مديرة المعهد الثقافي الفرنسي بوهران، بياتريس بارتراند لـ "المساء":
وهران مدينة مفتوحة على جميع الثقافات

- 1649

تعتبر السيدة بياتريس بارتراند، مديرة المعهد الثقافي الفرنسي في وهران، أوّل فرنسية تدير هذه المؤسسة الثقافية في الجزائر، حيث عيّنت على رأسها في العام الفارط قادمة من المغرب، بعد انتهاء مدة عملها بها، وخصت "المساء" بحوار على هامش تنشيطها ندوة صحفية في المعهد، كشفت خلالها عن البرنامج الثقافي للثلاثي الأوّل من السنة الجارية.
❊ ما هو انطباعك كأول امرأة تنصب على رأس المعهد الثقافي الفرنسي في وهران؟
— لا أستطيع أن أصف سعادتي بتعييني كمديرة للمعهد الثقافي الفرنسي في وهران.. كان هذا بالنسبة لي شيئا رائعا، فلطالما طالبت خلال مسيرتي المهنية أن يتم تعييني في الجزائر ووهران بالتحديد، التي أبهرتني بجمالها، هي مدينة غنية بمواقعها السياحية ومعالمها الأثرية، مفتوحة على جميع الثقافات، تجعل القادم إليها لا يتعب من حبها والتمتع بجمالها.. أنا أعيش كل لحظة وكل يوم بسعادة غامرة، فنحن نعيش في حركة متواصلة مع ما يسطّره المعهد الثقافي الفرنسي، بالتنسيق مع مختلف الجمعيات الثقافية والفرق الفنية، والمعاهد الموسيقية المحلية التي تنشط في هذه المدينة بشكل مكثف، قد لا يمر عليّ يوم دون أن يتقرّب مني شباب مبدعون يعرضون عليّ مشروعا ثقافيا في كلّ مجالات الفنون؛ فن تشكيلي، تصوير فوتوغرافي، مسرح، موسيقى ورقص وأنا جدّ مندهشة من فرط الإبداع والمبدعين، ومن تلك الطاقة الخلاقة المتواجدة في هذه المدينة، بحيث ليس من السهل الاستجابة لكل الطلبات التي نحتاج إلى الكثير من الوقت من أجل تحقيقها.
❊ ماذا بشأن برنامج تعلّم اللغة الفرنسية الذي يقدمه المعهد؟
— تقديم دروس اللغة الفرنسية أمر ممارس في كلّ فروع المعهد الفرنسي المتواجدة عبر العالم، إلى جانب النشاطات الثقافية الأخرى، وتعليمها ليس بالمفهوم الدراسي البحت، نحن نقدّم دروسا لتحسين اللغة الفرنسية ورفع مستوى تعلّمها وفق المقاييس الأوروبية، فهناك مستويات نحدّدها لجملة من الموظّفين أو الراغبين في تحسين مستواهم في اللغة الفرنسية التي يحتاجون إليها في تعاملاتهم الوظيفية أو المهنية الأخرى، بمعدل 50 ساعة، وتدرّس كلغة أجنبية تحت إشراف أساتذة جزائريين يعملون طبق المنهج التدريسي المعتمد في كل الدول الأوروبية، فاللغة الفرنسية تدرّس كما تدرّس الإيطالية أو الإسبانية أو غيرها من اللغات الأجنبية الأخرى، ففي وهران لدينا 1500 طالب مسجلين خلال الموسم الدراسي الحالي، وأغلبهم من الطلبة الذين يدرسون في الشعب العلمية، ويجدون صعوبة في فهم الدروس التي تقدّم لهم باللغة الفرنسية في المرحلة الجامعية، فنحن نقدّم لهم دروسا تهتم بشرح المصطلحات العلمية، التعقيب، التعبير وحلّ المسائل التي يجدون صعوبة في فهمها والإلمام بها، إضافة إلى عمال يتعاملون مع شركات فرنسية، أو دروس في بعث الرسائل الإلكترونية، فهي دروس تقدّم تحت الطلب.
❊ هل تفكرون في إنشاء مدرسة لتدريس اللغة الفرنسية للأطفال الصغار؟
— هذا الأمر مستبعد، ولا يمكننا القيام به، لأنّنا كما أسلفت بالمعهد الثقافي الفرنسي ليس لدينا مدرسة، وتدريس الأطفال يتطلّب توفّر المزيد من القاعات المهيأة التي تستجيب لمتطلبات السلامة، وتتّفق مع المعطيات البيداغوجية، وهذا ليس بإمكاننا الحصول عليه ولا توفير "الكادر" المؤطر له، فتعليم اللغة الفرنسية للأطفال الذين يستقبلهم المعهد يبدأ من سن الثانية عشرة فما فوق.
❊ كيف تقيمين المشهد الثقافي في وهران؟
— المشهد الثقافي في وهران ثريّ للغاية، لقد كانت لي فرصة التعامل مع فرق تتمتع بمواهب رائعة في كلّ مجالات الفنون، المسرح، السينما والشعر، وأذكر هنا فرقة "الدرومادير"، فما تقدّمه من أعمال في مجال المسرح رائع.. لقد كان لي شرف معرفة المسرحي الراحل عبد القادر علولة، واكتشفت ثراء فنيا في شتى الأنواع الموسيقية، الأندلسي، الراب، الهيب هوب، الروك، لكن مع الأسف، لا توجد في هذه المدينة الجميلة مساحات وفضاءات أرحب، كقاعة أوبرا أو ما شابه، تسمح لهم بممارسة هوياتهم والتدرّب على الأداء الموسيقي بشكل أفضل.
❊ وهران تستعد لاحتضان حدث رياضي هام سنة 2021، يتعلق بألعاب البحر المتوسط، ماذا يمكن أن يضيف هذا الحدث لمدينة وهران، حسب رأيك؟
— من المؤكد أن أي حدث إقليمي تحتضنه مدينة من المدن يضيف لها الكثير، سواء من الناحية الثقافية أو السياحية، ناهيك عن المنشآت والفضاءات الثقافية والرياضية التي تستفيد منها هذه الأخيرة، وهي إضافة اقتصادية، وسيجعل من وهران مدينة معروفة، فقد حدث وأن عشنا هذا عندما اختيرت مرسيليا عاصمة للثقافة الأوروبية، واستفادت من عدة منشآت ما كانت لتوجد لولا هذا الحدث، فكذلك الشأن بالنسبة لوهران.
❊ ماذا سطر المعهد الفرنسي من نشاطات ثقافية بهذه المناسبة؟
— ستصب نشاطاتنا كلها في المجال الرياضي، حيث ستقام محاضرات ولقاءات وعروض ترتبط ارتباطا وثيقا بالشأن الرياضي، وثقافة قبول الآخر وغرس الروح الرياضية والتوعية بشأنها، وكذا أفلام وثائقية، إضافة إلى العمل مع جمعية "هاندي سبور" التي تسمح لنا بالاهتمام بتطوير الممارسة الرياضية بالنسبة للأشخاص المعاقين، وغيرها من النشاطات.. فالرياضة هي أيضا ثقافة وعمل جماعي.
❊ ما الذي تغيّر منذ استلامك إدارة المعهد الثقافي الفرنسي، وماذا أضفت له؟
— لم أكن أعلم ما الذي حقّقه المدير السابق للمعهد، لكن أستطيع أن أقول شيئا واحدا، هو أنه قام بعمل جيد مكنني من مواصلة ما تركه على قاعدة صلبة سهلت عليّ المهام لمواصلة النشاط، وإمكانية العمل أكثر مع الجمعيات الثقافية، وتوسيع فضاءات تعلّم اللغة الفرنسية.
❊ وماذا عن نشاطات المعهد مستقبلا؟
— مواصلة العمل من أجل تقديم المزيد من النشاطات الثقافية والمساهمة في تفعيل الحركة الثقافية في وهران.
❊ كيف تقيّمين مشروع التوأمة بين مدينة وهران ونظيرتها بوردو الفرنسية؟
— أثمّن كثيرا تطوّر مجال التعاون بين المدينتين في مختلف المجالات، وهو ثمرة مشروع التوأمة، كان آخرها اتفاقية التعاون التي أمضيت خلال زيارة رئيس بلدية بوردو، السيد ألان جوبي، خلال الأسبوع الفارط لوهران بين سلسلة فنادق "عدن" وثانوية الفندقة والسياحة "لغاسكوني بوردو- تالونس" التي تعدّ الأكبر في التكوين المتخصّص في فرنسا.. هي خطوة ايجابية نحو المزيد من فرص التعاون بين المدينتين.