إخراج مولاي ملياني مراد محمد

‘’نساء كازانوفا" لواسيني الأعرج على خشبة مسرح بجاية

‘’نساء كازانوفا" لواسيني الأعرج على خشبة مسرح بجاية
  • 1149
لطيفة داريب/ الوكالات لطيفة داريب/ الوكالات

أعلن الروائي الجزائري واسيني الأعرج، عن اقتباس المخرج المسرحي مولاي ملياني مراد محمد لروايته (نساء كازانوفا)، التي صدرت سنة 2016 عن دار الآداب للنشر ببيروت، وحققت مبيعات مهمة وشهرة كبيرة في الأوساط الثقافية، وبين العامة في الدول العربية.

كتب واسيني الأعرج في صفحته "الفايسبوكية": "شيء من النور في الظلمة، نساء كازانوفا قريبا على خشبة مسرح بجاية، من إخراج المسرحي القدير مولاي ملياني مراد محمد".

أضاف أنه أخيرا، سيتم تحرير الشخصيات الورقية من سلطان الكتاب، والزج بها في معترك الحياة.

رواية "نساء كازانوفا"، من أهم الروايات والأعمال التي صدرت للكاتب الروائي واسيني الأعرج. فقد احتلت هذه الرواية مكانا في قائمة الكتب الأكثر مبيعا في الجزائر، وفي الوطن العربي ككل.

وتحكي رواية "نساء كازانوفا"، قصة لوط الذي يُدعى بكازانوفا. كان يتصف بالعلاقات الكثيرة وامتلاك المال الوفير، علاوة على حبه الكبير للنساء، وفي يوم من الأيام، يجد لوط نفسه على فراش الموت، فيقرر جمع نسائه وطلب العفو منهن عما فعله في حقهن، كأمنية أخيرة قبل موته.

للإشارة، يلعب واسيني الأعرج في روايته الجديدة، لعبة التحولات النفسية والبنيوية باقتدار، مستفيدا من النقائض التي تتشكل منها، وتستند إليها شخصيات الرواية.

في هذا العمل، رسم الكاتب خطا فاصلا بين الشخصيات، وجعله منصة شهود أو برج مراقبة للقارئ، يطل منه على الأحداث ويكون حكما عليها، أو ربما ليتابع ويراقب التحولات في شخصيات الرواية، وانتقالها من رد الفعل إلى الفعل.

التحولات في الرواية عديدة، وقد خدمت الحبكة الروائية على أكثر من مستوى؛ ففيها يسقط الديكتاتور ويصبح عبدًا، الضحية تُمنح حق الحديث، السادة يصيرون عبيدا، العبيد يصبحون سادة، الجاني يطلب الغفران، الضحية تقف أمام نفسها، مع إمكانات نفوذ وسلطة منحها لها الكاتب بشيء من الشك، والفاعل يصير مفعولا به؛ كلها تناقضات منحت الفضاء السردي عمقًا شديد البساطة وشديد التعقيد في الوقت نفسه. 

تبدأ الرواية بخبر موت كازانوفا، الشخصية التي يخشاها الجميع؛ صورة الوحش التي استغلها واسيني الأعرج خلفية بيضاء يلون عليها أحداث الرواية، وتحولات شخصياتها من الشيء إلى ضده. إلا أن هذا البياض لا يمكن أن نعده خلفية سردية مريحة فقط؛ هو لون حاضر بسريالية كبيرة في لوحات الشخصيات، منفردة ومجتمعة، ويُنضج صورة الأحداث كلها.

لولا هذا البياض، ما كان لأي من شخصيات الرواية أن تتلون بلونها الحالي، وكل الشخصيات الأخرى، بمختلف ظروف حضورها الروائي، كانت بمثابة لون أبيض ما في حياة كازانوفا، اختاره بصفته لونا محايدا يصلح لتلوين لوحة علاقته الخاصة بكل شخصية من شخصيات الرواية.

يصبح القارئ، هنا، شاهد عيان على مستقبل الأحداث، وشاهدا يحكم على التحولات السلوكية للشخصيات، ويترقب على مدار صفحاتها لعبة التشويق والإثارة، بين ما كان وما يمكن أن يكون.  انطلاقًا من لعبة الثابت والمتغير، ينطلق واسيني الأعرج في هذا العمل بجعل الثابت الوحيد في الرواية الفضاء المكاني، وغير ذلك فكل شيء متغير. شخصيات الرواية مجترة من الواقع، ويمكن أن يسقطها القارئ على أناس ربما يعرفهم في الواقع.

كما أصبحت البطولة مسلوبة ومتقاسمة، وأصبح المركز هامشا، واقتحم المهمشون المركز واستغلوه سرديا لصالح حكاياتهم. لعبة التدوير والتناوب هنا، تأخذ حيزا كبيرا، ويخلق عبرها الكاتب زوايا رؤية للشخصيات لا تخضع لهواه الشخصي، إنما للزاوية التي يرقب منها القارئ الأحداث.

على الرغم من وفاة الشخصية الرئيسية في الصفحات الأولى، على الورق، إلا أن الأعرج أبقى البطل حيا في السرد؛ حتى حين أصبح كازانوفا جثة هامدة، لا يملك من أمره شيئًا، إلا أنه بقي ممسكًا بكل خيوط السرد، وجذب كل شخصيات الرواية إلى الماضي، حيث الحدث الذي تطورت بسببه الشخصيات. لقد ظهر البطل في الصفحات الأولى مبنًى فارغا، أو جثة هامدة، ويمتلئ هذا المبنى الفارغ رويدا رويدا، كلما تصاعد السرد، ليعيدنا الكاتب مرة أخرى، إلى الحدث الرئيسي، وفاة الطاغية.