للروائي الفرنسي باتريك موديانو

‘’أزاهير الخراب” في نسخة عربية

‘’أزاهير الخراب” في نسخة عربية
  • القراءات: 732
الوكالات الوكالات

صدرت عن دار ”نوفل” ببيروت رواية ”أزاهير الخراب” للروائي الفرنسي باتريك موديانو ترجمة الراحل بسام حجار. ولا تختلف ”أزاهير الخراب” كثيراً عن رواية ”دورا برودية”، التي ركزت على الاستذكارات واستنطاق الأمكنة وملامسة جوانب محددة من احتلال الجيش الألماني النازي لباريس، وما خلّفه من جروح عميقة لم تندمل رغم تقادم الأعوام، حسب صحيفة ”الشرق الأوسط”.

في كل رواية تضاف إلى رصيد موديانو لا بد من جديد في التقنية أو التيمة أو المعالجة الفنية، خاصة أن الروائي معروف بمواضيع محددة؛ مثل الذاكرة وتعرية النازية واستدعاء التاريخ والنبش في الأمكنة.

ولباتريك موديانو أسلوب سلس ورشيق؛ فهو لا يحتفي بالتزويق اللفظي أو المحسّنات البديعية، حيث الجملة الروائية مكتفية بذاتها وبما تنطوي عليه من محمولات رمزية واضحة لا يكتنفها الغموض إلاّ ما ندر. ولعل هذه البساطة الأسلوبية الدالة الأقرب إلى السهل الممتنع، هي التي دفعت نقاداً فرنسيين إلى وصف هذا الأسلوب بـ ”التقنية الموديانية” التي تنتسب إليه، ولا يشترك فيها كثيراً مع غيره من الروائيين.

وفي ”أزاهير الخراب” قصص وحكايات مبعثرة تحتاج إلى من يتأملها جيداً على انفراد أو يدمجها معاً أو يعيد ترتيبها من جديد، خاصة أنّ أزمانها المتعددة تتوزع على ثلاث مراحل، وهي ثلاثينات القرن الماضي وستيناته، ثم نصل إلى مرحلة التسعينات، وليس بالضرورة أن يأخذ الزمن منحى خطياً مستقيماً؛ فقد يتعمد الراوي التنقّل بين المراحل حسب الأحداث والمواقف التي يمرّ بها. وربما يؤكد الحدث الأول صحة ما نذهب إليه؛ إذ يتذكر الراوي في 24 أبريل 1933، انتحار زوجين شابين لأسباب غامضة، ثم يقفز إلى الستينات، ليخبرنا بقصة ديفيز نزيل الغرفة المجاورة في شارع دولامبر، الذي أمضى ثلاث سنوات في الجبال لكنه نفر من الحرب، وأخيراً ينهمك في قصة باشيكو الذي يمتلك عدداً من الأصدقاء المغاربة والإسكندنافيين، ويتقنّع باسم فيليب دي بيلّون.

القصص والحكايات المتواشجة مع المتن السردي كثيرة ويصعب حصرها رغم أن عدد صفحات الرواية لا يتجاوز 119 صفحة. ومن بين هذه الحكايات حكاية الراوي الذي يستذكر ”الموجة الجديدة” التي برزت في الستينات، حيث علِق بذاكرته فيلمان مهمان، هما ”لُولا” 1961 لجاك ديمي، و”وداعاً يا فلبين” 1962 لجاك روزيي، ثم تظهر أمكنة متعددة تنطوي على وقائع وأحداث كثيرة، بعضها مريب ولافت للانتباه مثل ”جزيرة الذئاب” والمدينة الجامعية ومعسكر داشو ومطعم ”بيرّو”، وما سواها من الأمكنة التي ركّز عليها الراوي، ولو أحصينا عدد الشوارع في النص الروائي لوجدنا أكثر من 60 شارعاً وجادة. أما عدد المحطات والساحات والمقاهي والأبراج والحدائق والجسور فهي كثيرة بمكان، ويندر أن تخلو منها أي صفحة من صفحات الرواية.