إصدار جديد لمهدي بوخالفة

‘’لاكانترا، كان يامكان باب الواد"

‘’لاكانترا، كان يامكان باب الواد"
  • 985
ق.ث ق.ث

يشكل تاريخ حي باب الواد أحد أعرق أحياء العاصمة، بدءا من تاريخ نشأته، مرورا بنمط الحياة فيه منذ الفترة الكولونيالية، إلى غاية ثمانينيات القرن الماضي، إلى جانب ملاعبه وشواطئه وقاعاته السينمائية، موضوع المؤلف الجديد للصحافي والكاتب مهدي بوخالفة، والموسوم بـ"لاكانترا، كان يامكان باب الواد".

يروي هذا الكتاب الجديد الصادر عن دار "القبية" في 231 صفحة، الحياة في هذا الحي العتيق، وجانبا من تاريخه من وجهة نظر سكانه، ويسعى كاتبه إلى تعريف الجيل الجديد بقيم هذا الحي، والحب الذي مازال يحظى به حتى بعد أن فقد جانبا من بريقه.

يعود الكاتب إلى بداية نشأة هذا الحي العريق، في السنوات الأولى من الاحتلال الفرنسي من قبل أسبان ومالطيين وإيطاليين استقروا في الجزائر العاصمة، في بيوت فوضوية عند سفح مقلع الحجارة التي أصبحت تسمى لاحقا، حوالي سنة 1900، بمقلع جوبر، حيث شيدوا هناك "الكانتيرا"، التي تعني مقلع بالإسبانية.

يتحدث أيضا عن طفولته وشبابه في هذا الحي، حيث زاول دراسته بثانوية "الأمير عبد القادر"، حيث درس فيها العديد من الشخصيات من آفاق مختلفة، مثل الكاتب والأنثروبولوجي مولود معمري، والكاتب آلبير كامو ودليل بوبكر إمام مسجد باريس، وكذا الممثل الكبير روجي حنين.

يحتل باب الواد السبعينات حيزا هاما من هذا المؤلف، الذي يسترجع ذكريات مضت كان لها أثر خاص في نفوس الجزائريين، مثل صور الطوابير الطويلة أمام دور السينما المتواجدة في الحي، على غرار "لينكس" و"البلازا" و"مارينيان" وأيضا المقاهي -الحانات الكثيرة وواجهات المكتبات ومحلات بيع التسجيلات الغنائية".

كما يصف هذا المؤلف مكانة الساحات العمومية في هذا الحي الشعبي، حيث كان لها دور كبير في هذا العالم المصغر، كما يصف ولوع سكانه بالكرة المستدرة والأندية العاصمية، وبحب البحر والصيد.

يتذكر الكاتب كيف كان يعيش سكان باب الواد على وقع اللقاءات الكروية، لاسيما الدربي العاصمي بين مولودية الجزائر واتحاد العاصمة، ويقوم بنقل تفصيل دقيقة عن هذه "الدربيات"، انطلاقا من الحماس الاحتفالي الذي يسبق انطلاق المقابلات والأجواء الاحتفالية في المدرجات في ملعب بولوغين، ثم في 5 جويلية لاحقا.

كما يقدم الكاتب شهادات عن أحداث أكتوبر 1988 في هذا الحي، وما تبعها من مشدات وإطلاق النار على المتظاهرين، خاصة الاصطدامات التي ميزت 10 أكتوبر من نفس السنة "والتي خلفت عشرات الموتى (...)، "وقد تركت هذه الأحداث، حسب الكاتب، "فجوة كبيرة في ذاكرة الحي".

تحدث أيضا عن حلقة مأسوية أخرى من تاريخ هذا الحي، ويتعلق الأمر بفيضانات نوفمبر 2001 التي خلفت مئات من الموتى والمفقودين، وغيرت مظهر هذا الحي، كما تسببت في تدهور حالة العديد من البنايات.

تطرق مهدي بوخالفة أيضا إلى "الخاصية الحضرية" لهذا الحي الذي عرف تغييرات فجائية كبيرة، مثل إعادة تهيئة شاطئ الرميلة والتخلي عن قاعات السينما والقضاء على سوق "الثلاث ساعات".

ولد الكاتب في 1955 بالجزائر العاصمة، متحصل على ليسانس في علم الاجتماع بجامعة الجزائر، وامتهن الصحافة، حيث بدا مساره المهني في 1983 بوكالة الأنباء الجزائرية، وسبق أن أصدر عدة مؤلفات، أولها في 2019 بعنوان "ماما بينات"، وبعده "ثورة 22 فبراير"، ثم كتاب "مسيرة الشعب، أسباب الغضب" الصادر في نهاية 2020، و"جناح كوفيد-19، 7 أيام في الجحيم"، الذي صدر في بداية هذه السنة.