للأستاذ فوزي مصمودي

”أوراق من رصاص” عن آثار الشاذلي المكي

”أوراق من رصاص” عن آثار الشاذلي المكي
  • القراءات: 1275
نورالدين العابد نورالدين العابد

أصدر الباحث في حقل التاريخ الأستاذ فوزي مصمودي، مؤخرا، كتاب ”الشاذلي المكي، أوراق من رصاص.. من آثار المناضل الفذ، المصلح المربي، المجاهد والأستاذ الشاذلي المكي 1913- 1988”، تناول فيه هذه الشخصية المغمورة، مؤكدا في تصريح لـ"المساء”، أن هذا المصنف يعد ثمرة مجهود طويل، كلل بإحاطة حول حياة أحد رجالات الجزائر الأفذاذ، وقامة من القامات السامقة في مجال النضال وتربية الأجيال.

الكتاب الصادر عن دار ”علي بن زيد” للطباعة والنشر، يقع في 312 صفحة، قدم له الدكتور محمد الأمين بلغيث، المهتم بمجال البحث والدراسة عن شخصية الشاذلي المكي، المغيبة في الكتابات التاريخية المعاصرة، وكتب في التقديم أنه عاش صحبة الشاذلي مكي منافحا عن من أهملهم التاريخ الرسمي أكثر من عشرين سنة، ولا زال يعمل على تسليط الضوء ونفض غبار الوهم عن هذه الشخصية المغمورة، لافتا إلى أن المسؤولية ملقاة على هذا الجيل   الشاب من خريجي الجامعات، وبأقسام التاريخ على المستوى الوطني خاصة لكشف الحقيقة للأجيال الناشئة، وأن ملامح المدرسة التاريخية الجزائرية بدأت مثمرة من خلال مذكرات تشيد بنضال وكفاح الأستاذ الشاذلي مكي، وكتاب الأستاذ فوزي مصمودي ”أوراق من رصاص”، الذي يجمع الآثار المتفرقة للمناضل الشاذلي مكي، نموذج بإمكانه إلهام الباحثين.

مقدمة كتاب الأستاذ فوزي مصمودي، ركزت على ميزات وخصال الشاذلي المكي، فهو ـ حسبه- رجل وطني غيور على بلاده، صاحب ثقافة موسوعية، ورؤى فكرية عميقة ذات تحليلات دقيقة، وأفكار تنويرية، ملم باللغة العربية والعلوم الشرعية، على دراية بالتاريخ الإسلامي والوطني ومدرك لواقع الشعب والأمة.

قال الأستاذ مصمودي؛ إن الشاذلي المكي رجل ظلم في حياته وبعد وفاته، وعليه فقد اهتم بجمع آثاره المتفرقة بين طيات الجرائد والمجلات الجزائرية والعربية، منها مقالات تناولت الجوانب السياسية والاجتماعية والدينية والتربوية، فضلا عن التصريحات الصحفية والأحاديث الإذاعية والبيانات السياسية التي شارك في تحريرها، مشيرا إلى 4 سنوات كاملة من العمل الجاد في مجال البحث والتنقيب للوصول إلى إنجاز عمله، الذي تخللته صعوبات تصويب الكثير من الأخطاء المطبعية، وعدم وضوح كلمات وعبارات كاملة خاصة بأسبوعية ”المغرب العربي”.

أشار المؤلف إلى الآثار التي نشرها بأسبوعية ”البصائر”، لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بداية من سنة 1936، ويعتبر مقاله ”إلى الشباب” باكورة ما نشره بها وعمره 23 عاما، كما نشر بها مقالا في أربع حلقات، تحت عنوان ”معركة بين مصلح وطرقي”.

في أسبوعية ”المغرب العربي” للأديب محمد السعيد الزاهري، القريبة في توجهها السياسي من أفكار حركة انتصار الحريات الديمقراطية، وبمجلة ”الثمرة الأولى” لسان حال جمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين، التي كان الشاذلي المكي رئيسا لها من 1935 إلى 1939، حيث نشر بها مقالة طويلة تحت عنوان ”أربع كلمات في حياة ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم”، وفي جريدة ”تونس الفتاة” التي نشرت له مقالة في ثلاث حلقات بعنوان ”قضية الشيخ العقبي ومصرع المفتي كحول”; ومقالة ”للحقيقة والتاريخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كيف تأسست”، وفي جريدة ”الزهرة” التونسية، وأسبوعية ”المنار” للمناضل محمود بوزوزو التي نشرت له ”خطاب ممثلي الأحزاب المغربية إلى هيئة الأمم”، جريدة ”الأخبار” العراقية، ويومية ”الأهرام” المصرية، وجريدة ”الإخوان المسلمون”، قبل استقلال الجزائر.

نشر الشاذلي المكي، يقول الأستاذ فوزي مصمودي، مقالات في مجلتي ”الأصالة”، مثل ”حوادث 8 ماي 1945، حقائقها وأسبابها ونتائجها”، و"الذاكرة” ويومية ”الشعب” التي نشر بها ”من وحي ذكرى أول نوفمبر”، وكذا ”الطريق للجامعة”، ومحاضراته وتعقيباته المنشورة في بعض طبعات ملتقى الفكر الإسلامي الذي كان يقام في الجزائر، منها محاضرته ”الطفل بمناسبة عام الطفل”.

حرص الكاتب على نشر هذه المقالات والأحاديث متسلسلة حسب تاريخ صدورها، وإذاعتها لدراستها والحكم عليها ضمن سياقها التاريخي، معترفا بأنه لم يجمع كل ما كتبه أو نشره الأستاذ الشاذلي المكي، أو ما بقي منه مخطوطا حبيس الأدراج، متأسفا عن عدم جمع أشتات آثار المناضل الشاذلي المكي المنشورة والمخطوطة بنفسه وفي حياته، وهو الذي عاش 26 سنة في كنف الاستقلال، مع عدم تدوينه لمذكراته الشخصية حتى تميط اللثام عن عدة قضايا واستفهامات حول مسيرة الحركة الوطنية، لاسيما  نشاط وتمثيل الوفد الخارجي بالقاهرة، وحيثيات حضوره الشخصي أشغال مؤتمر باندونج سنة 1955 بأندونيسيا، معتبرا  أن كتاب ”أوراق من رصاص” يعد ومضة تاريخية وشرارة تضيئ الطريق أمام المؤرخين والباحثين، لحثهم على استكمال البحث وتقفي آثار هذا الرمز الوطني، بالتعاون مع أسرته الكريمة وكل الغيورين على تراثنا التاريخي والثقافي، الذي يعد كنزا يفتخر به كل الجزائريين. 

تجدر الإشارة إلى أن ختام المقدمة، تميزت بتقديم الكاتب  تشكراته لكل من أمده بما في حوزته من آثار هذا المناضل السياسي، ومن وقف إلى جانبه في إتمام عمله، الهادف إلى المساهمة في إحياء تراث الحركة الوطنية والإصلاحية، وإرث الثورة التحريرية المجيدة التي كانت وستظل مصدر إلهام أحرار العالم.