوس”، حصانا ويقاد إلى محل الزفاف مرفقا بالموسيقي عبر الشوارع الرئيسية، ثم يدخل العريس إلى عشّ الزوجية.
وتقول السيدة ثريا أن العرس الندرومي أو التلمساني كان يدوم سبعة أيام وليالي حتى سمي السابع ولا تبرح العروس غرفتها مدة ثلاثة أيام، أما اليوم فيحتفل باليوم السابع في اليوم الموالي للعرس، حيث تلبس العروس القفطان التقليدي، لكن هذه المرة مزودا بملحقاته وهي الحزام، الفوطة، منديل الفتول كرمز لمركزها الجديد كامرأة متزوجة، واحتفالا بها كانت العروس تؤخذ للحمام في اليوم 15 بعد زفافها ويعتبر خروجها الأوّل من منزل زوجها وتعدّ أمّ العروس الحلوى والمشروبات التي توزّع على الحاضرات بالحمام وتلبس بعد استحمامها لباسا من الحرير الأبيض وتعاود العروس لبس الشدة التلمسانية ولكن دون الشاشية، وفي الغد ترتدي لباسا تقليديا آخر يسمى الردى، لينتهي العرس.