اقتنص ستا من جوائز "طقوس المسرح الدولي"

‘’الثلث الخالي" يمنح جرعة مسرحية متميّزة

‘’الثلث الخالي" يمنح جرعة مسرحية متميّزة
  • القراءات: 1175
 ن. جاوت ن. جاوت

تميزت مسرحية "الثلث الخالي" للمخرجة تونس آيت علي وإنتاج المسرح الجهوي للعلمة في مهرجان "عشيات طقوس المسرح الدولي" بالأردن، حيث اقتنصت ستا من جوائز الدورة التاسعة لهذا الموعد المسرحي، هي جائزة أفضل عرض متكامل، أحسن إخراج لتونس آيت علي، أحسن موسيقى لحسين سماتي، أحسن أداء نسائي لحورية بهلول وكذا جائزة أحسن نص مسرحي للمؤلف محمد شواط وجائزة أفضل هندسة إضاءة لفاروق رضاونة. 

المسرحية أبهرت جمهور "عشيات طقوس المسرح الدولي"، وحصدت تنويه المتفرجين والمختصين، وهو ما عكسته مختلف المقالات النقدية الصادرة في الصحافة الأردنية، حيث تمت الإشادة بالمستوى "المتميز" للمخرجة تونس آيت علي والممثلات الجزائريات اللواتي استطعن "جذب الحاضرين حتى اللحظات الأخيرة من العرض المسرحي"، إلى جانب نقلها الجمهور إلى تلك الحالة التي يستوجب فيها إعادة التفكير بالفعل بمشاكل المرأة وأهمية مراعاة عواطفها واحترام عقلها قبل كل شيء، كما اعتبر هذا العمل جرعة كبيرة من المسرح.

في هذا السياق، عبّر خليل عون رئيس مصلحة البرمجة  التوزيع والعلاقات الخارجية بالمسرح الجهوي للعلمة لوكالة الأنباء الجزائرية، عن افتخار الفرقة بهذا النجاح الكبير الذي " سيزيد من عزيمتنا للمضي قدما بهذا الفن في الجزائر"، مشيرا إلى أن النجاح الذي لقيه العرض المسرحي في الأردن وتميزه عن باقي العروض المقدمة في المهرجان"، يدل على الحرفية التي أبدعت في تجسيدها المخرجة تؤتي آيت علي والتفاني في الأداء من طرف الممثلات".  وأكّدت المخرجة من جهتها أنّ نجاح مسرحية "الثلث الخالي" في بلد عربي وفي مهرجان عربي وباللهجة الدارجة الجزائرية " يعكس المستوى الجيد الذي يتمتع به أب الفنون في الجزائر،  على الرغم من المشاكل التي يعاني منها من نقص في الإمكانيات وتهميش للفن الراقي والهادف". 

للتذكير، تطرق العمل إلى مواضيع اجتماعية وتضييع المرأة وقتها بالبحث عن آخر غير موجود أو لا يعود، غير مستفيدة بذلك الوقت، مما تحمله من فكر يؤهلها لتكون مستقلة وقادرة على صناعة التغيير، والمسرحية تفيض بالأنوثة الصاخبة والعنف الموجه ضد المرأة في بعض الرقصات التي أوصلت مباشرة معاني مميزة حول ما تتعرض له المرأة من عنف جسدي مباشر وأحيانا غير مباشر.

واستطاع العمل أن ينقل للجمهور تلك المعاناة التي تتعرض لها المرأة عبر قصص قدمتها ثلاث فنانات (بهلول حورية، آمال دلهوم، ريمة عطال) على خشبة المسرح في سينوغرافيا موفقة بالإضاءة والرؤيا الإخراجية التي مزجت المخرجة فيها بعضا من فيزيائية الجسد، إضافة إلى لوحات راقصة ومقطوعات مغناة على طريقة الراب وغيرها.

وانطلقت المسرحية بالحديث حول الرجل وأهميته للمرأة، من خلال قصص الناس التي بدت واقعية جدا، فإحداهن تركها زوجها وتزوج غيرها بعد قصة حب وزواج اعتبرته فاشلا ولم يحقق أمنياتها، وهي اليوم تطلب الطلاق. في حين روت فتاة أخرى أهمية التحرر من الرجل وعدم ربط المرأة قضيتها بأنها دوما بحاجة إلى الرجل، أما الممثلة الثالثة فقدمت شخصية الفتاة التي ما تزال تريد شخصا أحبته رغم أنه هجرها، وتعلن الفتاة المتحررة حربا كلامية وعقلية حول عدم أهمية الرجل الذي يسبب تلك الكوارث للنساء في حياتهن، محاولة اقناع صديقتيها بالتحرر من تلك المعضلة من خلال القبول بالحياة الحرّة، إلا أن تلك الشخصية نفسها المتحررة ما تزال تشعر بالكثير من قضايا العنف الموجهة ضدها فتطالب بالمحكمة بحقوق المرأة. القضايا تأخذ منحى مؤثرا أكثر، فتحاول الفتيات طرح قضاياهن للمحكمة بأسلوب سردي عاطفي وقع أحيانا بفخ الإطالة وعدم الاختزال، إلا أن طريقة الإخراج كانت مميزة، خصوصا في استخدام "حبال" الإعدام وكأنها محاولة للتسلّق والتعلّق بالأمل من القاضي الذي اتضح أنه لا يسمع، أو أن رجلا ربما لن يتعاطف مع المرأة. قصة وراء أخرى وحكايات تمازجت بين الواقع والخيال جميعها انتهت بشنق الفكرة النسوية، مما جعل تلك المرأة تظل في ثلثها الخالي خالية اليدين ومحاولة إيجاد طرق إثبات، تلك مكانتها التي تستحقها مجتمعياً.

مسرحية "الثلث الخالي" لقيت استحسانا في الجزائر عند الجمهور والمتتبعين للشأن المسرحي، بطرحها لموضوع نسائي حساس، يتعلق بأحلام وطموحات المطلقة والعاشقة والرافضة للعلاقة الزوجية، بكل ثقلها الاجتماعي والاختلاف الجلي بينها.

للإشارة، شارك في الدورة التاسعة لمهرجان "عشيات طقوس المسرحية الدولي" ثمان دول عربية، إلى جانب البلد المستضيف بـ10 عروض مسرحية، هي عرض الافتتاح "استيراد خاص" إخراج علاوي حسين من العراق، و"طاح راح" إخراج إبراهيم أرويبعة من المغرب، و"الجرتق" إخراج إزدهار محمد من السودان، و"ثورة دون كيشوت" إخراج وليد الدغسني من تونس، و"المزبلة الفاضلة" إخراج عبدالله البكري من البحرين، و"شتوية قاسية" إخراج لارا حتي من لبنان، و"أماني" إخراج ياسر الحسن من السعودية، بالإضافة إلى عرضين من الأردن هما "الصورة الرمادية" للمخرج محمد العشا و"ذاكرة جسد" للمخرج المعتمد المناصير، فضلا عن مسرحية "الثلث الخالي" لتونس آيت علي.

وتشكّلت لجنة تحكيم العروض المسرحية من الناقد والمخرج الدكتور مخلد الزيود من الأردن وعضوية المخرج الدكتور رمزي الجمالي من البحرين، والمخرج الدكتور يحيى البشتاوي من الأردن والمخرج الدكتور حازم عبد المجيد إسماعيل من العراق.