الحاج ملياني يعود لمسرح وهران

وقفة عند آخر كتاب للأنثروبولوجي المتمرس

وقفة عند آخر كتاب للأنثروبولوجي المتمرس
الإعلامي والناقد الصحفي بوزيان عاشور
  • القراءات: 1275
  مريم . ن مريم . ن

نشط الإعلامي والناقد الصحفي بوزيان عاشور، مؤخرا، بالمسرح الجهوي "عبد القادر علولة" في وهران، جلسة قراءة خصصها لآخر كتاب ألفه الراحل الحاج ملياني بعنوان "ممارسة المسرح في زمن حرب الجزائر 1952-1962"(150 صفحة)، الصادر مؤخرا عن "الكراسك"، وتناول بالتفصيل حال المسرح الجزائري إبان العشرية الأخيرة من تواجد الاحتلال الفرنسي بالجزائر.

يعرض الكاتب (توفي في جويلية الفارط) موضوعا مهما، كونه يؤرخ بشكل علمي لهذه الفترة من مسيرة المسرح الجزائري، ويعود المؤلف في البداية وبشكل مقتضب، إلى فترة الأربعينات، وما كان فيها من حركة فنية بلغت الإبداع، علما أن المسرح الجزائري، أو كما كان يسميه المستعمر، بالمسرح العربي، كانت له عروضه، وكان يدخل فنانوه وتقنيوه لدورات تكوينية متعددة، وكانت هناك إنتاجات مشتركة مع المسرح الأجنبي، وحتى الفرنسي. تطرق الكاتب (كتب مقدمة الكتاب الأستاذ أحمد شنيقي) إلى فناني هذا المسرح ونجومه، الذين التحقوا فيما بعد بالثورة التحريرية، وانخرطوا في جبهة وجيش التحرير كمناضلين وأعضاء في فرقة جبهة التحرير، مؤكدا أن أغلبهم تكونوا على أيدي مختصين أجانب في التمثيل والإخراج والتأليف، ثم أصبح هؤلاء الفنانون المناضلون مشرفين على المسرح الوطني بعد الاستقلال.

الكتاب يحمل أسلوبا أكاديميا، لكن بقراءة ممتعة، وقد أكد مؤلفه أن هذه الفترة شهدت نوعين من الممارسة المسرحية، إحداها محلية جزائرية هاوية تسمى بـ"الفرق العربية"، تستمد مادتها الفنية من التراث ومن كلاسيكيات المسرح العالمي، تعتمد على الارتجال الذي أصبح قوتها، بالتالي كانت عروض نفس المسرحية تختلف من مرة لأخرى، كما كانت هناك أخرى أوروبية، منها فرقة "هنري كوردور"، وتعمل على الترقية الثقافية. للإشارة، فإن الراحل ملياني كان أستاذا جامعيا في الأدب، ومدير البحث بـ"الكراسك" (المركز الوطني للبحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية)، وله عدة مؤلفات منشورة في الجزائر وبالخارج، منها في الغناء والموسيقى الشعبية، وفي السينما والمسرح والأدب والتاريخ والأنثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية، كما لم يكن الراحل مراقبا ومتابعا للشأن الثقافي وكفى، بل كان فاعلا فيه.

بالنسبة للمسرح، كان الراحل ملياني عضوا في فرقة مسرحية هاوية بوهران في سنوات السبعينات، كان لها حضورها المميّز عند الجمهور، ثم أصبح ملياني موظفا بالمسرح الجهوي في وهران مكلفا بالاتصال، وشارك في تأسيس المسرح الجامعي، تحت إشراف الراحل مصطفى كاتب، ومارس أيضا النقد الفني من خلال مقالاته المنشورة في الصحف والمجلات. كما دخل الراحل ملياني المجال الأكاديمي كأستاذ جامعي، تكفل بمادة المسرح التي أدخل عليها جانبا من إبداعه.

للتذكير، يحمل الموسم الثقافي (2021-2022) لـ"النادي الأدبي للمسرح" اسم الأكاديمي والناقد المسرحي والسينمائي الراحل، حاج ملياني، الذي وافته المنية في جويلية الماضي، تكريما لما قدمه من خدمة للفن والتراث الجزائري، حيث أطلق المسرح الجهوي "عبد القادر علولة" اسم الفقيد على جميع الأنشطة المبرمجة في هذا النادي، الذي يستقبل المبدعين من شتى الفنون.