الكاتب الشاب وليد طيبي لـ’’المساء":
ولعي بالكتابة سر لا أبتغي كشفه

- 794

ظفر الكاتب الشاب، وليد طيبي بالجائزة الأولى للمهرجان العربي للقصة القصيرة بالمغرب في أول مشاركة له في عالم المسابقات الأدبية بقصة "شاعر الجوافة"، وفي هذا السياق، اتصلت "المساء" بالطالب الجامعي، صاحب العشرين عاما وطرحت عليه أسئلة حول ظفره هذا وكذا عن مواضيع أخرى متعلقة بالأدب والثقافة.
الكتابة ملاذه الوحيد
وفي هذا السياق، قال وليد لـ’’المساء"، إنه قبل أن يكتب "شاعر الجوافة" كان يشعر بالفقدان بعد أن رحل عنه والده، رحمه الله، فلجأ إلى الكتابة، ملاذه الوحيد و«المرفأ الذي يرسو بأوجاعه فيه"، وهناك كتب "شاعر الجوافة" التي شارك بها في مسابقة "المهرجان العربي السادس للقصة القصيرة" الذي تنظمه جمعية "الأنصار للثقافة" بخنيفرة المغربية، وكانت النتيجة إيجابية حيث توُّج بالجائزة الأولى.
وعن مشاركته الأولى في عالم المسابقات الأدبية، قال وليد إنها تعد أول مشاركة وطنيا ودولياً. ويضيف أنه لم يكن يهتم بالجوائز لأنه لم يجد حاضنة وطنية تشجيعية في بلده، ليقرر الشاركة في جائزة عربية بالمغرب، حيث ورغم تقصير الدولة هناك في عدة جوانب إلا أن الحامل للهم الثقافي يسعى بإمكاناته المتواضعة على إبقاء جذوة الثقافة مّتقدة.
ضرورة تحمل المثقف لمسؤولياته
ودعا المتحدث، الكتّاب والمثقفين المكرّسين، إلى تحمل مسؤولياتهم الكاملة في الرفع من شأن البلد، والمبادرة بالعمل وإن كان بسيطا، وكذا تناسي دور الدولة ولو قليلا، لـ«أننا منذ القدم ونحن نشتكى ونشتكى، واليوم عندما نراجع الزمن نجد أنه لاشيء أنبته هذا التشكي سوى اليأس والإحباط"، يضيف المتحدث.
بالمقابل، لم يسبق للكاتب نشر كتاباته إلا إلكترونيا، حيث قال إنه يشارك الجميع بكتاباته، في حين يسعى إلى تلافي التسرع في مسألة النشر الكتابي، مشيرا إلى أنه يأخذ الحيطة كثيرا في هذا الجانب بعد أن استحوذ الأدب على تفكيره ومشاريعه لهذا أصبح يحسب كثيرا لكل خطواته.
ولكن هل لكاتب شاب مثل وليد، رأي حول واقع المثقف الجزائري؟ ويجيب وليد بنعم حيث يرى أن المثقف الجزائري بصفة خاصة والعربي بصفة عامة، يعاني من الإقصاء والتهميش. أما عن الثقافة فيعتبرها مفهوما مرتبطا بشكل وثيق بالإنسانية وبتلك الهشاشة التي تستثيرنا، وتستفز مشاعرنا لمجرد إبصارنا حالة بسيطة من حالات الوجع التي تتملك الآخر.
كما اعتبر المتحدث أن المثقف العربي يوجد في مكان ما غير مرئي، ليتساءل: "هل المغيبون يستطيعون التأثير في كينونة حضور المجتمع؟" ويجيب عن سؤاله بالإيجاب، لأنه يعتبر أن المثقف المناضل له أدوات العودة والبزوغ وبقوة، كما أن مسؤوليته هي صناعة محيطه المشكل من الثقافة والمجتمع. ليطالب هذا الأخير الإرتقاء باهتماماته وكذا ضرورة تفعيل دور الدولة والجهات النافذة التي تسيطر على دواليب وسائل الإعلام المؤثرة في القاعدة، حتى يحدث التغيير.
أما عن مسألة تغيير واقع المثقف العربي بعد "الثورات" التي غيرّت من خارطة العالم العربي، قال وليد إن الكثيرين يعتقدون أن خارطة العالم العربي تغيرت بعد ما سمي بالثورات. ويضيف أن ذلك حدث فعلا لكن ليس بالمعنى المجازي بل في المدلول الجغرافي المباشر، حيث تم تقسيم دول. كما اعتبر أن كل مافعلته هذه "الثورات"، هو تعرية ما كان موجود سابقا، إذ أن "الديكتاتور" العربي لم يعد يهتم بالمثقف الداخلي لأن معركته اليوم عالمية، حيث سيواجه فيها أجندات مخابرات الدول الكبرى واستراتيجياتها وكذا تكالب منظمات حقوق الإنسان.
وأضاف المتحدث أنه "في هذه الحالة، سيظن المثقف أنه وجد الثغرة اللازمة للصياح، لكن من سيصغي له؟ الجميع نازح والجميع لاجئ والجميع مقتول أو مشرد، أفضلهم حالا سيفتح التلفزيون ليشاهد حصيلة اليوم الكبيرة، هانئا لكونه بقي سالما وحامدا الله الذي مدّ في عمره ليوم آخر على الأقل. فمصيبة العالم العربي أنه لم يأخذ بيد المثقف في الأوقات التي كان فيها في حاجة ماسة إليه، ربما هي مشكلة إدراك عميقة تتجلى في المشروع الحضاري المشوّه والمريض".
البداية قصة والخطوة القادمة قد تكون رواية
عودة إلى عالم الأدب، حيث يكتب وليد شعر حر أو قصائد نثرية حينما "تتكاثف مشاعر الحياة بداخله"، كما يكتب أيضا مقالات والقصة القصيرة، في انتظار كتابة الرواية. في حين سيتم نشر قصة "شاعر الجوافة" مع بعض القراءات النقدية عنها وكذا الأعمال المنوه بها من طرف جمعية "الأنصار للثقافة" بخنيفرة.
وعن اهتمام وليد الشاب بالثقافة عكس الكثير من أبناء جيله، وقصة عشقه للكتابة؟ يقول وليد إن هناك حالات كثيرة لم يتسنَ لها قول ماعندها وستموت لأنها لم تجد من يسمعها ويأخذ بيدها إلا من امتلك العزيمة والبرود الضروريين للصمود. ليضيف أنه بدأ الكتابة منذ سن مبكرة، ولا يحاول أن يفتش عن السرّ الذي دفعه إليها رغم أن حاجته لها تتجاوز كل الأوصاف لتستقر في خانة الحاجات البيولوجية التي لا غنى عنها. مستندا بتعريف واسيني الأعرج للكاتب فيقول "هو الشخص الذي لم يستطع قطع الصلة بطفولته".
أما عن الكُتاب الذين تأثر وليد بأدبهم، ذكر كل من بشير مفتي، الحبيب السائح، أحلام مستغانمي، واسيني الأعرج ورشيد بوجدرة. أما عربيا فيعشق مايكتبه الروائي المغربي يوسف فاضل واللبناني الرائع إلياس خوري وكذا أمين معلوف مرورا بالأسماء المصرية العظيمة مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس والكاتب الليبي العبقري ابراهيم الكوني. أما عالميا، فتعجبه كتابات وفلسفة الإيطالي أنريكو دي لوكا، الفرنسي لوكليزيو، الأفغانييين عتيق رحيمي وخالد حسيني، إضافة إلى الأسماء الكلاسيكية مثل ماركيز ودوستويفسكي وتشيخوف وكازانتزاكيس وغيرهم.