طباعة هذه الصفحة

لعاشور رايس

‘’العلبة والبندقية”.. رواية عن بذور الثورة في القصبة

‘’العلبة والبندقية”.. رواية عن بذور الثورة في القصبة
  • القراءات: 757
لطيفة داريب لطيفة داريب

كتب المسرحي عاشور رايس، عن تنامي الحس القومي لسكان القصبة قبل انطلاق معركة الجزائر، في روايته ”العلبة والبندقية” التي صدرت عن دار ”القصبة”، وذكر استشهاد أول شهيد بالقصبة يدعى قدور عزوزي في 25 أوت 1955. كما منح الصدارة لماسحي الأحذية الذين امتهنوا هذه الصنعة خلال فترة الاستعمار الفرنسي، هربا من الجوع ولإطعام العائلة.

تحول الفنان المسرحي والسينمائي عاشور رايس إلى الكتابة، وأصدر رواية بعنوان ”العلبة والبندقية”، تناول فيها محطات من تاريخ الثورة الجزائرية، وبالأخص ميلادها والظروف الاجتماعية التي عانى منها سكان القصبة، فكتب عن الأطفال الذين غادر معظمهم مقاعد الدراسة بسبب الفقر، واشتغلوا ماسحي أحذية، مثل زردي وغيره.

كتب عاشور رايس هذه الرواية، مستعينا بمشاهد مسرحية، مؤكدا في هذا السياق، تخصصه في الفن الرابع، كما تغلغل في ثنايا القصبة، وتحدث عنها وهو العارف بخباياها، فتطرق إلى أزقتها وسماها واحدة تلو الأخرى، علاوة على ذكره تفاصيل الحياة الاجتماعية لسكان المحروسة، مثل العلاقات بين سكانها وحتى تشكيل عصابات بها.

كما توقف في أكثر من محطة عند ميلاد الحس القومي بالقصبة، والصراع بين المصاليين وجبهة التحرير الوطني، ومن ثمة التحق الشباب بصفوف الثورة واستشهد بعضهم، علاوة على ظهور عملاء لفرنسا، إلى جانب  التعذيب الذي طال المجاهدين، أبناء المحروسة.

في المقابل، سلط الكاتب الضوء على حياة ماسحي الأحذية، الذين وجدوا في هذا العمل الذي قد يعتبره البعض حقيرا، مصدر رزق، ووصف تنافسهم في جذب الزبائن، رغم أن القطع النقدية التي يربحونها، يعود البعض منها إلى قائدهم زردي. كما ذكر أيضا تأثرهم برؤساء العصابات في القصبة واعتبارهم قدوة لهم، إضافة إلى قضائهم أوقات فراغهم في ممارسة ألعاب الحظ والتدخين.

فجأة تتغير الأمور، بل تحولت تدريجيا بدون أن يعلم الكثير من سكان القصبة، وتحول بعض هؤلاء الشباب إلى مجاهدين، حينما احتكوا بشباب رفع السلاح عاليا في وجه المستعمر ولم يخش شيئا، وكان حظ زردي جيدا، فقد كاد أن يتحول إلى (حركي)، لولا لطف الله والاحتكاك بـ«الرجال”. كما أن بعض الشباب قرروا محاربة المستعمر دون انتظار الرخصة من قبل الجبهة، ليستشهد من بينهم أول شهيد من القصبة يدعى عزوزي قدور.

كتب محمد كريم طبال في مقدمة الكتاب، أن عاشور رايس، كتب نصه هذا في شكل مسرحي قبل أن يخرجه في شكل روائي، وهو ما اعتبره أمرا عاديا، بما أنه ممثل في السينما والمسرح والتلفزيون، كما يشتغل أستاذا بمعهد الموسيقى، تخصص فنون مسرحية منذ سنة 1978، علاوة على استفادته مباشرة بعد الاستقلال، من تكوين على يدي مصطفى كاتب ومحمد بودية.

للإشارة، اعتمد عاشور رايس على الكثير من الأسماء، في رواية لا تتعدى صفحاتها 180، مما قد يسبب لغطا بالنسبة للقارئ، إلا أنه تمكن من التغلغل في القصبة، وكتب عن طفولة بائسة لم يكتب عنها الكثير من الروائيين الجزائريين، ولم يتردد في ذكر عيوب المجتمع وكيف أنه تم إنقاذه بعد تنامي الحس القومي والرغبة، بل والحاجة إلى استقلال البلد.

في إطار آخر، ستتحول رواية  ”العلبة والبندقية” إلى فيلم من إخراج عاشور رايسنفسه، حيث انطلق تصويره في قلب القصبة، وفي هذا يقول، إنه أراد من خلال فيلمه هذا، الذي ولد كنص مسرحي، ثم تحول إلى رواية، ففيلم، أن يساهم في كتابة تاريخ الجزائر.

أضاف أنه فكر في إنجاز عمله منذ أربعين سنة، ويتناول أحداثا وقعت سنة 1955، أي سنتين قبل معركة الجزائر. كما تطرق أيضا إلى استشهاد قدور عزوزي، أول شهيد في القصبة، كان مصاليا سابقا وقرر رفع السلاح، ليستشهد بعد كمين نصبه له المستعمر الفرنسي في 25 أوت 1955.