المركز الثقافي الجزائري بباريس يكرم المناضل جون سيناك

” فنانو الأخوّة الجزائرية” إقرار للإبداع والشباب

” فنانو الأخوّة الجزائرية” إقرار للإبداع والشباب
  • القراءات: 642
  مريم. ن مريم. ن

يحتضن المركز الثقافي الجزائري بباريس إلى غاية 28 مارس القادم، معرضا للوحات بعنوان ”فنانو الأخوة الجزائرية 1963 - 2020”. ويُعدّ بمثابة تكريم للراحل جون سيناك الذي عشق الجزائر وشهد استقلالها، وأسّس فيها لمشهد أدبي وفني، رائد بسواعد مواهب شبابية جزائرية.

ينظَّم المعرض بالشراكة مع فود كلود ومؤسسة فرانس ليمون –إيما ومتحف معهد العالم العربي وسفارة الجزائر بفرنسا. وتم فيه عرض العديد من الأعمال الفنية والأدبية الجزائرية، منها أعمال باية وإسياخم ومسلي ومحمد راسم وخدّة وبن بورة ومعمري ومارتينيز وبن بورة وأكسوح وبوزيد وغيرهم. كما تُعتبر المبادرة تثمينا للمواهب الجزائرية الشابة المشاركة، وتكريما للشاعر والناقد الراحل سيناك عاشق الجزائر (1926- 1973)، علما أنّه ترك أثرا في المشهد الثقافي الجزائري. وقد عُرف بالمثقف الاشتراكي والتحرري. شهد بحب استقلال الجزائر سنة 1962، وتبنّى في ظلّ الجزائر الحرة منهجا ثقافيا رائدا، تبنى فيه الإبداعات الشابة الجزائرية، خاصة في مجالي الأدب والفن.

اغتيل الراحل في أوت 1973. وكان قبلها أحيا عيد الاستقلال، ونظّم معرضه الأوّل، وقام بنفسه بكتابة مقدمة دليل هذا المعرض الذي جمع 18 فنانا، أغلبهم من متحف الفنون الجميلة بالجزائر ومن متحف فنون الديكور بباريس. وكان سيناك يسمي الفنانين المشاركين ”فنانو الجزائر”، وهو العنوان الذي يدقّ في الذاكرة والوجدان، ويعلن عن ميلاد ووجود الفنانين الجزائريين في الساحة بدون تمييز بينهم.

ومن جهته، جاء معرض 2020 بباريس ليكون شاهدا هو الآخر ومن جديد، على روح هذه الأخوة التي سادت في الجزائر بعد الاستقلال، خاصة بين الفنانين من مختلف الأجيال والمناطق، زيادة على أنّ المعرض دليل على مسار الراحل سيناك الثري، حيث كتب ونشر الكثير عن فنانين أصبحوا أصدقاءه.

وعاش الراحل ليحبّ الجزائر، واختار التموقع في صف شعبها خلال المحن، حيث تنبّأ بالثورة التحريرية منذ سنة 1950، لكنه في الحين نفسه، عانى من ويلات التهميش والنسيان، وأصبح كأنّه لم يكن.

سيناك من مواليد منطقة بني صاف من أم فرنسية وأب إسباني. عاش حياته بالعاصمة بين باب الوادي وبولوغين، وأصبح كأيّ جزائري يمقت الاستعمار ويحلم بالحرية. أشعاره بالفرنسية تُرجمت للعربية، ومنها قصيدة ”أعراس”، التي جاء فيها:

"كل ما هنا بشر محمص وبرقوق ناعم

كل ما هنا من طحلب ربيع مهدد

كل ما هنا من رمل مضبوط حيث ترج القدم على الدروب

كل ما هنا من حب قص بمقياس الشمس

كل ما هنا ينصب المجد”.

لُقب الراحل إبان الثورة التحريرية بيحيى الوهراني (اسمه الثوري)، وهو دليل على هويته النضالية الجزائرية التي أثارت حتى غيرة بعض الجزائريين نتيجة نقائها من الشبهات؛ كالجهوية والعنصرية والانغلاق.

في صائفة 1973 قُتل الراحل في قبوه ببولغين، وكان لايزال يتغنى بالجزائر وشعبها. وكان يقول دوما: ”إنّ الشاعر الحقيقي هو الشعب رغم كلّ حماقاته”.

وكان للراحل تجربة إنسانية داخلية عميقة، لذلك يُعتبر شعره بمثابة التراث الإنساني. وبالنسبة لنشاطه، فقد أسّس عدّة مجلاّت وحصص إذاعية وغيرها. وقدّم مبدعين جزائريين، وفتح لهم الطريق. كما لم يتخلّ قط عن جمله الشعرية ونضارتها وبوصلتها ذات الاتجاه الصائب. واشتهر الراحل بعبارته الشعرية: ”أحبك أنت القوية كلجنة تسيير”.

كما اشتهر بأنّه شاعر المدينة من سانت أوجان بوهران إلى باب الوادي والرايس وبولوغين، وهذا المناضل الشاعر الذي خلّد في أشعاره بن مهيدي وبومنجل ومصطفى لشرف وغيرهم من أبطال الثورة ومن وقائعها، ربما أكثر من بعض الشعراء الجزائريين، خاصة في قصائده ”حمالة الأخبار” و"الأرجل والأيدي المربوطة”.