”دار روني” لشعباني ربحية

ومضات من الذاكرة

ومضات من الذاكرة
  • القراءات: 401
مريم. ن مريم. ن

أصدرت الإعلامية شعباني ربحية، مؤخرا، كتابها الأول بعنوان "دار روني"، وهو عبارة عن مذكرات ضمت أحداثا تعاقبت مع الزمن، في دار قديمة بحي القصبة العتيق، وكانت، في أغلبها، تراجيدية، لايزال أثرها باديا على الوجدان. وتعكس هذه المذكرات تفاصيل يوميات نسوية تشتعل فيها المؤامرات والدسائس، وأحيانا أخرى تتراءى بعض الصور الإنسانية، التي تمحو بعضا من قسوة الحياة التي تضرب من كل الجهات.

تتذكر ربحية شعباني تفاصيل حياتها التي عاشتها في الصبى بدار روني. هذه الدار التي كانت ملكا لأجنبية عاشت في زمن الاستعمار، بها 3 طوابق، وتقع قرب "جامع اليهود" في القصبة السفلى. سكنتها عائلات، وتشكلت بينها علاقات متداخلة محكومة بالمكر والدهاء، لتتراوح الحياة بين الصخب والهدوء وتتشكل ذكريات كاتبة عاشت ظروفا، استحقت أن تكتبها اليوم، وتتشاركها مع قراء سيجدون الكثير من الأحداث المشوّقة. وتقول الكاتبة إن ذكرياتها تخرج إلى الوجود، ليبرز فيها زمن الطفولة والبراءة، كان حينها زمن الحاجة والعوز، لكن القناعة والرضى سادا ورسّخا خلق عزة النفس. كما تشير إلى أن هذا الماضي القاسي الذي لا مكان فيه إلا للحرمان والقسوة، كان، أيضا، زمنا جميلا في بعض تفاصيله التي تحن إليها اليوم، وأهمها صفاء النوايا والطيبة، ناهيك عن الأحلام المشتركة، التي يتمنى الجميع تحقيقها في غد أفضل، ما ساهم في تحمّل الأعباء والمشاق والبؤس.

وتسهب الكاتبة في الحديث عن طفولتها، سواء داخل دار روني أو خارجها. ومما تسرده علاقتها مع صاحبة الدار، التي تصف ملامحها القاسية، وبدانتها، وعجرفتها مع السكان، علما أنه رغم كل ما تقوم به تبقى بلا سلطة، ولا تأثير على السكان، لكن الراوية تسرد كيف أنها رغم صغر سنها تقدم بعض الخدمات لروني، كي تجني بعض الدنانير التي تسد بها حاجياتها البسيطة. وعكس ذلك تماما، تقدم ربحية صورة ناصعة عن صديقة روني، وهي الفرنسية ماري ذات الحسن والجمال والهيبة. كما أشارت الكاتبة إلى أن عائلات أخرى كثيرة عاشت في دار روني، لكن تحفّظها وامتناعها عن مخالطة الآخرين، جعلها في منأى عن كثير من الأحداث والدسائس والمجابهات، التي غالبا ما كدّرت صفو الحياة بهذه العمارة، وبذلك تكون هذه العائلات قد ضيعت فرص الاحتكاك، وملامسة هذه الظواهر الاجتماعية، الطريفة، والغريبة عن قرب.