“لقاء الأحبة” في عدده الثالث يحتفل بسي محند أو محند

وقفة مع الشعر الوطني الأمازيغي

وقفة مع الشعر الوطني الأمازيغي
  • 1068
مريم. ن مريم. ن

تنظم الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي في 27 مارس الجاري، بالمكتبة الوطنية، موعدها للقاء الأحبة في عدده الثالث، من خلال محاضرة عن "البعد الوطني في القصيدة الأمازيغية سي محند أو محند أنموذجا"، للدكتور خالد العيقون. كما يشهد العدد قراءات شعرية تنشطها مجموعة من الأسماء، منها كمال شرشار وفوزية لارادي وعبد الباسط همال وعمر بوجردة. 

يسلط اللقاء الضوء على قصائد الشاعر الكبير سي محند أومحند، الذي خلف تراثا غنيا يعكس الحياة الجزائرية عموما، والقبائلية خصوصا. كما أن سي محند الشاعر كان دائما الثائر في وجه المستعمر، والداعي إلى التحرر، ويمتاز شعره بالبلاغة والإبداع، بحيث عبر عن كل ما يخص حياة الإنسان المتقلبة، والصفات الحسنة والذميمة لعامة الناس على اختلاف تربيتهم وآرائهم، ويتضمن شعره أمثالا وحكما صالحة لكل زمان ومكان، والكثير من الصور البيانية والمحسنات البديعية، وقد ساهم الاستعمار الفرنسي الذي احتل الجزائر، في انبثاق لغة الشعر لدى العديد ممن نوهوا بخصال الجزائريين، الذين سعوا إلى التحرر من أغلال الاستعمار وعيش حياة رغيدة في بلد أجدادهم.

إن الشعر القبائلي، باعتباره نوعا من أنواع الشعر الشعبي الجزائري، له أهميته في التراث الوطني، وتأتي كلمة "أزفرو"بالقبائلية مرادفة لكلمة شعر باللغة العربية. يقول جون عمروش عن الشاعر القبائلي في مقدمة كتابه ما يأتي: "إن الشاعر القبائلي هو صاحب موهبة الشعر، بمعنى أنه جعل ما ليس واضحا، بينا ومعقولا.. سواء كان "أمداح أو أفراح".. فهو يلعب دورا اجتماعيا معتبرا، وله رسالة مهمة للإيصال، فهو من بين ذلك بعيد الشدو، وصاحب بصيرة". يعد الشاعر سي محند أومحند أحد رموز الشعر الشعبي القبائلي، إذ ترجم البؤس والتشرد الذي طبع حياته في جميع أشعاره.

وعاش سي محند فترة المقاومة الشعبية سنة 1871 م في منطقة القبائل، والتي أدت إلى تشريد أفراد عائلته، وإعدام أبيه، ونفي عمه وآخرين من عائلته إلى كاليدونيا الجديدة، أضف إلى هذه العوامل، حجز أملاك عائلة سي محند، مما جعل هذا الشاعر الثائر يعكس في أشعاره، الألم الذي عانه وما نتج عنه من تشرد، وضياع، ومغامرة بين منطقة القبائل، وعنابة، والبليدة، وتونس وغيرها.

سي محند أومحند، واسمه الحقيقي محند حمادوش، شاعر وفيلسوف قبائلي، ولد في حوالي سنة 1845 م بقرية إشرعيوين بمنطقة تيزي راشد (التابعة إداريا للأربعاء ناث إيراثن) في ولاية تيزي وزو، حارب الاستعمار الفرنسي بشتى الوسائل، بحيث حرض سكان منطقته على الوقوف في وجهه والكفاح من أجل التحرر، ونتيجة لذلك، قامت السلطات الفرنسية باعتقاله وتعذيبه، ثم قامت بنفي أفراد من عائلته وأقربائه إلى كاليدونيا الجديدة، غير أن الشاعر سي محند ظل يدعو إلى التحرر من خلال أشعاره، والقضاء على الاستعمار الغاشم. وتوفي سي محند في حوالي سنة 1906 م بمنطقة عين الحمام، ولاية تيزي وزو. يذكر أن سي محند أو محند كان يلقي أشعاره عفويا، أي أنها لم تكن مقيدة كتابيا في البداية، وهناك من يقول إن بعض هذه الأشعار تبقى مجهولة إلى غاية اليوم، وإن ما حظينا بمعرفته، يتمثل فقط في الأشعار التي قيدها الأدباء والمختصون الذين تعرضوا للحياة الشعرية لسي محند.

يتناول سي محند في أشعاره موضوعات عديدة كالمرأة والوحدة والتشرد والألم والحب والتاريخ الأمازيغي، والقيم الاجتماعية والكفاح ضد المستعمر الفرنسي. للتذكير، ظل المحاضر الدكتور خالد العيقون يطالب بضرورة جمع التراث الشعبي الجزائري، وتصنيفه، ومن ثمة إدراجه في المنظومة التربوية، خاصة أنه مهدد بالاندثار لولا جهود البعض في الحفاظ عليه ونقله إلى الأجيال. يعتمد المحاضر في هذا اللقاء، على نموذج الشاعر سي محند أو محند بالتعريف بمسار حياته الاجتماعية والثقافية، ودراسة عينات من شعره ومركزة على الوحدة النصية الاستهلالية، التي غالبا ما تستهل بصيغة دينية، مثل؛ بسم الله، الحمد لله أو سبحان الله، أو وحدة نصية لغوية كالاستهلال بحرف من الحروف الهجائية.

أو صيغة ذات دلالة وطنية، كالاستهلال باسم مدينة من المدن الجزائرية، التي زارها الشاعر أو مر بها، مثل مدينة الجزائر العاصمة، عنابة، البليدة والبويرة وغيرها، وتركز الوحدة الاختتامية على الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل.