غياب الإشارة إلى ”الغنائم” الأثرية لبلدان شمال أفريقيا

‘’جون أفريك” تنتقد تقرير صار- سافوي

‘’جون أفريك” تنتقد تقرير صار- سافوي
  • القراءات: 752
❊ ن.ج - وكالات ❊ ن.ج - وكالات

استغربت مجلة جون أفريك الفرنسية غياب الإشارة إلى بلدان شمال أفريقيا في تقرير صار-سافوي، الذي أعدته المؤرخة بنديكت سافوي والاقتصادي السنغالي فلوين صار، بشأن إعادة فرنسا ما غنمته من تحف فنية خلال استعمار عدد من بلدان القارة السمراء، وتسلمه مؤخرا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ينبع ذلك الاستغراب من كون فرنسا التي استعمرت تلك البلدان، استحوذت على الكثير من تحفها الفنية، بما فيها ألواح قرطاجية وتماثيل رومانية وكنوز بيزنطية، وغيرها من المسروقات التي أخذت من العثمانيين إلى المجموعات الفرنسية.

نبه لوران دو سان بيريي في تحقيق للمجلة، إلى أن العديد من روائع العصور القديمة التي اكتشفها علماء الآثار المستعمرون في بلدان شمال أفريقيا تعرض في المتاحف الغربية، إذا لم تبق مخزنة في مستودعات خاصة، وقالت الصحيفة إن الرئيس ماكرون منذ تصريحه في واغادوغو،  أعطى الانطباع بأنه يريد التركيز على جنوب الصحراء، لأن هناك خللا في توزيع التراث الخاص بهذه المنطقة، في حين يملك الشمال متاحف غنية، كما هو الحال في الجزائر وتونس، كما تقول سافوي، مشيرة إلى أن متحف القاهرة (1902) ومتحف باردو في تونس (1888) ومتحف الفنون الجميلة في الجزائر (1897) لا يضاهيها أي متحف في الدول الـ48 جنوب الصحراء الكبرى.

قال التحقيق، إن مطالبات بعض دول شمال أفريقيا قديمة باستعادة بعض تحفها من الغرب، كمطالبة مصر باستعادة حجر البردي الشهير الذي سمح لشامبليون بفك الشفرة الهيروغليفية القديمة من المتحف البريطاني منذ ديسمبر 2009، بطلب قدمه رئيس مجلس الآثار زاهي حواس، الذي أكد وجود طلب آخر قدم عام 1925 لمتحف نيو في برلين، لاستعادة رأس نفرتيتي الذي لا يقل شهرة عن حجر البردي”.

في السياق، تطالب الجزائر بممتلكاتها، وقد وعد ماكرون في نهاية عام 2017 بإعادة جماجم 37 شهيدا جزائريا تحتفظ بها فرنسا منذ القرن التاسع عشر، في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس. وقد أثار تقرير صار-سافوي موضوع مطالبات مصر والجزائر، وقال إن هذه القضايا يجب أن تكون موضوعا لمهمة وتفكير متأنيين”. رأى التحقيق أن بعض العواصم العربية في القارة لا تطيق الانتظار، واستشهد بقول رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف بالمغرب، مهدي قطبي، إنهم قرروا مع وزير الثقافة إنشاء لجنة خاصة لجرد الممتلكات المغربية الموجودة في الخارج ودراسة الخطوات الممكنة”.

يقول قطبي، إن متحف اللوفر وحده يحوي نحو 460 ألف قطعة فنية، مضيفا أنا أدافع عن الاعتدال، يجب أن تعاد لنا الروائع التي تشهد على تاريخ وثقافة بلدنا، لكن رغبتنا ليست في استعادة تراثنا بأكمله. بعض الأعمال المعروضة في متاحف مرموقة هي واجهات ممتازة للمغرب في الخارج، أما مصر فتريد تفريغ صالات العرض الغربية لملء متحفها الكبير الجديد ـ حسب التقرير ـ وتصر على الأهمية العلمية أو الفنية للأشياء المطلوبة التي ترى أنها تساهم في الهوية الثقافية الوطنية.

في الجزائر، بدأت استعادة جماجم الشهداء المحتفظ بها في باريس. كما أن الصحافة الجزائرية رحبت في ديسمبر 2012، بإعلان الرئيس فرانسوا هولاند إعادة مفاتيح شرف مدينة الجزائر العاصمة التي سلمها الداي للمارشال دي بورمونت بعد هزيمته عام 1830، غير أن المفاتيح الشهيرة لا زالت حتى اليوم موجودة في متحف الجيش في باريس.

كان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك قد قدم للجزائر، بمناسبة أوّل زيارة رسمية له هناك عام 2003، الختم الذي وقع به الداي استسلامه عام 1830، غير أن هذا الختم اشتراه ورثة بورمونت ولم يكن جزءا من ممتلكات الدولة الفرنسية غير القابلة للتصرف. ومن بين ما تطالب به الجزائر فرنسا، المدفع الضخم من البرونز من صنع الدولة العثمانية بابا مرزوق الذي أخذه الفرنسيون غنيمة حرب وعرضوه في بريست وعليه علامة الديك، كما تطالب باستعادة أرشيف 132 سنة من الاستعمار، وقد وعد ماكرون عام 2017 بتسليم نسخة منه.

في تونس، لا تطالب السلطات باسترجاع قطع أثرية من الخارج، كما أوضحت مديرة البحوث في معهد التراث الوطني ليلى العجمي السباعي،  التي تقول إنها فخورة بأن الآثار التونسية معروضة في أجمل المتاحف العالمية، غير أنها تشعر ببعض الأسف على وجود أعمال كبيرة محفوظة منذ سنوات في مخازن متحف اللوفر، موضحة أنها تعني على وجه الخصوص مجموعة من أربعة توابيت بونيقية من الرخام الأبيض، بها نعوش كهنة، نقلت إلى باريس من أجل المعرض العالمي لعام 1900، ولم تعد قط، كما أنها لم تعرض. وكانت عالمة الآثار قد طلبت عبثا من متحف اللوفر قبل 20 عاما، إعادة رأس إمبراطورة رومانية أخذ من كنيسة قرطاج ولا زال في مستودع لا يراه العالم. أعادت إيطاليا للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي حورية قورينا بعد عرضها لفترة طويلة في متحف الحمامات بروما، حين جاء رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني إلى بنغازي يحملها مع اعتذار عن استعمار بلاده لليبيا، لكن كل الآثار نهبت بعد الثورة، كما هو الحال في مصر بعد ثورتها، مما عزز من موقف الأصوات الإيطالية التي عارضت بشدة رحيل الالهة في 30 أوت 2008.