كتاب ”الممارسة الخفية والمعلنة لعنف اللغة في وسائل الإعلام”

..ومن الالفاظ ما قتل!

..ومن الالفاظ ما قتل!
كتاب الدكتور أكرم الربيعي الموسوم بـ ”الممارسة الخفية والمعلنة لعنف اللغة في وسائل الإعلام”
  • القراءات: 932
❊ ق.ث- وكالات ❊ ق.ث- وكالات

يُعدّ الكتاب الذي أصدره الدكتور أكرم الربيعي الموسوم بـ الممارسة الخفية والمعلنة لعنف اللغة في وسائل الإعلام، أحد أكثر المصادر الإعلامية المهمة التي تناولت ظاهرة تفشي مظاهر العنف اللغوي في وسائل الإعلام. وبيّن الباحث مخاطر وتأثيرات انتشار هذا العنف على أكثر من صعيد، وهو يؤشر انحرافا سلوكيا ينبغي التصدي له، لما يتركه من تأثيرات ضارة على مجتمعاتنا، كون وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، هي الوسيلة التي من خلالها ترى مظاهر العنف السلوكي، وقد انتشرت بين مضامينها بأشكال مختلفة.

للدكتور أكرم الربيعي مؤلفات قيّمة في مجال البحث الإعلامي، وله بحوث إعلامية ومحاضرات كثيرة في مجالات الإعلام وتحليل المضمون وعنف اللغة والمضمون الاتصالي، وكانت زاده الوفير للمكتبة الاعلامية العراقية والعربية؛ حيث تصدرت عناوين كتبه أغلب معارض الكتب العربية خاصة في دول الخليج ومصر ودول المغرب العربي والأردن، وحظيت بانتشار واسع، وإشادة من باحثين متمرسين في ميادين الإعلام والصحافة والفضائيات.

وكتاب الممارسة الخفية والمعلنة لعنف اللغة في وسائل الإعلام للباحث الربيعي، صدر مؤخرا عن دار أمجد للنشر والتوزيع في الأردن. والكتاب يقع في (200) صفحة، ويتألف من أربعة فصول. تطرق الباحث في الفصل الأول لعنف اللغة الإعلامي بين سلطة اللغة والفعل التواصلي.. أما الفصل الثاني فعرض مكامن العنف اللغوي لغة الخطاب الإعلامي أنموذجا، في حين تضمّن الفصل الثالث نظريات العنف اللغوي الإعلامي.. أما الفصل الرابع فتطرق لحدود العلاقة بين العنف اللغوي المستخدم في وسائل الإعلام وحالات التطرف، ثم خاتمة وتوصيات.

وأشار الباحث في مقدمة كتابه إلى أن وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية، تمارس عنفا لغويا في خطابها الإعلامي. وباتت هذه الصورة أكثر وضوحا في الأنواع الصحفية كالخبر والتحقيق الصحفي والتقرير الصحفي والحوار الإعلامي والمقال الصحفي ومختلف الفنون الصحفية الأخرى، وأصبح طابعا تتسم به مختلف وسائل الإعلام والفضائيات العراقية والعربية وحتى الدولية أحيانا.

ويقدم الباحث في كتابه هذا الذي يُعد من الدراسات الفريدة في تناول مضمونه في مناهج الإعلام العراقي إن صح التعبير، دراسة معمقة عن عنف اللغة في فصوله الأربعة، ومنها العنف الخطابي والعنف الكلامي وعنف اللسان والعنف الرمزي وأنواع أخرى، كما تطرق الكتاب لنظريات العنف اللغوي الإعلامي من خلال ثمانية محاور رئيسة، مستعرضا النظريات النفسية والاجتماعية والاتصالية التي تفسر ظاهرة العنف اللغوي في وسائل الإعلام.

وبيّن الباحث أن الحروب التي سادت المنطقة والصراعات بين الأنظمة السياسية وبينها وبين جمهورها وتعدد أنواع الإيدلوجيات والمذاهب الفكرية والدينية، هي من تذكي الصراعات وعوامل الاحتراب لتفعل فعلها في اللغة، وتؤدي إلى سيادة مظاهر العنف والصراع الذي يصل إلى حد استخدام الكلمات البذيئة والنابية، والتي تتعارض مع قيم المجتمع وبنائه الفكري الإيجابي.

كما أشار الباحث إلى أن العنف التلفزيوني أصبح أكثر كثافة بتعدد مصادر المشاهدة التلفزيونية، حتى إن البرامج التلفزيونية أصبحت مصنعة ومعدة لغايات تجارية واستهلاكية وحتى سياسية، وكل لها طابعها في التحريض والإثارة وسلوك العنف بين مضامينها، وربما تُعد نشرات الأخبار والبرامج الحوارية وحتى الأفلام السينمائية، أحد تلك الأنشطة التي يعد العنف أحد أبرز سماتها.

ويوضح الباحث في كتابه أن اللغة في وسائل الإعلام وبخاصة في الحوارات التلفزيونية، تتعرض يوميا لموجات من التشويه والتحريف، وعليه يجدر بمن يتصدى لمهنة الإعلام أن يحسن التقدير في إبلاغ رسالته إلى الجمهور ويوصلها إلى المتلقي بدون التجني على اللغة، مشيرا إلى أن موضع الخطورة يمس الشعور والتداول بين البشر؛ لأن العنف يتسلل من اللغة كمجموعة من المفردات إلى المتلقي.

ومن التوصيات التي خرجت بها الدراسة ضرورة حث وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، على التقليل من استعمال الكلمات والتعبيرات التي تدل على العنف الخطابي وحصر استعمالها عند الضرورة القصوى؛ لأن تكرارها يرسخ هذه المفاهيم في أذهان الجمهور المتلقي. ومن التوصيات الأخرى توسيع الدراسات العلمية التي تتناول تأثيرات استعمال الكلام العنيف في وسائل الإعلام على الجمهور المتلقي للرسائل الإعلامية، وتشجيع الباحثين على دراسة حالات التطرف والإرهاب الناجمة عن العنف اللغوي.

كما دعا الباحث ضمن توصياته إلى إجراء استطلاعات رأي الجمهور ودراسة تحليل المضمون للخطاب الإعلامي في وسائل الإعلام، والكشف عن مظاهر العنف الخفي بين مضامينها اللغوية، والعمل على إشعار وسائل الإعلام بالكف عن دخول منهج العنف اللغوي والمجتمعي لمخاطره الكثيرة والضارة في حياة الشعوب والمجتمعات عموما.

ولا بد أن نشير إلى أنّ للباحث كتبا وبحوثا كثيرة، وهو يرأس مركز أضواء للدراسات والبحوث، الذي صدر عنه مجموعة من الكتب والدراسات، كان آخرها كتاب للدكتور سعد معن الموسوم (الناطق الإعلامي الأمني.. تجربتي الذاتية في مهام المتحدث الإعلامي)، صدر قبل أيام بغلاف وتصميم رائعين، وهو أحد تلك الكتب المهمة التي كانت من إصدارات هذا المركز البحث المهم.